أمريكا “جديدة” ترى النور

دموع فرح وحزن وصدمة وسط مغاربة بلاد العم سام بعد فوز الجمهوري دونالد ترامب "ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية" ! حتى أكثر استطلاعات الرأي تفاؤلا لم تكن تعطي الرجل فرصة للفوز على منافسة قوية شرسة خبرت دهاليز السياسة الدولية، وكان يبدو أن البساط ممددا أمامها للوصول إلى البيت الأبيض. فعلها الذئب الماكر، كما يصفه محللون سياسيون أمريكيون ليتمكن من سحق منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، المرشحة التي كانت حتى الأمس القريب الأوفر حظا لمنصب الرئاسة. وجوه متجهمة وأخرى فرحة ،وبين هذا وذاك نامت أمريكا بالأمس على حلم اعتبره البعض «مزعجا» فيما رأى البعض الآخر أنه لم يكن قط في الحسبان، وخرج ترامب مزهوا ليخطب أمام الآلاف من أنصاره، الذين تجمهروا أمام مقر حملته الانتخابية. بدا الرجل مختلفا وأكثر رزانة وتحدث عن وحدة الأمة وشكر كل الذين صوتوا له وحتى أولئك الذين لم يفعلوا. ترامب رئيسا مئات الأنصار بأعلام الحزبين لمناصرة كل طرف، وقفوا أمام البيت الأبيض لحظة الإعلان عن الفائز. كان السباق الرئاسي يسير بتشويق، وما إن يسقط خبر فوز هيلاري بولاية حتى يصعد خبر حصد ترامب لنقط الولاية الموالية. وحتى حين فاز ترامب بنقط ولايات أوكلاهوما وألاباما ونورث كارلينا وساوث كارولين بدت الأمور عادية، لأنها ولايات تصوت تاريخيا للجمهوريين، إلا أنه حين أعلنت شبكة «سي إن إن» الإخبارية أن ترامب فاز بولاية فلوريدا أخذت الأمور منحى آخر، على اعتبار أن فلوريدا معقل للديمقراطيين، ثم توالت الضربات التي لم تكن منتظرة. توقف العد ونبض الآلاف من الأنصار في 254 صوت لترامب و 215 لهيلاري وكانت نتائج ثلاث ولايات لم تظهر بعد، وهي ولايات متأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، وعمليا ترامب لم يعد في حاجة إلا إلى 16 صوتا ليصل إلى 270 صوتا ليتم إعلانه رئيسا على عكس هيلاري، التي كانت في حاجة إلى معجزة لحصد 55 صوتا في الولايات الثلاث المتبقية للفوز. مرت حوالي ساعة ونصف من الانتظار ليتم إعلان نتائج ولاية «بنسيلفينيا» وكانت من الولايات الثلاث المتبقية للحسم. والغريب أن عدد أصوات هذه الولاية هي 20 صوتا حصل عليها ترامب كلها ليعلن فائزا ورئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. مغاربة أمريكا مصدومون أطلقت «أمي لطيفة» العنان لدموع حارة فهذه المرأة استيقظت صباح يوم الاقتراع باكرا، وذهبت للتصويت لهيلاري. تقول «أمي لطيفة»، هكذا كانوا ينادونها، سيدة في عقدها السادس، رغم طول إقامتها في بلاد العم سام مازالت محافظة على لكنتها المراكشية «كنت أريد الفوز لهيلاري، فهي صديقة المغرب وتحبه كثيرا ورأينا صورها وهي تجوب مدن جنوب المملكة». وأردفت وهي تحاول تجفيف دموعها «هذا السيناريو لم نكن نتوقعه صراحة، كنا نعتقد أنها ستسحقه منذ البداية وسينتهي هذا الكابوس لكن خاب ظننا». وعلى المنوال نفسه سار الحسين طالب مغربي رمت به القرعة في واشنطن «بعد نجاح ترامب نشعر بالخوف صراحة، فهذا الرجل عبر عن نيته تجاه العرب والمسلمين، لقد هددنا بالطرد من أمريكا، كما أنه اعتبر المغرب دولة إرهابية وتصدر الإرهابيين». واسترسل بعد أن حاول طي علم الديمقراطيين الذي يظهر فيه الحمار بشكل واضح «هذه هي أمريكا توقع كل شيء، وصراحة كنت أتوقع أي شيء إلا أن أرى ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية! .. ترامب! ترامب!»، ختم كلامه مرددا «ترامب» عدة مرات بحرقة بادية... بعيدا عن وسط المدينة الأمور أهدأ. وفي مقهى بطرف المدينة اجتمع مغاربة يحتسون الشاي ويشاهدون التلفاز بدت على وجوههم حسرة على نتيجة «صادمة لم تكن في الحسبان» كما علق عليها خالد الزاك، مغربي مقيم في فيرجينيا وأضاف «أصبحنا اليوم نخاف من أتباع ترامب، أو أؤلئك الذين صوتوا عليه لأنهم يؤمنون بمبادئه وأفكاره وهذا هو همنا وليس ترامب في حد ذاته»، فيما أكد صديقه عزيز، حارس أمن خاص بولاية ميري لاند «أربع سنوات ستمر كالجحيم إذا نفذ ترامب كل الكلام والوعود التي أطلقها، وستتحول أمريكا إلى جحيم، لكن لا أعتقد ذلك. أنا أقول أن تصريحات ترامب كانت فقط للاستهلاك الإعلامي». ولطف شاب مغربي آخر، رفض الكشف عن هويته، من المخاوف قائلا : «كلام انتخابات لا أقل ولا أكثر. أمريكا دولة مؤسسات وقد بنيت بسواعد المهاجرين ولا يمكن أن تفرط فيهم»، ودون أن يترك المجال لأصدقائه للحديث استرسل «اعتماد برنامج انتخابي على طرد المهاجرين نوع من التهديد لقيم أمريكا العظمى». وعن ذلك قالت الناشطة الأمريكية زلواني إدريسي لــ »الصباح»» الرئاسيات الحالية اختلفت كثيرا عن سابقاتها وذلك ليس فقط لطابعها الفضائحي لأن الانتخابات الأمريكية دائما ما تعرف اتهامات متبادلة بين المرشحين، ولكن طبيعة المرشح الجمهوري الفائز هو ما أعطي هاته الانتخابات طابعا خاصا. الإعلامي المغربي الأمريكي محمد الحجام يرى العكس ويعتقد أن ترامب وإن كان مكروها من قبل مغاربة أمريكا فإنه قد يكون جيدا للمغرب، خاصة في قضية الصحراء، «فكل المشاكل والمضايقات والاستفزازات التي عشناها في قضية الصحراء كان سببها الديمقراطيون في الكونغرس الذين يضغطون على الرئيس الديمقراطي لتبني قناعاتهم والمعروف أنهم مدافعون شرسون عن تقرير المصير والانفصال، وهذه الأمور التي تقتات عليها البوليساريو، لذلك أرى أن ترامب رئيسا أصبحت حقيقة يجب التعامل معها بواقعية واستثمارها لخدمة القضية الوطنية»، واسترسل الحجام «يجب على المغرب طي صفحة هيلاري والتقرب من ترامب وإدارته، فالرجل سيحكم بأغلبية مريحة وعلينا التقرب منه وكسبه لصالحنا، وأظن أن الرجل ليس بذلك السوء الذي يبدو عليه». محمد السعدوني (واشنطن)

أمريكا “جديدة” ترى النور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال ثلاثة متهمين بسرقة أسلاك كهربائية بفاس

اعتقال ثلاثة متهمين بسرقة أسلاك كهربائية بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات