منتخبون يستبيحون خزائن الدولة

نهب للأراضي وتلاعب في وثائق التعمير و40 مليارا من الدعم السنوي في مهب الريح حطم زعماء وقادة الأحزاب السياسية المغربية، سواء الذين ينشطون مركزيا في البيضاء والرباط أو في مختلف الجهات والأقاليم والعمالات، الرقم القياسي من خلال تنويع مواردهم المالية، سواء تلك المتأتية من الدعم العمومي السنوي، أو التي ترتبط بالدعم الخاص بالانتخابات، أو من خلال ميزانيات الجماعات الترابية، إذ حصلت الأحزاب مثلا خلال 2015 على دعم مالي قدره 37.5 مليار سنتيم متأتية من جيوب المواطنين دافعي الضرائب و3 ملايير خاصة بالانتخابات. ولا يوجد مقياس لمعرفة أوجه صرف تلك الأموال، إذ أن زعماء أحزاب وقادة أصبحوا أغنياء طيلة 3 عقود من الزمن بفضل الدعم الذي حصلوا عليه، قبل أن تبادر الدولة إلى وضع آليات للمراقبة من قبيل المجلس الأعلى للحسابات الذي يدقق في الميزانيات ويحصي أنفاس الصناديق الحديدية التي توضع فيها الأموال نقدا لقضاء أغراض غير قانونية عن طريق تقديم رشاو للحصول على معلومات قيمة. وأخطر ما قام به المنتخبون الذين حملهم الناخبون أمانة الدفاع عن حقوقهم المشروعة والعمل على تحسين أوضاعهم الاجتماعية، هو محو فقرهم وفقر عائلاتهم والانتقال من حالة الفقر إلى الغنى بل التطاول على القانون، وحيازة صفة الشخصية النافذة التي تستفيد من خيرات البلاد في البحر والجو والبر، ولا تترك شيئا يقتات به المواطنون، إذ تجدهم ملاكي العقارات والضيعات والأسهم، والأموال والأصول التجارية، بينهم برلمانيو الغرفتين بالنواب والمستشارين، ورؤساء ومستشارو الجماعات المحلية الحضرية والقروية والبلديات، ورؤساء ومستشارو مجالس الأقاليم والعمالات، ورؤساء وأعضاء المجالس الجهوية على الخصوص. وتمكن ممثلو الشعب محليا وجهويا، من مراكمة الأموال طيلة 3 عقود، إذ سطوا حتى على الحدائق العمومية، إذ في البيضاء يتم تسييج حديقة أو مساحة خضراء لتوسيع الطريق لكن بعد مرور شهرين، تظهر علامات البناء الإسمنتني، وطبعا تنبت العمارة التي يكون مالكها هو رئيس البلدية، بتواطؤ طبعا مع السلطات المحلية، فيتم الحفاظ على اسم الحديقة، الذي يطلق على العمارة. ويحصل ممثلو الشعب في الجهات والأقاليم على معلومات من مؤسسات عمومية يحولونها إلى أرباح بالملايير، كما هو الحال بالنسبة إلى القرارات الصادرة عن الوكالات الحضرية، تفيد أن أراضي فلاحية، ستدخل حتما المدار الحضري، في إطار هيكلة معمارية وإعداد ترابي للمدينة التي تتوسع بفعل ارتفاع النمو الديمغرافي جراء الهجرة القروية، وغياب التنظيم الأسري لفئات الفقراء والمهمشين، فيتهافت المنتخبون على اقتناء البقع الفلاحية في أسرع وقت ممكن، والأمر ينسحب على بيوعات المحاكم التي تنشر في بعض وسائل الإعلام قليلة الطباعة، ما يجعل التنافسية ضعيفة، إذ يصبح نوع من احتكار المعلومة. ويقتني المنتخب المحلـي تلك الأراضي الفلاحية بأثمان بخسة من فلاحين معوزين، يتفاوض معهم كي يجد لهم مكانا بضواحي المدن، عبر تشجيع السكن الصفيحي، بمنحهم "براريك" ب5 ملايين سنتيم، على أمل إعادة إسكانهم من جديد في سكن اسمنتي حينما سيطبق برنامج محاربة مدن الصفيح، مع شرط أن يصوتوا له في كافة الاستحقاقات الانتخابية، كي يبقى سندا لهم بمدهم بالكهرباء والماء مجانا، وهكذا يحول المنتخب المحلي الأرض الفلاحية إلى أراض لبناء العمارات وبيع الشقق للسكان الوافدين على المدن سواء الموظفين أو كبار الأطر بالشركات التي ستستوطن المنطقة الصناعية، وقد تكون إحدى شركاته أو مساهما في بعض منها. ولا يدافع المنتخبون في الواقع إلا عن مصالحهم الخاصة، فإذا كانوا من فئة مصدري الخضر والفواكه، سيدافعون دائما على أهمية دعم قطاعاتهم، ويحرصون على أن يكونوا أول مستفيد من الدعم العمومي أو من الامتيازات الضريبية التي تتيحها المراجعات السنوية. أحمد الأرقام تجارة بالمناصب والحقائب استفاد قادة أحزاب بينهم من كان معارضا للنظام الملكي، بشعارات أو عبر نشر مقالات بالفرنسية أو تدريس الطلبة في الجامعات قيما مناهضة للنظام السياسي المغربي، من الريع الاقتصادي، بينهم من يدافع حاليا وبشراسة عن استمرار دعم الدقيق ب3.5 ملايير درهم، ليس دفاعا عن خبز الفقراء بدرهم و20 سنتيما، الذي يرمى نصف ما ينتج منه في حاويات الأزبال، بل لأنه يعد من مالكي مطاحن الدقيق التي لا توزع كيسا واحدا في المناطق النائية على فقراء البوادي والجبال وضواحي المدن، بينما يساهم آخرون في مصانع السكر الذي يقدم له أيضا الدعم من المالية العمومية ويصدر إلى الخارج مثل الخضروات، بأثمان بخسة إذ يضيع المغرب في كميات كبيرة من الماء المستعمل لهذا النوع من المواد الغذائية الصناعية، ناهيك عن مربي العجول وصناع مواد البناء وأصحاب مقالع الرمال والأحجار الكريمة، وأصحاب رخص النقل واستغلال المرافق العمومية والغابات لتصدير الأخشاب، وبينهم من كان منذ 20 سنة فقيرا فمنحته السياسة أبواب اقتناء العمارات والفنادق والحانات والأراضي الفلاحية والغابات وأشجار مثمرة وأسهم في شركات صناعة الأدوية والتأمينات والعيادات الطبية والمدارس وغيرها.

منتخبون يستبيحون خزائن الدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مشاريع ملكية لم تسلم من عبث الأحزاب

دورة استثنائية لـ "تخوين" منافسي شباط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات