بانوراما الصيف: تجارة النساء…الوجه الجديد للاسترقاق – الحلقة التاسعة –

جيش ودعارة تغوص الكاتبة والصحافية المكسيكية ليديا كاتشو، في كتابها، «تهريب النساء»، في العالم المظلم لتجارة الجنس، لتظهر أن القوانين والمواثيق العالمية لم تتمكن من الوقوف في وجه ظاهرة استرقاق البشر، في شكلها المتمثل في الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات الصغيرات، والتي أضحت تتخذ أشكالا أكثر تنظيما تشرف عليها «مافيات» منظمة، وتحظى، في أحيان كثيرة، بحماية السلطات الرسمية. ولأجل ذلك، جابت كاتشو ثلاث قارات في تحقيق دام خمس سنوات، استمعت خلاله إلى المهربين والضحايا اللواتي يتحول كثير منهن إلى مستغلات، والوسطاء والزبناء وأعضاء في المافيا والجسم العسكري والسلطات العامة، التي تتفشى في أوساطها الرشوة بشكل كبير، كما التقت أيضا ضحايا تمكن من الخروج من مستنقع الاستغلال الجنسي.تورد «الصباح» في هذه الحلقات مقتطفات من رحلة كاتشو، التي قادتها إلى تركيا وفلسطين وإسرائيل واليابان وكمبوديا وبيرمانيا والفييتنام والأرجنتين والمكسيك، واستقت منها أزيد من مائة شهادة صادمة في بعض الأحيان، تؤكد العلاقة ما بين غنى وسلطة المستغلين، والفقر والفروق الاجتماعية التي يعانيها الضحايا. شاب أمريكي في السادسة والعشرين من العمر، ذو بنية رياضية لافتة للانتباه، اختارت الكاتبة ليديا كاتشو تسميته «أ» بعد رفضه الكشف عن اسمه. تم استقطاب «أ» من طرف الجيش الأمريكي للالتحاق بالقوات في العراق. عاد الآن إلى تكساس حيث يتبع علاجا مكثفا للتخلص من التوتر المزمن، ويحاول معرفة لماذا قام زملاؤه باغتصاب نساء وطفلات عراقيات، بينما تم إرساله ورفاقه إلى ذلك البلد من أجل نشر السلام، حسب ما كان يردد على مسامعهم. جيم، من نيوجيرسي، يملك الإجابة على هذا السؤال. كان جيم أحد أفراد البعثة الأمريكية التي ذهبت إلى حرب الفيتنام. يقول عن هذه التجربة «أن تكون جنديا، يعني أن عليك الخضوع، وأن لا تعيد التفكير في ما يقوله لك رؤساؤك في العسكرية ولا تضعه محل تساؤل أو مراجعة. يتم تدريبنا على كره شعب لا نعرفه، لدرجة لا نعود معها قادرين على اعتبار أفراده مخلوقات بشرية. يجب علينا أن ننظر إلى الأطفال باعتبارهم أعداء محتملين، ونعتبر النساء أدوات أو رهائن. بعد سنوات من إعادة التأهيل الذاتي، وممارستي لليوغا، لم أعد ذاك الشخص الذي كنت عليه شابا.... عند وصولنا إلى تايلاند، تم اقتيادنا إلى دار للدعارة تشرف عليها السلطات التايلاندية، وتضع فيها رهن إشارة الجيش الأمريكي فتيات عذراوات وفي صحة جيدة. كل الجيوش تستعمل الدعارة باعتبارها وسيلة لاسترخاء وإراحة الجنود، بغض النظر عن ما إذا كانت الفتيات موافقات على ممارستها، كنا نلهو ونستمتع ونأمل بأن تحبنا هؤلاء الفتيات وأن تعاملنا مثل الأسياد».تنفي المؤسسات العسكرية والأمنية حول العالم ما يثار من استغلالها للنساء جنسيا، رغم وجود دلائل موثقة، وذلك من أجل الحفاظ على صورتها أمام العموم. لكن إنكارها لا يغير شيئا من الواقع. فلطالما استعمل العنف الجنسي باعتباره أداة حرب، لكنها بلغت في القرن الواحد والعشرين مستويات عالية من الوحشية. ويتساءل الخبراء والمنظمات الإنسانية كيف يمكن لعناصر الجيش والأمن أن يساهموا في مكافحة الاستغلال الجنسي إذا كانوا هم أحد مستهلكيه. وفي بعض الأحيان، تم تأكد ضلوع عناصر حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في عمليات اغتصاب.خلال النزاع العسكري الذي رافق انفصال الهند وباكستان، تم اغتصاب النساء وبيعهن. بعد سنتين من انتهاء الحرب، كانت 75 في المائة من الضحايا ما زلن تحت قبضة شبكات بيع «العبيد الجنسيين»، وبعضهن كان يتم وضع علامات تميزهن على وجوههن، بالنار أو الوشم، كما العبيد الأفارقة. هؤلاء النساء ما زلن، إلى غاية الآن، غير قادرات على العودة إلى عائلاتهن التي تحتقرهن لأنهن «أسئن» إلى سمعتهن، لذلك عاد كثير منهم إلى ممارسة الدعارة، المجال الوحيد الذي يشعرن فيه بأنهن مقبولات بين زميلاتهن.وإذا كانت الحكومة اليابانية أنكرت وجود مخيمات للاستغلال الجنسي ونفت نظيرتها الأمريكية الدور الذي لعبته في تايلاند والفلبين وباناما والعراق، فذلك لأن تسيير دور الدعارة يوكل إلى جهات تعمل تحت ظل الجيش وتكلف ب»الأعمال القذرة».سنة 2006، وبينما كان جورج بوش يحاول الترويج لقانون منع استغلال البشر في العالم، كان على الجيش الأمريكي أن يتعامل بحذر أكبر مع تدبير «أر أند أر»، وتعني فترات الراحة والاستجمام، لجنودها.وكانت يومية «شيكاغو تريبيون» نشرت أخبارا حول شبكات للاتجار في البشر. وقام صحافي بسؤال مقاولين كويتيين مكلفين ببناء السفارة الأمريكية الجديدة في المنطقة الخضراء ببغداد، حيث يعيش الأمريكيون. اكتشف الصحافي أن، من بين أنشطتهم، الاتجار بالبشر، وأنه تم إنشاء عدد من دور الدعارة تحت مسميات مؤسسات للتجميل أو مطاعم صينية، وإحداها كانت تدعي أنها ملجأ للنساء. وما فتئت السلطات العسكرية تؤكد أنه يمنع على الجنود دفع المال مقابل إقامة علاقات جنسية، لكن، في الوقت الذي كانت فيه كوندوليزا رايس، كاتبة للدولة وتترأس حركة للقضاء على الاسترقاق في العالم، كان المقاولون المكلفون بتأمين الأمن الخاص في المنطقة الخضراء والمناطق المجاورة، يطلقون حملتهم عبر شبكة الأنترنت، ويدعون تقديم خدمات نساء من بيلاروسيا والصين وإيران. وفي سنة 2005، وعند عودته من العراق، صرح الجندي باتريك لاكات، أن من الممكن في بغداد الحصول على خدمات عاهرة لساعة واحدة مقابل دولار واحد فقط. لكن الذهاب إلى الإمارات العربية المتحدة هو أكثر إغراء بالنسبة إلى الجنود، حيث القوانين المتعلقة بالدعارة واستغلال النساء من آسيا الوسطى وروسيا متراخية. صفاء النوينو

بانوراما الصيف: تجارة النساء…الوجه الجديد للاسترقاق – الحلقة التاسعة –

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ندرة المراقبين تشجع المضاربات في الأسواق

بانوراما الصيف: أرقام لها مغزى 6

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات