“ياسمينة” بحلة جديدة
تصاميم مستوحاة من حدائق الأندلس ومساحات إضافية بعد تحرير الملك العام
بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات ونصف على انطلاق أشغال «مشروع حديقة الجامعة العربية»، شارفت الحديقة العتيقة للعاصمة الاقتصادية، الموجودة بمحاذاة شارع مولاي يوسف، على فتح أبوابها، من جديد، في وجه العموم، مرتدية حلة عصرية، تعيد بمعايير حديثة، ذكريات الزمن الجميل لأسوار هذه المعلمة التراثية التي طالها التهميش، وبهتت معالمها بعدما تحولت إلى مرتع للمتسكعين ونقطة سوداء للدعارة وإيواء المتشردين والكلاب الضالة. في هذه الورقة سنطلعكم على كواليس أشغال إعادة التهيئة، ونقربكم من الشكل النهائي لواحدة من أكبر وأقدم حدائق المغرب.
وصلت أشغال إعادة هيكلة حديقة الجامعة العربية، المنطلقة في يناير 2016، إلى مراحلها الأخير، باستكمال تهيئة المقاهي المطلة على شارع مولاي يوسف، ووضع اللمسات الأخيرة على التصور النهائي المستلهم من تصميم حدائق الأندلس القديمة، حيث يرتقب إعادة افتتاحها في مارس المقبل، بعد أن بلغت نسبة تقدم أشغالها إلى 97 في المائة، وفق ما أعلنته شركة التنمية المحلية «البيضاء للتهيئة»، المشرفة على المشروع.
وأكد لنا رئيس إحدى ورشات البناء القائمة على تشييد المقاهي الجديدة، أن الأشغال «شارفت على الانتهاء، ولم يتبق سوى تهيئة جنبات الحديقة، بما يشمل غرس الأشجار وإقامة سياج حولها، ثم استكمال أشغال المقاهي والأكشاك، التي ستستغرق حوالي 3 أشهر، بعد إنهاء تجهيز الفضاءات الخاصة بألعاب الصغار، وبممارسة الرياضة».
اللوك الجديد
بعد مرور بضع سنوات عجاف، فقدت فيها أقدم حديقة في البيضاء رونقها وقيمتها الثقافية، هاهي ذي حديقة الجامعة العربية تستعيد نضارتها وتظهر في حلة بهية، و»لوك جديد»غني بالمساحات الخضراء، التي تتوسطها ممرات خاصة بأشجار النخيل، وسقايات مصنوعة من الزليج البلدي، ومزخرفة بأشكال هندسية بالغة الدقة والإتقان، ثم برك الماء، والنوافير الممتدة على طول الحديقة، وغيرها من التفاصيل المعمارية التي توحي لزائرها أنه في إحدى الجنان الأندلسية العريقة.
وفي السياق ذاته، أفاد رئيس ورشة البناء، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن إعادة تأهيل هذا الفضاء التاريخي، قد شمل تزويده بأحدث التجهيزات التقنية والترفيهية، ومعالجة الأغراس، وإعادة تهييئ وتجديد البنيات التحتية الأساسية كالطرق، والإنارة، والري، وتجهيزات الصرف الصحي و المراحيض، فضلا عن تهيئة فضاءات خاصة بالأكل والرياضة، وتوزيع الألعاب على جميع مرافق الحديقة، التي تصل مساحتها إلى حوالي 30 هكتارا، بعد إزالة المجمع الترفيهي «ياسمينة»، الذي حوته في زمن مضى.
استرجاع الملك العام
أضاف محدثنا أن الشركة المشرفة على المشروع، تمكنت من استعادة جميع فضاءات الحديقة، بعد سنوات من استغلال الملك العام، والاستحواذ على أكثر من نصف مساحتها الأصلية من طرف بعض المباني والمقاهي، التي تم هدمها منذ أزيد من شهر، إضافة إلى إعادة رسم حدودها المندثرة بفعل الإهمال، وتوحيد جزأيها، ثم انفتاحها على باقي المعالم التاريخية المحيطة بها، كحديقة «لاكازا بلونكيز» المفوض تهيئتها إلى وزارة الشباب والرياضة، وكنيسة «القلب المقدس» المجاورة، التي واكبت أشغال ترميمها مراحل إعادة هيكلة الحديقة.
ولعل أبرز المشاكل التي ساهمت في تأخر افتتاح الحديقة، بعد أن كان مرتقبا في مارس الماضي، عملية استرجاع أراضيها المحتلة من طرف أصحاب المقاهي والعاملين فيها، الذين عرقلوا مسار الأشغال، واحتجوا على مصيرهم بعد هدم المحلات، إلا أن محدثنا أكد تكلف الشركة بالتعويضات المادية للنوادل وأصحاب المقاهي، التي ستعوض بدورها بمحلات جديدة، أربعة منها على طول شارع مولاي يوسف، والخامس بمحاذاة شارع الراشيدي، غير أنها ذات مساحة أصغر من المقاهي السابقة.
10 ملايير
يشار إلى أن كلفة المشروع بلغت 100 مليون درهم، ساهمت فيها جماعة البيضاء، وجهة البيضاء سطات، ووزارة الداخلية عبر المديرية العامة للجماعات المحلية، بـ 45 مليون درهم، و35 مليون درهم، و20 مليون درهم على التوالي. كما يسهر حاليا أزيد من 40 عاملا على استكمال المراحل الأخيرة من الأشغال، أملا في ضخ الهواء النقي من جديد في «رئة البيضاء»، وفتح أبواب الحديقة أمام الزوار في الموعد المرتقب، دون أي تأجيلات.
يسرى عويفي (صحافية متدربة)