الدبلوماسية الموازية معطوبة

الروداني كشف وجود اختلالات في اختيار الوفود وضعف خبرة البرلمانيين في الملفات المطروحة طالب الشرقاوي الروداني، عضو اللجنة السياسية لبرلمانات الدول الإفريقية الفرنكوفونية بمعالجة آنية مستعجلة لأعطاب الدبلوماسية الموازية حتى تتمكن من مواكبة التحركات الملكية دفاعا عن مصالح المغرب، مشددا على أن العالم أصبح يتحرك بسرعة كبيرة، وأن التوازنات الجيوسياسية الكلاسيكية غدت دون أهمية خاصة في ظل تطور جيوسياسي غير معالم العلاقات الدولية. واعتبر خبير الدراسات الإستراتيجية الدولية أن أفريقيا لن تخرج عن تطور حتمية التاريخ، فكما انتهت الصراعات بين مجموعة مونروفيا و الدار البيضاء في مؤتمر لاغوس سنة 1962، فإن المدرسة الإفريقية البرغماتية التي أصبح يتطلع بها المغرب ستؤتي أكلها. < ما هو تقييمكم لدور الدبلوماسية البرلمانية في تكريس الحضور المغربي في إفريقيا؟ < لقد كانت الدبلوماسية البرلمانية و - بتأطير مباشر من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة- غنية بكل ما تحمل الكلمة من معنى على مستوى الاحتكاك و الممارسة السياسية على ملفات مرتبطة بعلاقات المغرب بإفريقيا. في هذا الإطار، قمنا بزيارات متعددة لدول مختلفة كمالي والغابون والكاميرون والبنين وبورندي وغينيا الاستوائية وساحل العاج والكونغو برازافيل على سبيل المثال...وذلك من أجل تعميق العلاقات الدبلوماسية والتعريف بالخطوات التي سلكها المغرب من أجل أولا التحسيس بالتجربة المغربية الرائدة في بناء دولة المؤسسات ودولة الحق و القانون، ثم من جانب آخر شرح وتفصيل الأسس القانونية و التاريخية التي تقترن بالوحدة الترابية للمملكة المغربية. وهنا يجب التأكيد على أن مما سهل عمل الدبلوماسية البرلمانية هو الدور الرائد الذي يقوم به صاحب الجلالة من أجل إفريقيا مستقرة و موحدة. وكذا من أجل مساهمته في التنمية المستدامة كإستراتيجية قارة للنهوض بالإنسان الأفريقي في دول متعددة < ما هي في اعتقادكم وصفة علاج الدبلوماسية البرلمانية لمواكبة التحركات الملكية دفاعا عن مصالح المغرب في العالم؟ < أعتقد أن ذلك رهين اولا بتخصيب وعي جماعي بشــــــــــــروط الوجــــــــــــود في المحافــــــل التي ينشط فيها خصوم الوحــــــــــــدة الـــــــــترابيــــــــة، زيادة على أن تأهيل الكفاءات البشرية من أجل مسايرة المستجدات السياسية أصبح ضرورة ملحة ؛ كما أن حسن اختيار البرلمانيين والبرلمانيات وفق مساطر محكمة من أولى معاييرها الإتقان الكامل للغات الأجنبية والخبرة العلمية والعملية بالملفات ذات الصلة من شأنه الدفع بالدبلوماسية الموازية إلى مستويات عليا. هناك تراكمات إيجابية جدا من المهم تثبيتها ودعمها؛ فالجهود موفقة في مجال الدبلوماسية البرلمانية التي تحققت في البرلمان، وعلى سبيل المثال نجاح مجلس المستشارين مؤخرا في عقد تجمع لبرلمان الاتحاد الإفريقي في المغرب والتوصيات التي خرجت بها لقاءات هذا المؤتمر دليل على أن هناك مجهودا كبيرا يتطلب التشجيع. < ما هي تحديات تنفيذ هذا التوجه الملكي في إعادة بناء إفريقيا موحدة؟ < كما جاء في خطاب جلالة الملك من دكار على النخبة السياسية المغربية التركيز في الممارسة اليومية على الانشغال أكثر بالقارة الإفريقية .هذا يتطلب الدخول في جميع الأوراش وجعل السياسة العمومية في خدمة التنمية البشرية، من خلال برامج مندمجة ذات أبعاد جيواستراتجية. فالعنصر البشري هو آلية للتنفيذ والتخطيط الاستراتيجي المحكم وهو أساس الذهنية الإستراتيجية الجامعة للثابت و المتغير في عناصر معادلة القوة التي أصبح يتميز بها المغرب. هذا على المستوى الداخلي ، أما على المستوى الإفريقي فتدبير تراكمات السياسات الدولية يبقى أساسيا في مناطق مختلفة. تراكم سياسات جيوسياسية وتداخلها في مناطق مختلفة يظهر أن المنجزات التي تم تحقيقها إلى حد الآن، تطلبت برغماتية وحكمة ملكية في معالجة معادلات معقدة وهذا مكسب كبير ويجعل مستقبل ومكانة بلادنا واعدين. القارة الإفريقية إلى جانب الهند والصين هي مستقبل البشرية في الإنتاج وثقافة السوق وعامل مهم في التوازنات الدولية المستقبلية . الجانب المهم و الذي يسهل على بلادنا رفع كل هذه التحديات أننا نتملك عناصر قوة قادرة على التأثير . البنية التحتية الثقافية، الجغرافيا، التاريخ كلها عناصر مساهمة في تشكل القوة الكامنة و الهادئة للمملكة المغربية. < كيف تقرأون التطورات الأخيرة في معركة الوحدة الترابية للمغرب ؟ < عودة المغرب لمؤسسات الاتحاد الإفريقي باتت مسألة وقت والانسحاب الأخير لدول الخليج مع دول عربية أخرى احتجاجا على وجود كيان وهمي غير معترف به، هو تنبيه من مجموعة من الدول أن البناء المشترك لا يجب أن يتنافى والضوابط المشتركة التي تنبثق من مقررات الأمم المتحدة في احترامها لسيادة والوحدة الترابية للبلدان. الاستثمار في هذه الثقافة شرط أساسي أمام أي استثمار اقتصادي أو فلاحي أو سياسي. كما قلت، أي بناء للشخصية الإفريقية يجب أن يتجاوز الانزلاقات التي عرفها تاريخ القارة. وهنا لابد من التذكير بالتاريخ المؤسس للاتحاد الأوروبي. فالسلم والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني يتطلب حكماء من مختلف الدول لبناء ذلك.روبير شومان، ولتر هالشتاين، بول هنري سباك وجون مونيي اسماء مازالت لها حياة داخل أوروبا اليوم. إفريقيا اليوم مطالبة بقراءة نقدية للمسارات التي لم تنتج إلا التشتت والتفكك. يقود جلالة الملك محمد السادس ثورة هادئة من أجل توطيد العلاقات بين الدول الأفريقية ونموذج الاستثمارات في نيجيريا وإثيوبيا إلى جانب دول غرب أفريقيا يصب في هذا الأساس.الاتحاد رهين بمدى الاستجابة لهذه الفرصة التاريخية التي تحرص المملكة المغربية، بقناعة و إيمان واثق في المستقبل الجماعي لهذه الشعوب ، على إنجاحها. فالعالم أصبح يتحرك بسرعة كبيرة والتوازنات الجيوسياسية الكلاسيكية غدت دون أهمية خاصة في وجود تطور لجيوسياسيات مختلفة و مرتبطة بتطورات العصر. لن تخرج إفريقيا عن تطور حتمية التاريخ، فكما انتهت الصراعات بين مجموعة مونروفيا و الدار البيضاء في مؤتمر لاغوس سنة 1962 ،رغم حجم الصراعات الإيديولوجية ، فإن المدرسة الإفريقية البرغماتية التي أصبح يتطلع بها المغرب ستؤتي أكلها، لا محالة، في توحيد القارة الأفريقية و خلق مجتمع الرفاهية التي تحلم به الأجيال الإفريقية الحالية والقادمة. نهاية الإيديولوجيا "الباردة" بالرجوع الى الخطب الملكية فهي تؤكد أن الإرادة السياسية لبلادنا في توجهاتها القارية لا تخفي شروطا زمكانية محددة، ذلك أن المغرب كان من بين المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية من خلال المغفور له جلالة الملك محمد الخامس بمعية موديبو كيتا، وجمال عبد الناصر وسيكو توري وكوامي نكروما، هؤلاء حملوا فكرة إفريقيا موحدة إلى أرض الواقع. للأسف الاختراق الإيديولوجي «البارد» الذي عرفته القارة إبان الصراع بين المعسكر الغربي والشرقي أجج الإثنية والطائفية في دول الساحل الإفريقي وجنوب الصحـــــــــــــــراء، وخلق عبر ذلك حالة من التوتر السياسي. لكن رغم الصراع الإقليمي في شمال إفريقيا بالذات إلا أن المغرب ظل حاضرا بشكل قوي وكانت له مبادرات كبيرة و تاريخية في جمع الشتات والانقسامات بين الدول الإفريقية. لعب المغفور له الحسن الثاني دورا كبيرا في الاستقرار السياسي في دول كثيرة كغينيا الاستوائية، الكونغو الديمقراطية كما أن بلادنا وبتوجيهات ملكية ساهمت بدور كبير في إعادة إعمار دول مختلفة كليبيريا وغيرها . جلالة الملك محمد السادس بمقاربة مكتملة الأطراف أسس لتوجهات إستراتيجية إفريقية بغية الرقي بالقارة إلى مصاف الفضاءات الجغرافية القادرة على مواجهة التحديات الراهنة التي بدأت تعيشها من تنمية مستدامة. لهذا فاليوم جلالة الملك يعتبر كبرياء إفريقيا في مواجهتها للمشاكل البنيوية التي تعيشها. في هذا الاتجاه، الحضور الملكي في إفريقيا هو من أجل مستقبل أفضل للقارة وهذا أصبحت تتملكه النخبة الحالية و حتى الشعوب وهذا ما تظهره الاستقبالات الحارة لجلالته في كل مناسبة. الزيارة الملكية لرواندا وتنزانيا وإثيوبيا وكذلك نيجيريا تعتبر حدثا غير عاد من وجهة النظرة الجيو إستراتجية بحيث تكرس بالملموس أن المغرب بلد التأثير الاستراتيجي وأن مقاييس القوة المغربية أصبحت في قلب تخطيط وإرادة سياسية يؤسسان لتطور تاريخي لمكانة المملكة على الساحة الدولية. هدوء حذر تعيش القارة الإفريقية على هدوء حذر فإرهاصات صراعات أثنية أو سياسية مازالت محتملة جدا، مع الانتباه إلى أن الماء سيكون أحد عوامل الصراع على المستوى القاري خاصة أن التغيرات المناخية أججت صراعات حول المصادر المائية والري. يبقى أن الإندماج الأفريقي ضرورة ملحة و يبقى اتحاد التجمعات الاقتصادية الأساسية مهم جدا (COMESA, CEEAC, CEDEAO, SADC, CAE, IGAD) في خلق تشكل اقتصاد أفريقي مهم ويمكن أن تكون التقاطعات والفضاءات الجغرافية مع القارات الأخرى مهمة. وهو ما سيساعد في البناء الجيوسياسي للمناطق الإفريقية ومن تم خلق قوة اقتصادية، بشرية مهمة لبناء الشخصية الإفريقية.لا بد أن نبقى حذرين جدا، فمناورات الخصوم لن تنتهي بما قامت به نكوسازانا دلاميني زوما و عبرها الجزائر في محاولة التضييق وعرقلة عودة المغرب إلى مؤسسات الاتحاد الأفريقي.فحجم المؤامرة كبير ويستدعي مواكبة العمل الذي يقوم به الملك. أجرى الحوار : ياسين قُطيب

الدبلوماسية الموازية معطوبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شركة عقارية استولت على حقي

هتك عرض طفل داخل حضانة بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات