الجيش المغربي… صانع الاســـــــتقرار العالمي

رقم صعب في الحرب على الإرهاب والتمرد من الخليج إلى إفريقيا من الكونغو إلى اليمن، ومن الإمارات إلى النيجر، ومن كوت ديفوار إلى إفريقيا الوسطى، ببذل الحرب أو تحت القبعات الزرقاء للأمم المتحدة، تصدر القوات المسلحة الملكية خبرتها ومعرفتها. وبلغة الأرقام، شارك الجيش المغربي، بمجرد تأسيسه، في كثير من البعثات الدولية لحفظ السلام، بما مجموعه 60 ألف رجل، كما يتكلف بإيصال المساعدات الإنسانية التي يوفرها المغرب لعدد من الدول، ليكون مجموع الرحلات الجوية للجيش المغربي عبر العالم 4000 ساعة نحو 33 دولة. هنا إطلالة على هؤلاء الذين يصنعون الاستقرار. الأحد 31 يوليوز 2016، في ساحة المشور بالقصر الملكي في تطوان، يقف 1503 من الضباط، في استعراض عسكري وهم ينشدون جماعة قسم المسيرة الشهير، كما تفرض ذلك تقاليد أداء القسم بعد التخرج من المدارس العسكرية وشبه العسكرية، ويترأسه سنويا الملك محمد السادس، بصفته القائد للقوات المسلحة الملكية. واختار الملك أن يطلق على الفوج الجديد، اسم فوج مجلس التعاون الخليجي، وذلك، يقول الملك، «تقديرا لما يربطنا بأشقائنا، قادة دوله الشقيقة، من علاقات الأخوة والتفاهم ولما يجمعنا من شراكة إستراتيجية، قائمة على التعاون المثمر والتضامن الملموس». في حرب على ״داعش״ إن اختيار «مجلس التعاون الخليجي»، اسما للفوج الجديد، يرمز، أيضا، إلى التضامن العسكري للمغرب مع دول الخليج، والذي يوجد في حيز التنفيذ على الدوام، وآخر تمظهراته، كانت في نهاية 2014، بوضع المغرب وحدات عسكرية تحت تصرف دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). «لقد كانت طريقة المغرب للتعبير عن دعمه لذلك التحالف الدولي دون أن يتموضع دولة عضوا فيه»، يشرح أستاذ جامعي متخصص في العلاقات الدولية»، أما الوقائع، فتفيد أن مئات الجنود المغاربة تم انتقاؤهم وإرسالهم جوا إلى الإمارات العربية المتحدة. غير أنه، وكما هي عادة البكماء الكبيرة، لم يسبق للقوات المسلحة الملكية أن تواصلت حول الموضوع أو أعلنت طبيعة العمليات التي يقوم بها الجنود المغاربة هناك. ولن يتعرف المغاربة على جزء من العتاد المغربي ومظاهر المشاركة، إلا بحلول أبريل 2015، من خلال صور بثتها قناة إماراتية، وفيها يظهر ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل النهيان، يلقي التحية على سرب من الطائرات الحربية المغربية في قاعدة عسكرية يستعلمها التحالف العربي في منطقة الطائق (غرب المملكة العربية السعودية). وأنجز الربورتاج أياما بعد مشاركة سرب «سبارك» المغربي، المتكون من ست طائرات «إف 16» المغربية في عملية تفجير لمواقع للحوثيين في اليمن في إطار المشاركة في عاصفة الحزم، وهو الحدث الذي سيتلوه بعد أقل من شهر، إسقاط طائرة «إف 16» مغربية كانت تقوم بمهمة استطلاعية على الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن. إلى جانب الإخوة العرب ويرتبط المغرب مع دول الخليج بعلاقات عسكرية أبعد من مجرد وضع تعزيزات عسكرية تحت تصرف الإمارات، إذ أنه في 2011، على سبيل المثال، أوردت كثير من وسائل الإعلام، إبرام اتفاق بين المغرب والأردن، ينص على أن «ينشئ البلدان قوة من 20 ألف جندي ستتمركز في جنوب الأردن للدفاع عن دول الخليج». وإلى اليوم، لم يتم تكذيب ذلك الخبر، ليبقى الوجود العسكري المغربي الوحيد والرسمي على الإمارات، ملخصا في المستشفى العسكري الميداني لمخيم الزعتري الذي يوجد به لاجئون سوريون. ويجب القول، إنه في تلك المنطقة، لم يسبق للمغرب أن تردد في الاستجابة لنداءات الدول العربية الموجودة فيها لمساعدتها عسكريا، ففي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، تم تحريك وحدات عسكرية مغربية نحو السعودية إبان احتلال الكويت في 1990. وقبل حوالي 20 سنة من ذلك، وخلال حرب أكتوبر(1973)، أرسل الجيش المغربي 5500 من جنوده إلى جبهة الجولان للقتال إلى جانب الإخوة العرب. ويتعدى الأمر العمليات العسكرية في إطار التحالفات، ليبلغ وضع الخبرة العسكرية المغربية في خدمة بلدان الخليج، سيما في تكوين وتدريب وحدات تلك البلدان، العسكرية والأمنية، فشرطة إمارة أبو ظبي تم تكوينها من قبل المغاربة، بإشراف من الجنرال حميدو العنيكري، رغم أنه أريد لذلك أن يظل من الأسرار. «إن الأمراء الشباب لدولة الإمارات الشابة هم الذين التمسوا ذلك من الملك»، يوضح الأستاذ الجامعي، وهي «عملية التكوين والتدريب التي دامت سنوات طويلة، وأثمرت بشكل جيد، إذ تعتبر اليوم القوات الأمنية للإمارات العربية المتحدة ضمن الأفضل في المنطقة». في إفريقيا ضد الإرهاب وتعد الأراضي الإفريقية أيضا، مسارح للتدخلات العسكرية المغربية، وغالبا تحت يافطة قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، منذ 1960، أي بمجرد مضي أربع سنوات على إحداث القوات المسلحة الملكية المغربية. وكانت أول مشاركة ضمن قوات القبعات الزرقاء الأممية، في مهمة في جمهورية الكونغو السابقة، عبر فرق مغربية ستلعب دورا مفصليا في استرجاع مناطق «كانطاكا» و»جنوب كاساي» المتمردة من قبل الوزير الأول باتريس لومومبا، ومنذ ذلك الحين والدعم العسكري للبلدان الإفريقية الصديقة يتم عبر أشكال متعددة. ومن أشكال المشاركة التي تدخل ضمن «أسرار الدفاع» التي لم يسمع الناس حديثا عنها أبدا، مشاركة ضباط مغاربة خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني في توفير الحماية المقربة لعدد من رؤساء الدول الإفريقية، بينهم تيودورو أوبيانغ نغيما، رئيس دولة غينيا الاستوائية، والغابوني عمر بونغو أوديمبا. وفي الراهن الموسوم بالحرب المعممة على الإرهاب، يقدم المغرب دعمه لعدة بلدان إفريقية في مكافحتها لخلايا الجهادية، وخلال التدخل العسكري الفرنسي في مالي، قدم المغرب دعما لوجستيا حاسما. وتعد الاستخبارات المغربية مرجعا في الحرب على الإرهاب، في الشرق الأوسط كما في منطقة الساحل، لذلك لم يكن غريبا، في نهاية يوليوز الماضي، أن يقترح الملك محمد السادس على النيجر مساعدة عسكرية على شكل عتاد من أجل مكافحة جماعة «بوكو حرام». «لقدر رخص محمد السادس، تضامنا مع النيجر، بمدها بعتاد عسكري لمساعدتها بوصفها حليفا تقليديا في منطقة بحيرة تشاد من أجل مواجهة اختراقات جماعة بوكو حرام الموجودة في البلد المجاور نيجيريا»، وهو ما أعلن عنه عبر وكالة المغرب العربي للأنباء، الرسمية. قوات مسلحة دولية إن الجيش المغربي، بصفة عامة، فاعل على الساحة الدولية، إذ يقوم بتمارين وعمليات كثيرة سنويا، سواء مع دول البلدان الجارة (إسبانيا)، أو العربية، أو في إطار قوات حلف شمال الأطلسي، كما أن سجل القوات المسلحة الملكية حافل بالمشاركات في عمليات إرساء السلم بعدد من المناطق ضمن بعثات الأمم المتحدة. وإلى حدود نهاية يونيو الماضي، يوجد 1600 جندي مغربي بالخارج ضمن البعثات الأممية لحفظ السلام عبر العالم، كما أن حصيلة تلك المشاركات، كانت موضوع معرض نظمته مديرية التاريخ العسكري التابعة للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، لمناسبة الدورة الأولى للقمة الإنسانية العالمية، بإسطنبول، في ماي الماضي. وبلغة الأرقام، شارك الجيش المغربي في ست بعثات دولية لحفظ السلام، بما مجموعه 60 ألف رجل، كما أن الجيش هو الذي يتكلف بإيصال المساعدات الإنسانية التي يوفرها المغرب لعدد من الدول، ليكون مجموع الرحلات الجوية للجيش المغربي عبر العالم 4000 ساعة نحو 33 دولة. وخلال تلك المشاركات «طالما كان الجندي المغربي، مميزا بانضباطه، وبتفانيه وشجاعته»، يؤكد عبد الرحمان المكاوي، الأستاذ في الكلية العسكرية بباريس، ما يعد علامة على «التزام المملكة من أجل الدفاع عن الشرعية الدولية، ودليلا على تشبثها بترجيح الحلول السلمية لمختلف النزاعات عبر العالم». ترسانة عصرية إذا كان الجيش المغربي، يمكن أن يقدم مساعدات عسكرية عبارة عن عتاد وآليات، فذلك لأنه جدد ترسانته في السنوات العشر الأخيرة، وبين 2010 و2016، بلغت مصاريف القوات المسلحة الملكية عتبة 250 مليار درهم (22.9 مليار أورو)، حسب معهد ستوكهولم الدولي للأبحاث حول السلم (سيبري). وبلغت نسبة ميزانية الجيش من الميزانية العامة للبلاد 10.6 %في 2015 و14.5 % في 1990، ويصنف المغرب في الرتبة 13 عالميا من حيث استيراد الأسلحة. وخلال 25 سنة الماضية، كانت نسبة مهمة من الناتج الداخلي الإجمالي تخصص لشراء التجهيزات العسكرية ومختلف أنواع الأسلحة، وهي النسبة التي بلغت 4.1 %في 1990 و3.2% في 2015، وهي النسبتان اللتان تساويان على التوالي 1.07 مليار دولار و3.68. وتعد القوات المسلحة الملكية، بفضل 200 ألف جندي رسمي، و150 ألف جندي احتياطي، القوة العسكرية السابعة في إفريقيا (الجزائر هي الثانية وتونس هي الثانية عشرة). "إن المغرب ليس له خيار، غير تجهيز جيشه، بسبب سباق التسلح الذي تفرضه الجارة الجزائر، التي انتهزت فرصة ارتفاع أسعار النفط وتوفر المال قبل سنوات، من أجل إبرام صفقات تسلح كثيرة"، يقول أستاذ جامعي، مضيفا "ويجب أيضا معرفة أن المملكة، تحرص على تنويع ممونيها بالسلاح والتحالف مع قوات عسكرية عدة". إعداد: امحمد خيي (عن جون أفريك بتصرف)

الجيش المغربي… صانع الاســـــــتقرار العالمي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ورطة "بيجيدي" في مجلس "بوكو فساد"

اشتباك في مباراة آسفي والجديدة

مقالات ذات صلة