البورصة… للمعلومة ثمن

التبركيك" في عالم المال تترتب عنه تداعيات مكلفة وشركات تستعين بالتكنولوجيا لمواجهة التسريبات يخرج "التبركيك" أو "الحضية"، من مفهومه التقليدي المرتبط بالطرافة، إلى ممارسة اجتماعية تترتب عنها تداعيات مكلفة، حين يتعلق الأمر بنقل المعلومات الحساسة في عالم المال والأعمال، تحديدا في البورصة تحت المسمى المعروف "délit d'initié"، المجرم بمقتضى القانون في جميع الدول، والمخالف لأخلاقيات التعامل في الأسواق المالية. يتعلق الأمر بتسريب معلومات سرية لفائدة مساهم معين، تؤثر في ارتفاع أو انخفاض قيمة السهم، إذ يستفيد منها هذا المساهم عبر شراء أسهم جديدة أو بيعها، حسب نوعية المعلومة، إيجابية أم سلبية، فمثلا، يمكن أن يسرب شخص معين معلومة حول شركة عقارية مدرجة، تفيد بانسحابها من أضخم مشاريعها، ما من شأنه خفض سعر سهمها في السوق، إذ يستفيد المساهم الذي حصل على هذه المعلومة الحساسة، من خلال بيع جميع ما يملكه من أسهم هذه الشركة قبل تراجع قيمتها.ويصل "التبركيك" ذروته، حين تجد المعلومة من يثمنها، ويؤدي مقابلا ماديا عنها، إذ لا تتردد بعض الشركات في إطار المنافسة المحمومة ضمن مجال اختصاصها، في اقتناء المعلومات التي تخص السير العادي الداخلي للشركات المنافسة، وكذا مشاريعها الخاصة، وهو الأمر الذي يؤكده عبد الرزاق الكوني، محلل مالي ببنك للأعمال بالبيضاء، موضحا أن أغلب الشركات تراقب البريد الإلكتروني الخاص بموظفيها، وتتبع أي مراسلات صادرة عن الشركة، لحماية مصالحها، مشيرا إلى أن ردهات المحاكم تغص بدعاوى خيانة الأمانة بين شركات وموظفيها.وبهذا الخصوص، فإن أي معلومة عن تغيير إداري مرتقب في شركة، يمكن أن تكون مفيدة لشركة منافسة، تعمد إلى استغلالها لتقوية موقفها وهكذا، الأمر الذي يظهر أهمية إيصال المعلومة المفيدة في الوقت المناسب، وهي المهمة التي تحولت إلى مهنة بدوام كامل لدى بعض المحللين الماليين، الذين يعمدون إلى بيع معلومات في شكل استشارات للمتعاملين بالبورصة، تساعدهم على تقليص مخاطر التداول، وتفادي الخسائر الكبيرة، وفي أحيان أخرى تحقيق أرباح مهمة.ولا يختلف اثنان على أهمية المعلومة ودورها الحاسم في تحقيق الربح في التعاملات بالبورصة، أو حتى تفادي الخسارة، إذ يلهث المستثمر منذ ساعات الصباح الأولى خلف المعلومات الصحيحة، بخصوص الوضعية المالية لهذه الشركة أو تلك، وآفاق تطور السهم ومدى ربحيته. هذا المسعى يدفع ببعض زوار "منتدى بورصة الدار البيضاء"، الذي يعتبر فضاء لتبادل المعلومات بين المتعاملين، إلى الترويج عن حسن أو سوء نية لمعلومات مغلوطة، تتحكم في قرار الشراء لدى المتعاملين، خصوصا الجدد منهم، ممن لم يتمرسوا بعد على خدع وتقنيات التداول في السوق المالية. وبخصوص هذا الأمر، يؤكد أحد مسيري المنتدى، أنه يتم حذف أي تعليق يشتبه في حمله لإشاعة أو معلومة مغلوطة، إذ ترتكز سياسة الموقع على تبادل المعلومات مع الإفصاح عن مصدرها.وأمام تنامي ممارسات "التبركيك" في مجال المال والأعمال، تعمد الشركات المالية تحديدا، إلى الاستعانة بأحدث التكنولوجيا من أجل رصد وتتبع المعطيات المكتوبة والصوتية، الصادرة عن الشركة، من أجل ضمان مصالحها ومصالح زبنائها، فيما تلجأ شركات أخرى إلى تبني معايير خاصة عند اقتناء موظفيها خلال مقابلات العمل، بما يتيح اختيار الأطر التي تتلاءم مع مواثيق السرية المهنية التي تعتمدها.بدر الدين عتيقي

البورصة… للمعلومة ثمن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الكَولسَة" في الأحزاب... قوة إخبارية

ثلاثة أسئلة: حضور مستمر في مشروع نور ورزازات

مقالات ذات صلة