الزواج أصبح تعاقدا فلكلوريا

3 أسئلة < كيف كانت تقام أعراس المغاربة في السابق؟ < حفلات الأعراس، كانت سابقا للإخبار وللفرح الفردي والجماعي ولإعلان استقلالية الصغار وخروجهم لأداء أدوار وتحمل مسؤوليات الخلف بشكل يعادل السلف على الأقل، لكن في إطار الفرح الجماعي وشيء من الإحساس بمرور الزمن وباقتراب أكثر من الواقع الذي لا يعني شيئا غير أن الحياة مسار لا يتوقف وبأن ما ليس وفيا لقيم الأسرة والاستقرار والجماعي لا قيمة له. كما أن الفرح كان يكتسي طعم الإمكانات الأسرية، وطعم الأصالة والبساطة والصدق والتعاون. الكل يساهم سواء مباشرة كما تفعل الأسرة النووية والعائلة الكبرى، أو بشكل غير مباشر من خلال الأحباب والأصدقاء والجيران عبر الهدايا أو ما تسميه النساء «الصواب». وعموما كانت الأعراس ظاهرة صادقة في مسايرتها وفي ترجمتها لمجتمع متماسك ولخلاياه الأساسية كالأسرة في انسجامها عموما والاستثناءات لا يقاس عليها طبعا لكن لا بد من الإشارة إلى أن كل جمالية الأعراس قديما كانت على مقاس دونية المرأة وتكريسا لوضعيتها تلك إذ كان تسليعها وتشييئها لا مراء فيه بمعنى ما من خلال كل مظاهر الاحتفال. < ما الجديد الذي طرأ على أعراس المتزوجين في السنوات الحديثة؟ < لحق التحول والتغيير كل مظاهر السلوك والتنظيم وتدبير الحياة والعلاقات الاجتماعية بمجتمعنا بالطبع وهذا شيء طبيعي. لكن الاتجاه الذي أخذه التحول ليس مفرحا لحد الآن، فالمظاهر غير العقلانية والتمسك بالهجين وبالعابر وبغير الأساسي في معنى ودلالات الاحتفال بالزواج هو الذي غدا غالبا، وشخصيا، لست أدري كيف يسمح الشباب اليوم والإناث منهم أكثر، للأسف لأسباب يصعب الخوض فيها هنا، بالتعامل مع مظاهر ليلة أو أسبوع باعتبارها هي قلب الزواج وأسباب نزوله ونجاحه في حين أنها ليست أكثر من إعلان عن ارتباط زوجين سيكون عليهما الاجتهاد في البذل عاطفيا وعصبيا وفكريا بالخصوص لصناعة ثروة التفاهم والتراحم والصبر والتقاسم لصناعة بيت يعمه الصدق والمحبة والإرادة وقيم الخير والحق والجمال ليكون فضاء للنجاح وللاستقرار وللقيام بوظيفة الأسرة عقلانيا في راحة ومودة؟ يبدو أن عدم النضج بالمعنى الصحيح للكلمة جعل التوجه نحو الزواج محكوما بحسابات لا معقولية فيها اليوم، هو ما يكمن وراء نسبة طلاق كبيرة ومخيفة تحكمه. ولعل المخيف أكثر هو الارتباط المرضي بصيغ بالية لمفهوم الزواج هو ما يفشل تعاقدا جميلا غدا فولكلوريا وملجأ للهروب من الاجتهاد في بناء الفردانية القوية لدى الكثيرين والكثيرات. < رغم أن بعض الأعراس القديمة كانت تقام على مدى أيام، إلا أن الصفة التي تكاد تجمع بين جميع الأعراس الحديثة هي البذخ المبالغ فيه أيا كان المستوى الاجتماعي لأصحاب الحفل. لماذا برأيك؟ < عندما يتحول العرس إلى استجابة واستسلام لتشوه القيم الإنسانية للوظيفة الاجتماعية وللرمزية النبيلة التي يرتبط بها أي احتفال أو طقس ثقافي، فإن هذا التشويه يجعل الاحتفال وذلك الطقس، أي العرس، لحظة قرح وليس فرح لأنه في العمق يكون فضاء للنميمة وللتفاخر ولمظاهر النفاق واصطياد فرص التباهي والتصنع والتشفي. وفي وسط لقاء إنساني كهذا لا تكون هناك فرصة للفرح التلقائي، ولعل هذا ما يفسر برودة واصطناعية الأعراس الكبرى للأغنياء وتتبع الصحافة لها بالتعرية والنميمة والمزايدات وكأنها صفقات للسيرك وليس احتفالا إنسانيا بالحب والأسرة والتحرر من قسوة الوحدة، كما أن هذا التشوه في العرس الحديث لدى الفقراء يجعل منه فضاء للخصام والشجار والشكوى من ثقل الديون ولربما فضاء للمأساة أحيانا أخرى. أجرت الحوار: هجر المغلي * أستاذ باحث في علم الاجتماع وأستاذ الفلسفة

الزواج أصبح تعاقدا فلكلوريا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أعوان قضائيون في تداريب الجيش

أخبار الرياضة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات