تشكيل الحكومة…”ميات تخميمة ولا ضربة بالمقص”

بنكيران يطرق الأبواب وسوابق غلبة "بيجيدي" في التجربة المنتهية يصعب مأمورية بنكيران لم تمنع النتيجة التي حققها"بيجيدي" في انتخابات 7 أكتوبر من سيادة القلق والتوجس في كواليس الحزب الحاكم، إذ بدأت القيادة تتحسس صعوبة بناء تحالف حكومي بعدما اتضح من خلال الرسائل المتبادلة قبل التكليف الملكي وبعده بأن الأحزاب التي ينتظر أن يطرق بنكيران أبوابها تتوحد في اعتماد مبدأ "ميات تخميمة وتخميمة ولا ضربة بمقص"، خاصة أن أغلبها اكتوى بنار منطق الغلبة الذي تعامل به الحزب الحاكم في التجربة الحكومية المنتهية. سيناريو "الكتلة التاريخية" يغري التحالف نوايا الاستقلال والاتحاد المشاركة في حكومة "بيجيدي" تحد من مخاطر الثنائية التي أفرزتها الانتخابات أعاد النقاش حول تحالف العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، فكرة "الكتلة التاريخية" التي روج لها قبل سنوات المفكر المغربي الراحل، محمد عابد الجابري، يومها اقترح تحالفا سياسيا تاريخيا يضم قوى اليسار والإسلاميين، من أجل تشكيل حكومة سياسية. تحالف تاريخي إن الكتلة التاريخية كما نادى بها الجابري (في حوار مع مجلة المستقبل العربي، نونبر 1982)، ستكون "كتلة تجمع فئات عريضة من المجتمع حول أهداف واضحة، تتعلق أولا بالتحرر من هيمنة الإمبريالية، السياسية والاقتصادية والفكرية، وتتعلق ثانـيا بإقامة علاقات اجتماعية متوازنة يحكمها، إلى درجة كبيرة، التوزيع العادل للثروة في إطار مجهود متواصل للإنتاج". بالنسبة إلى منظر الفكرة، فإن الكتلة هي تاريخية ليس فقط لأن أهدافها تاريخية، بل لأنها، من جهة نظر الراحل الجابري، "تجسيم لوفاق وطني في مرحلة تاريخية معينة.. ويمكن القول، إن القوى المرشحة لهذه الكتلة في بلد مثل المغرب، هي الفصائل المتحدرة من الحركة الوطنية، والتنظيمات والتيارات التي تعرف باسم الجماعات الإسلامية التي يجب أن يفتح أمامها باب العمل السياسي، والقوى الاقتصادية الوطنية، وجميع العناصر الأخرى التي لها فاعلية في المجتمع بما في ذلك تلك التي تعمل داخل الهيأة الحاكمة، والمقتنعة بضرورة التغيير في اتجاه تحقيق الأهداف". تحالف الإسلاميين واليساريين، لا تمليه مرحلة ما بعد الانتخابات فقط، بل هو سيناريو للخروج من مأزق تشكيل الحكومة، التي تكلف عبد الإله بنكيران، بتشكيلها لولاية ثانية بناء على نتائج الاقتراع التي وضعت حزبه في الرتبة الأولى. سيناريو تفرضه أيضا طبيعة النسق السياسي المغربي، والنظام الانتخابي، الذي لا يسمح لحزب وحيد بالحصول على الأغلبية، وتشكيل الحكومة بمفرده، وهو النسق الذي أبانت الانتخابات الأخيرة أنه بدأ ينغلق شيئا فشيئا، وضاقت مساحته بسبب القطبية الثنائية التي أفرزتها نتائج الاقتراع، فأعطت لحزبين فقط ثلثي المقاعد بمجلس النواب، بينما تقاسمت ستة أحزاب أخرى ما تبقى. تحول وإن كان نتيجة حتمية للتقاطبات بين "البام" و"بيجيدي" فإنه يعكس ثنائية مصطنعة صنعها الدين والمال والسلطة. تسويق سياسي يجد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، في الترويج للكتلة التاريخية، فكرة قادرة على تقوية عضده الحكومي دون كثير مشاكل، فالأمر بالنسبة إلى العدالة والتنمية أشبه بتحالف وطني، يضع أحزاب الحركة الوطنية في سلة واحدة، إلى جانب "بيجيدي"، ويعزل الأصالة والمعاصرة، حزبا سياسيا وحده يملك القدرة التنافسية في مطاردة حزب بنكيران، بما يرشحه مستقبلا بأن يكون بديلا سياسيا إذا فشلت أو تهاوت "الكتلة التاريخية" في تحديد أهدافها أو تصدعت من الداخل بسبب الخلافات في الإيديولوجيا وتقدير المواقف السياسية. وبذلك فإن فكرة الكتلة تحقق بالنسبة إلى العدالة والتنمية هدفين: الأول عزل "البام" وإبقائه ضمن دائرة تحالف أحزاب "إدارية"، والثاني يحقق لـ"بيجيدي" تقاربا سياسيا وانتخابيا مع حزب الاتحاد الاشتراكي الذي رفض في ولاية سابقة التحالف معه، لاعتبارات فكرية وسياسية لها علاقة بصراع تاريخي بين الطرفين، حتى قبل أن يصير العدالة والتنمية حزبا. في سياق التسويق لفكرة "الكتلة التاريخية"، يُفهم لماذا يتشبث حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حصل على عشرين مقعدا برلمانيا بصعوبة بالغة، بالتحالف أولا مع حزب الاستقلال، الذي يضاعف بعدد مقاعده النيابية ما حصل عليه الاتحاد، ثم التفاوض مع رئيس الحكومة من داخل هذا التحالف. فالموقف يُضمر تكتيكا يرفع الحرج عن الاتحاد الاشتراكي في حال ضغط مناضلين على قيادة الحزب للمشاركة في الحكومة، بمعنى أن الاتحاد سوف يجد في "الكتلة التاريخية" الوسيلة الأقل كلفة إذا قبل المشاركة في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية. إحسان الحافظي

تشكيل الحكومة…”ميات تخميمة ولا ضربة بالمقص”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الغالي: فرصة سانحة للاتحاد

شباط يرفع ورقة رابح/ رابح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات