فاس من أبوابها: باب الفتوح… أقدم الأبواب

لكل واحدة من 47 بابا تاريخية بفاس العتيقة، قصة تأسيس وميلاد وماض شاهد على حقب بهية وزاخرة من أعماق 12 قرنا عمر مدينة يشتم من أسوارها ونفائس عمرانها، عبق تاريخ يحتاج إماطة اللثام ووقفة تأمل مستشرفة لمستقبل منفتح على رقي حضري يشرع أبوابها المفتوحة على آفاق واعدة ورحبة. حميد الأبيض (فاس) شكل بوابة دخول وخروج الجيوش للمناطق الشرقية ونقطة عبور آمنة للبضائع لكل واحدة من 47 بابا تاريخية بفاس العتيقة، قصة تأسيس وميلاد وماض شاهد على حقب بهية وزاخرة من أعماق 12 قرنا عمر مدينة يشتم من أسوارها ونفائس عمرانها، عبق تاريخ يحتاج إماطة اللثام ووقفة تأمل مستشرفة لمستقبل منفتح على رقي حضري يشرع أبوابها المفتوحة على آفاق واعدة ورحبة. يعتبر باب الفتوح أقدم أبواب فاس التاريخية، بناه الإمام إدريس بن إدريس في عدوة الأندلس، وسمي "باب المغراوي الزناتي" المكنى "باب الفتوح"، السلطان الذي حكم عدوة الأندلس آنئذ، ويقع قريبا من باب الحمراء أو "باب الجزيين" الواقع في اتجاه باب الحديد الذي بني في عهد الدولة المرينية. وذكر كتاب "تاريخ مدينة فاس من التأسيس إلى أواخر القرن العشرين"، أن الأمير فتوح بن دوناس أقام باب فتوح تعويضا عن باب القبلة الإدريسي الذي كان تهدم في بعض الفتن، بعدما أقامه الإمام إدريس في "جرواوة"، على غرار أبواب الفوارة والمخفية والفرج والشيبوبة والفصيل والنقبة وأبي سفيان. وكان للصراع المحتدم بين فتوح الذي خلف والده دوناس بن حمامة أحد سلاطين دولة مغراوة الأمازيغية، في الحكم طوال ثلاث سنوات بدءا من 1059 للميلاد، وأخيه الأصغر دوناس نازعه في الحكم، دور كبير في بناء باب باسمه أحد أبواب سور فاس والبوابة الرئيسية لفاس البالي جهة الشرق. بوفاة دوناس المغراوي في 1060، تولى فتوح شؤون فاس، لكن طموح أخيه عجيسة دفعه للثورة عليه والاستقلال بعدوة القرويين حيث بنى قلعة حصينة مع بابها للدفاع عنها، لينطلق صراع مرير بين أخوين فرقتهما المصالح الشخصية، وفتحا بابين باسميهما، لتعزيز وسائل الدفاع مدينة كل واحد منهما. حينئذ اختار فتوح بابا تنفتح فيها عدوة الأندلس التي حكمها، على محيطها والطريق المؤدية حاليا إلى منتجع سيدي حرازم، فيما ثار أخوه عليه واستقل بذاته متخذا عدوة القرويين، موطنا لحكمه، دون أن يمنع ذلك اندلاع حرب ضروس بينهما بنى الثاني في عز احتدامها، بابا سماه "عجيسة" تيمنا باسمه. وورد في كتاب "نبضات من قلب فاس" لمؤلفه محمد معنى السنوسي، أن هذا الباب بناه الإمام إدريس بن إدريس وحمل اسم "حصن سعدون"، مؤكدا أن عجيسة الزناتي حاكم عدوة القرويين، أعاد بناءه، مؤكدا أن الإمام إدريس سار بالسور لبداية أغلان في اتجاه فندق اليهودي والبليدة، وجدد بناءه يعقوب المريني. لكن ناس فاس سرعان ما أسقطوا العين من "باب عجيسة" وعوضوها بالألف واللام، بعد هزيمة عجيسة في حربه مع أخيه فتوح، ليصير اسمه "الجيسة" مترددا إلى الآن، فيما حافظ "باب فتوح" على تسميته الشبيهة بأحد أبواب سور القاهرة، على غرار بابي الخوخة والمحروق، دليل دخول تجار مغاربة. ويشهد باب الفتوح على مجموعة ثانية من الأبواب المثبتة بأسوار عدوتي فاس، بعد تلك الأبواب الستة التي ثبتت إبان تأسيس المدينة في العهد الإدريسي، سيما باب الكنيسة في الشمال الشرقي للعدوة الشرقية، و"الشيبوبة" نسبة إلى معبد حارة المجوس، في الغربّ، حسب ما أورد ذلك ابن أبي زرع الفاسي. وقام باب الفتوح منذ تشييده، بأدوار تاريخية مهمة اكتست طابعا عسكريا واقتصاديا وتواصليا على غرار كل أبواب فاس، إذ شكل بوابة دخول وخروج الجيوش للمناطق الشرقية، ونقطة عبور آمنة للبضائع والسلع الواردة على المدينة من المناطق المجاورة، دون أن تتأثر أدواره الوظائفية بالفتن والحروب. وعكس أبواب أخرى أغلقت بسبب المجاعات والفتن التي عرفتها فاس في مختلف القرون، فهذا الباب استمر في أداء أدواره قبل أن يعرف تحولا كبيرا إبان حكم السلطان العلوي مولاي سليمان الذي أمر بفتح باب آخر إزاءه وبحجم أكبر وبمواصفات أفضل من ذاك القديم الأصغر حجما وسعة للمرور. ويشكل هذا الباب التاريخي الذي شملته عمليات ترميم وتزيين في فترات مختلفة سابقة، واحدا من المعالم الأثرية والتاريخية التي أبدعها المغاربة وأبانوا فيها عن براعتهم في مجال الفن المعماري، ليس فقط فيه، إنما في كل الأبواب الجاثمة بأسوار فاس، بينها باب السمارين.

فاس من أبوابها: باب الفتوح… أقدم الأبواب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فضيحة هزت أركان الوقاية المدنية: أكتوبر 2015... التاريخ المشؤوم

البازلاء مفيدة لـ"الريجيم"

مقالات ذات صلة