حلبـة ملاكمـة

3 أسئلة < دعا الملك في خطابه الأخير الأحزاب إلى الكف عن التهافت على الكراسي ، لماذا في نظرك يصر المترشحون على صرف الملايير والترويج للاتهامات لولوج مجلس النواب؟ < ارتفاع حدة الخطاب السياسي ومنسوب الصراع بين الفاعلين الحزبيين ليس سلوكا طارئا على السوسيولوجيا الانتخابية، فقد ظل التنابز السياسي وتوظيف الفضائح السياسية والضرب تحت الحزام، أحد السلوكات التقليدية التي ميزت أكثر من 20 استحقاقا انتخابيا عرفها المغرب الحديث من بينها 8 انتخابات تشريعية و12 استحقاقا بلديا. وما يميز الصراع السياسي منذ 2011 هو ارتفاع حدته ليصل مقاييس غير مسبوقة وظفت فيها كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة، خصوصا بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة. وبطبيعة الحال فإن هذا الصراع الذي اتخذ في بعض الأحيان أبعادا ذات طابع شخصي أو حتى سياسي، همش إلى حد كبير دور البرامج الانتخابية والعقائد الإيديولوجية باعتبارها أسانيد للتأثير على المزاج الانتخابي والفوز بأصوات الناخبين. وساعد هذا الواقع على تحويل المجال السياسي إلى حلبة للملاكمة بين الأطراف السياسية يحاول كل طرف إسقاط خصمه بالضربة القاضية وفي بعض الأحيان يتم تجاوز لقواعد اللعبة السياسية وأخلاقياتها. هذا الواقع المتميز بتنامي العنف والكراهية السياسية هو ما عجل بتدخل المؤسسة الملكية التي ما فتئت لمناسبات متعددة تقدم التوجيهات للفاعل السياسي لتخليق سلوكه خصوصا خلال خطابات افتتاح البرلمان، إذ طالب الملك النخبة الحزبية بجعل الانتخابات لحظة سياسية عابرة بما تقتضيه تلك اللحظة من براغماتية وواقعية سياسية يمكن أن ينتج عنها كل السيناريوهات بدل تحويل استحقاقات 7 أكتوبر لنهاية الكون ويوم القيامة. < هل ضعف التأطير الحزبي يعد من أحد الأسباب التي دعت إلى استمرار السلوك الانتخابي الانتهازي في نيل التزكيات ؟ < اعتقد أن النخب السياسية لم تستثمر المساحات الديمقراطية التي أضفاها الدستور على وظائف الأحزاب السياسية التي ما زالت تتلمس طريقها نحو لحظة التفاعل مع قيم الديمقراطية. وفي ظل هشاشة التدبير الديمقراطي تحولت بعض الأحزاب حتى التاريخية منها إلى تنظيمات فوقية، وواجهات سياسية لقضاء المآرب والمصالح الشخصية الضيقة لبعض منتسبيها. وتبرز اللحظة الانتخابية بكل تفاصيلها وما يترتب عنها (التزكية، الصفقات الانتخابية، الترشيح للمنصب الحكومي... ) فرصة سياسية سانحة للانتهازيين للانقضاض على نضالات وتاريخ الأحزاب عبر شراء التزكيات والاتجار في الرصيد السياسي للأحزاب، وهو ما تسبب في إحداث مشهد سياسي سريالي عصي على الفهم. ولم تكن أحزابنا أن تصل لهذا الحال لو كانت تقوم بوظيفتها كما يلزم، ولم تخترقها علل وأمراض مزمنة . < لماذا تتهافت الأحزاب على الأعيان لربح مقاعد البرلمان وحقائب حكومة ؟ < آخر ما يفكر فيه الفاعل الحزبي اليوم هو وضع مشاريع مجتمعية رغم أن هذا أكثر ما يصرح به. فلم تعد الأحزاب السياسية مدرسة لتخريج قيادات سياسية وفكرية ومناضلين، وكذا لبلورة أفكار ومشاريع مجتمعية وبرامج، بل أصبحت أدوات تيسر احتلال المناصب العمومية بل وتوظيفها في عمليات الإثراء غير المشروع، وبدل أن تنشغل الأحزاب بمهمة التأطير والتكوين السياسي والفكري مهمة إستراتيجية تضمن تقوية قدرتها الاقتراحية فإنها استعاضت عن ذلك بكتلة الأعيان والانتهازيين وأصحاب المصالح المالية والاقتصادية. أجرى الحوار: أحمد الأرقام * أستاذ باحث في العلوم السياسية

حلبـة ملاكمـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اغتيال شباط وتصفية أمنيين مخططات الإرهابيين

نهضة الزمامرة يبحث عن مسيرين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات