واقعة شباط تسائل الأحزاب

تجربة زيارة أحزاب اليسار إلى السويد أكدت الحاجة إلى مقاربة تشاركية مستمرة أعادت الأزمة مع موريتانيا في ضوء تصريحات حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، سؤال الدبلوماسية الموازية إلى الواجهة ومدى قدرتها على الإسهام في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، من جهة، والمساهمة في إيجاد حلول للقضايا المستعصية، من قبيل نزاع الصحراء المفتعل. وإذا كانت انتقادات الأحزاب الوطنية تركز في تفسير عجزها وضعف مبادراتها في هذا الصدد، على انفراد الدولة بتدبير هذه المهمة، واعتبارها مجالا محفوظا للمؤسسة الملكية، فإن واقع الحال، على الأقل، خلال السنوات الأخيرة، لم يعد كذلك، إذ فتحت الدولة الباب أمام مساهمة الأحزاب السياسية والمدنية، والدبلوماسية البرلمانية، للقيام بمبادرات على أكثر من صعيد، من خلال التشاور والتنسيق مع وزارة الخارجية. ويكفي العودة إلى دور الأحزاب الديمقراطية، والتي رغم إمكانياتها المحدودة، للوقوف عند دورها في الدفاع عن القضية الوطنية ومختلف القضايا الحيوية، من خلال أداء لجن علاقاتها الخارجية ودبلوماسيتها الحزبية، سواء من خلال اللقاءات الثنائية مع الأحزاب التي تربطها بها علاقات داخل الأممية الاشتراكية أو في هيآت الأحزاب العربية، أو من خلال استضافة الوفود الحزبية في مؤتمراتها الوطنية، والزيارات المتبادلة بينها. وتظل مساهمة أحزاب اليسار متقدمة بالنظر إلى الرصيد السياسي والكفاءات التي تتوفر عليها، ومصداقيتها لدى شركائها في مختلف الهيآت الدولية. وفي استحضار لهذه الأدوار، لا بد من التذكير بالدور الذي يقوم به الاتحاد الاشتراكي اليوم من داخل الأممية الاشتراكية، في مواجهة أطروحات الانفصاليين، ومن يقف وراءهم، وهي الحقيقة التي باتت اليوم واضحة من خلال قرارات الأممية حول ملف الصحراء، إذ نجح الاتحاد الاشتراكي في إقناع الأحزاب الاشتراكية بأهمية الحل السياسي المتوافق عليه لحل نزاع الصحراء، في تطور ملحوظ بعد أن كانت تعتبر ملف الصحراء "قضية تصفية استعمار والدعوة إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي". ولا يقف دورها في هذا المستوى، بل إن مبادرات قوى اليسار أكدت نجاعتها في المساهمة، ويكفي العودة إلى مبادرة الوفد اليساري إلى السويد في أعقاب الأزمة مع ستوكهولم، إذ ساهم الوفد الذي ترأسته نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، ومحمد بنعبد القادر عن الاتحاد الاشتراكي، ورشيدة الطاهري عن التقدم والاشتراكية، والمؤرخ مصطفى بوعزيز، في توضيح الملابسات التاريخية والإنسانية لقضية الصحراء، من خلال اللقاءات الموسعة مع المسؤولين في حكومة السويد والبرلمان والأحزاب السويدية، ودحض الادعاءات التي روجها الانفصاليون في المجتمع المدني، وهي الزيارة التي أوقفت الاعتراف بجمهورية الوهم، التي كان يسعى إليها مؤيدو الجبهة. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى الدور الذي يقوم به الحزب الاشتراكي الموحد، وقبله منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، التي نجحت، في تغيير مواقف العديد من القوى العربية المساندة للانفصال، بل وإقناع عدد من قادتها أمثال نايف حواتمة زعيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بزيارة إلى العيون، للوقوف عند الجهود التنموية التي بذلها المغرب، والتي تدحض ادعاءات بوليساريو. ويواصل مركز محمد بنسعيد للدراسات والأبحاث الاستعداد لتنظيم الندوة الدولية حول الصحراء، التي تسعى إلى فتح حوار بين مختلف مكونات البلدان المغاربية، بما فيها جبهة بوليساريو، وهي المبادرة التي استدعت القيام بالعديد من الزيارات واللقاءات بالجزائر وتونس وموريتانيا وإسبانيا وفرنسا، قصد توفير شروط نجاح هذه الندوة، التي يراهن من خلالها المنظمون، على تكسير الجمود، والمساهمة من موقع مدني مستقل، في التوصل إلى حل للنزاع، وإطلاق دينامية شعبية مغاربية، لإنهاء نزاع عطل لأزيد من أربعين سنة، مسيرة البناء المغاربي. وقد أجمعت مكونات الأحزاب اليسارية، بعد مبادرة السويد، على أهمية تحريك ديبلوماسية مغربية تشاركية بين الدولة والأحزاب، تفسح المجال لإشراك الفاعلين السياسيين والحقوقيين والاقتصاديين والمثقفين، من ذوي الأهلية والكفاءة لتحمل عبء الدفاع عن القضية الوطنية. وفي هذا الصدد، أكد الاتحادي محمد بنعبد القادر، في حوار مع "الصباح" على أهمية تكامل العمل بين الأحزاب ووزارة الخارجية، من خلال التنسيق المستمر، والتتبع المشترك، لتمكين الفاعل الحزبي من المعطيات المستجدة التي تمكنه من القيام بدوره السياسي، الذي لا يتناقض مع السياسة الرسمية التي ترسمها الدولة، حتى لا يقع تكرار "واقعة شباط" في المستقبل. برحو بوزياني

واقعة شباط تسائل الأحزاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بياض الثلوج يخفي سواد العيش

كبوة بنكيران في حديقة الكرملين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات