حين يتحول المحامي إلى ملاكم

كسر أنف صحافية وسباب تجاه زملاء آخرين في حرمة المحكمة مشهد مرعب ذلك الذي عاش فصوله الجسم الصحافي، أول أمس (الأربعاء)، إثر اعتداء شنيع تعرض له زملاء صحافيون على يد محام من هيأة البيضاء في بهو محكمة الاستئناف، على هامش مجريات محاكمة مدير نشر جريدة "أخبار اليوم". محام لم يحترم حرمة المحكمة، ولا البذلة التي يرتديها، عمد إلى الاعتداء على صحافيين، حين انهال بالسب على أحدهم، وحاول صفع آخر، لينهي مسلسل اعتداءاته بكسر أنف زميلة صحافية من موقع "شوف تيفي". بعدما رفع رئيس هيأة المحكمة بغرفة الجنايات باستئنافية البيضاء الجلسة، للاستراحة، في حدود السادسة وخمسين دقيقة مساء، بطلب من المحامين، دخل المحامي "الملاكم" في شنآن مع زميل صحافي، منتصرا لمحام آخر، في ترجمة واقعية لمقولة "انصر أخاك ظالما أو مظلوما". لم يكن أحد يتوقع أن يتطور الأمر إلى توجيه المحامي عبارات نابية إلى الزميل الصحافي، ونعته بـ "الحمار"، الشيء الذي لم يتقبله باقي الزملاء، إلا أن المحامي استشاط غضبا، وظل يكرر الكلمة نفسها، في تحد صارخ وفي احتماء بالبذلة التي يرتديها والتي يعتبر أنها ربما تعطيه الحق في سب باقي المواطنين والاعتداء عليهم، ناسيا أو متناسيا أن الفصل السادس من الدستور جاء فيه أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له"، يعتبر جميع المواطنين سواسية ولا أحد فوق القانون. وإذا ظن المحامي أنه تضرر من شيء فما عليه إلا سلك الطرق القانونية التي يراها مناسبة. وأمام هذا الوضع الذي علا فيه الصراخ توجه المحامي نفسه إلى زميل ثان ليسلبه هاتفه عنوة محاولا صفعه، ومستمرا في السباب نفسه. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد استمر المحامي في الصراخ والسباب وكأن بينه وبين الصحافة خصومة وثأرا، ليطيح بضحيته بالضربة القاضية، بعد أن كسر أنفها، عندما كانت توثق الواقعة بهاتفها المحمول، ثم غادر مسرح جريمته دون مساءلة. ظلت الصحافية تئن في مكانها ليتم إسعافها في المحكمة، لكن حالتها ظلت تسوء، وعلى الساعة الحادية عشرة إلا ربع ليلا، تم نقلها إلى المستشفى ليتضح، بعد الفحص، أنها أصيبت بكسر في أنفها، لا لشيء إلا لأنها كانت تقوم بواجبها المهني. قد يقول البعض إنها حالة شاذة، والشاذ لا يقاس عليه، لكن هذه ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها الصحافيون لإهانات من قبل هيأة الدفاع حتى في مرافعاتهم، إذ يتم نعتهم بأوصاف قدحية، والصحافيون يعتبرون أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خلاف في الرأي الذي لا يفسد للود قضية، لكن هذه حالة لا يجب أن تمر دون أن يتم الوقوف عليها بشكل جدي من قبل هيأة المحامين بالبيضاء، الذين يحسب لهم ما قاموا به سواء من خلال تدخل النقيب السابق عبد اللطيف بوعشرين أو من خلال النقيب الحالي حسن بورواين، الذي التزم بإيجاد حل للقضية، حتى لا يتكرر الاعتداء نفسه وحتى لا تتسع الهوة. أن تكون محاميا وتحمل رسالة الدفاع، عليك أولا وقبل كل شيء أن تتحلى بأخلاق عالية، وأن تحترم القسم والمهنة التي تنتمي إليها والبذلة التي ترتديها وكل ذلك تحت طائلة التأديب في حال الإخلال بها، حسب ما ينص عليه الفصل 61 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، الذي يفيد أنه "يعاقب تأديبيا، المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني". كريمة مصلي

حين يتحول المحامي إلى ملاكم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

تفكيك عصابة "الفراقشية" بمديونة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات