< هل يمكن أن يقع الأشخاص المسنون في الحب؟ < لنكن واضحين، كل شخص بإمكانه الوقوع في الحب، أيا كان عمره، فلا أحد بمقدوره التحكم في قلبه، أو في مشاعر تنتابه في لحظة معينة، ذلك أن الحب ليس له سن، كما لا علاقة له بالإرادة، أو يخضع لمنطق الزمان والمكان، بل هو مرتبط فقط بأحاسيس لا علاقة لها بالقرار. وأنا بإمكاني أن أتحدى أيا كان بمقدوره القول إنه كان واعيا عندما أحب شخصا ما وأنه اتخذ قرار أن يحب ذلك الشخص دون غيره، فمشاعر الحب لا علاقة لها بالمنطق أو بالعلاقة السببية إذ يمكن أن تتم، في أي لحظة وحين وتجاه أشخاص لا تربطنا بهم أي قواسم مشتركة، عكس مشاعر الكره، التي تكون في الغالب ناتجة عن أسباب معينة يمكن سردها. ما يقع، هو أنه في بعض الأحيان، وأنا هنا لا أطلق أحكاما بل فقط بصدد نقل واقع معيش، قد يحدث أن نحب أشخاصا هم على النقيض التام من شخصيتنا أو محيطنا أو الثقافة السائدة، إذ يمكن مثلا أن تحب امرأة تجاوز عمرها الستين شابا في الثلاثينات، أو أن يعشق ستيني شابة في العشرينات ويقررا الارتباط في علاقة زواج. وبمقدوري التأكيد أن الأمر يخص علاقة حب ومشاعر يكنها الطرف الأول للثاني بعيدا عن أي أهداف مادية، بل الأمر مرتبط فقط بشعور الحب الذي يولد مع الإنسان ولا يفارقه إلا عند الممات. < لماذا برأيك يرفض المجتمع علاقات الحب بين أفراد متقدمين في السن؟ < المشكل الحقيقي في كون الحب لدى أشخاص تجاوزوا الخمسين أو ستين سنة، هو أن المجتمع مازال يربط الحب بالجنس، وبما أن الجنس يبقى في العموم واحدا من الطابوهات السائدة، فإن أثره يبدو أكبر بالنسبة إلى أشخاص أعمارهم متقدمة. المشكل الثاني الذي يساهم في رفض المجتمع لمثل هذه العلاقات هو ربط الجنس بالإنجاب، كما لو كان دور الجنس منحصرا أساسا في ضمان النسل، وفي حالة الأشخاص المسنين، الإنجاب غير ممكن، هذا ما يجعل علاقاتهم بالتالي مرادفا لتحقيق المتعة، التي تزعج مجتمعا، لم يستوعب بعد أن الجنس له دوران، أولهما الإنجاب، والثاني التعبير عن حب الذات أولا وحب الآخر. هذا المجتمع نفسه، يتناسى أن أي شخص هو بحاجة إلى الحب من الحياة إلى الممات، وأن أكثر ما يبحث عنه الأشخاص المسنون الذين وقعوا في حب شريك ثان، بعد انفصال أو فقدان الأول، هو الخوف من الوحدة والموت بمفردهم، علما أن هناك قرى وقبائل لا ترى عيبا في أن تتزوج مثلا امرأة مسنة من جديد بعدما توفي زوجها. وأعتقد أنه من غير المعقول حرمان شخص فقد شريكه في تأسيس حياة جديدة، علما أن المشكل يكون في الغالب مشكل أبناء الزوجين، الذين هم أول من يرفض هذه العلاقة، علما أنهم غير معنيين بها لأن آباءهم أنهوا أدوارهم ومهامهم تجاههم. < ماذا عن الجانب الجنسي في علاقة المسنين؟ هل بإمكانهم تلبية احتياجاتهم واحتياجات الشريك الجنسية؟ < صحيح أن العلاقات الحميمية، تصبح صعبة أكثر لدى الأشخاص المتقدمين في العمر، بفعل نقص الهرمونات، لكن، مع التقدم العلمي الحاصل، أصبح هناك العديد من العلاجات والأدوية، التي تسمح بخلق حياة جنسية متوازنة وسعيدة للزوجين اللذين تقدما في العمر. أمر آخر وجبت الإشارة إليه يكمن في أن الزواج بعد الخمسينات لا يكون بهدف الإنجاب أو تحقيق الذات، بل يكون زواج الإنسان، أي تبادل مشاعر المودة والرحمة والتآلف والحب. أجرت الحوار: هجر المغلي * (اختصاصية العلاج النفسي والجنسي)