“الكَولسَة” في الأحزاب… قوة إخبارية

تنشط داخل المؤتمرات الوطنية وأمناء الأحزاب يشجعونها من خلال مكافأة المقربين في كيمياء السياسة المغربية تحضر الكواليس تعبيرا عن نوع من "التبركيك" السياسي داخل كثير من الأحزاب. وقد أبانت مجموعة من الخلافات الداخلية التي انتهت إلى انشقاقات وولادة أحزاب أخرى، أن الولاء والاصطفاف يعبران دائما عن عقلية حزبية مغربية ضيقة تقوم على الولاء والاعتبارات الشخصية، وتحول القادة السياسيين مجموعة من المناضلين إلى "مندسين" وسط الفروع والهياكل الحزبية، ليزودوهم بالأخبار وبتقارير عن كل من يعبر عن رأي مخالف لرأي رئيس الحزب، أو يدفع في اتجاه تشكيل بديل أو تيار يحتوي الأصوات المعارضة لاختيارات الزعيم. ثقافة "التبركيك" داخل الأحزاب تنبني على ما يسمى في الأدبيات الحزبية "الكولسة"، وهي قناة تتناقل بواسطاتها الأحزاب المعطيات حول الأشخاص والتنظيمات والفروع، لتصل إلى الأمين العام للحزب الذي يعزز من مكانة هذه الثقافة من خلال مكافأة المقربين والذين يزودونه بالأخبار ويجعلونه دائما في مركز العملية الإخبارية، حتى يتسنى له توظيف هذه المعلومات لأجل البقاء في منصبه وإبعاد كل الأصوات التي يمكن أن تشكك في شرعية انتخابه. في الحالة المغربية، كثيرا ما انتهت عملية التوظيف إلى انشقاق الحزب وخروج أحزاب جديدة، لم تعد تجد في التنظيم الأصل ما يعبر عن قناعاتها ولا أفكارها بقدر ما امتلأ بالمقربين والأشخاص الذين يجدون في "الكواليس" ما يبقيهم على مقربة من زعيم الحزب، الذي يدفعهم إلى الارتقاء داخل هياكله، كلما أظهروا الولاء وبلغوا عن المناضلين! غالبا ما تنشط "الكولسة" داخل المؤتمرات الوطنية للأحزاب، ويسلك الكثير من السياسيين هذا الأسلوب بغرض استطلاع مواقف المؤتمرين، أو لرغبة في إقصاء بعض المرشحين، أو بهدف قياس نوايا التصويت لدى المشاركين في محطة المؤتمر الحزبي. في الظاهر تبدو الأمور هادئة تغذيها المناقشات والآراء التي يتم تداولها داخل لجان المؤتمر، وفي "الكواليس" تنشغل فئة من الموالين لزعيم الحزب بترتيب لوائح المرشحين على المقاس وضبط الأسماء التي يفترض أن تكون ضمن أجهزة الحزب، على قاعدة المرشحون المقربون أولى. مجمل هذه السلوكات غير ديمقراطية لأن "الكولسة" تشكل آلة تنظيمية قوية نجحت في تطوير نفسها، وأصبحت أداة لحسم الخلافات التنظيمية، وإن كان هذا المفهوم الدخيل على الديمقراطية يفيد التآمر والتخطيط بغرض الإقصاء.والنتيجة، أن كثيرا من الأحزاب تحولت إلى دكاكين انتخابية تنشط في فترة البحث عن مرشحين، ثم ما تلبث تعود لتغلق أبوابها في انتظار انتخابات جديدة. هذه الظاهرة التي لازمت بعض الأحزاب منذ تأسيسها تضرب في العمق الأدوار الدستورية للمؤسسات الحزبية ووظائفها في تأطير المواطنين، وهو ما يتعارض مع مقتضيات الفصل السابع من الدستور المغربي، الذي منح الأحزاب مهمة "تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوســــائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية". إن تحول الأحزاب السياسية إلى دكاكين يسائل الدولة بشأن جدوى كل الأموال التي تصرفها لأجل حملاتها الانتخابية أو الإعلامية.إحسان الحافظي

مرتادو "فيسبوك" يسكنون بيوتا من زجاج

البورصة... للمعلومة ثمن

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات