الهيني: القانون متخلف

< هل يمكن اعتبار ممارسة الجنس حرية فردية؟ < تعتبر حرية ممارسة الجنس حرية فردية طالما أنها تمارس في فضاء خاص، وليس بالشارع العام، فهي جزء من الحياة الشخصية للإنسان، ولا يمكن إجراء أي رقابة عليها لاتصالها بحرية الانسان بإشباع غرائزه الفطرية الطبيعية التي لا يستساغ التضييق عليها، طالما أنه لا يضار بها الغير أو المجتمع، وبالتالي فممارستها في فضاء خاص تعني الحميمية وتعتبر حياة خاصة لا صلة لغير أطرافها بها. إن اعتبارها حرية فردية مقيدة بشرطين هما عدم ممارستها في الشارع العام وأن تكون بين بالغين وبشكل رضائي، وإلا عدت جريمة بانتقالها للعلنية أو خرقها للرضائية أو إضرارها بالقاصرين. وهنا أتفق مع وزير العدل أوجار الذي قال وبوضوح أنه يجب أن ننتصر للحرية دائما، واحترام الحياة الخاصة والشخصية، وممارسة هذه الحرية لا يجب أن يتجاوز الفضاء الخاص. فإذا كانت اختيارات المواطنين هي ممارسة الحريات، فإنه لا يجب أن تمارس في الفضاء العام، فالعلاقات الجنسية الرضائية مثلا بين راشدين بدون عنف فيم تعني المجتمع؟ ولكن يجب احترام الآخرين عند ممارستها. < ولكن القانون يمنع هذه العلاقات؟ < إن تعلق الحريات الفردية بالحماية الخاصة يفرض نفسه، ليس فقط بأنها حرية، وإنما أيضا لاستحالة ممارسة أي رقابة عليها، فهل سنقوم بتفتيش كل المنازل لمنعها، وهذا شيء لا يمكن تصوره أو مجرد تخيله. فالقانون يعاقب على تمظهرات الأفعال أي خروجها إلى الحيز العام، ولا يعاقب عما هو غير علني، لا يثير أي ضرر للأفراد أو المجتمع. فالواقع أن هذه الحريات الجنسية تمارس وبشكل واسع، وفي الأماكن المغلقة، ويتم التطبيع معها مجتمعيا في الوقت الذي مازال القانون يحظرها، وهذا قمة التناقض والنفاق باسم القانون، مما يجعل أجهزة السلطات الأمنية والقضائية في حرج كبير، لأنه باسم أي قانون تتم إحالة بعض الاشخاص للعدالة دون آخرين؟ ولماذا سنفتش منزلا دون آخر؟ في انتهاك لمبادئ المساواة وعدم التمييز. إن القانون متخلف عن ركب تطور المجتمعات، فالقانون الذي يحرم المس بالحياة الخاصة هو نفسه يبيح المس بها في مجال الحريات الجنسية، وكأن ما يعطيه لك باليد اليمنى يسحبه باليد اليسرى. < ولكن ألا ترون أن القانون يلبي رغبة المجتمع الرافض لتلك الحريات؟ < إن القانون يجب أن يساير الواقع المجتمعي والتطور الدستوري والقانوني في حماية الحياة الخاصة، من انتهاك، فللمنازل أسرار وحرمات وانتهاكها أفدح من أي خرق. فمشروع القانون الجنائي يعاقب على الفساد بالحبس او الغرامة بما يعنيه ذلك من الإقرار ولو بصفة محتشمة بعدم واقعية هذه الجرائم، لدرجة أنه يمكن العقاب عليها بالغرامة فقط. الشيء نفسه بالنسبة إلى السكر العلني، الذي تم إلغاؤه والاقتصار على تجريمه في حالة وجود عنف أو ضوضاء بالشارع العام. فعلى القانون الجنائي أن يتصالح مع المجتمع وأن لا يعاقب إلا على الجرائم التي تمس النظام العام، وأن يبتعد عن كل ما يدخل في الخصوصية والحميمية، لأن حمايتها أيضا يجب أن تكون من متعلقات النظام العام، فالقانون ليس معطى دينيا أو أخلاقيا يتعلق بصلة الانسان بخالقه، بل هو معطى قانوني يتصل بما هو يضر الناس وليس ما ينفعهم، ويقوي أواصر المحبة بينهم وفقا لرغباتهم التي يتعين احترامها، فحتى القانون الجنائي الإسلامي لا يعاقب إلا عن الزنا العلني المشهود به، ولا يتحدث عن الزنا الرضائي السري طبقا لقاعدة إذا ابتليتم فاستتروا. *محام بهيأة المحامين بتطوان أجرت الحوار: كريمة مصلي

الهيني: القانون متخلف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قلق الزوجة ودقتها يؤرقان الزوج

الجنس الرضائي ... الحرب الطاحنة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات