قال نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي، إن التحضير للقانون المالي 2016 مازال تحضيرا عشوائيا غير منظم وغير معقلن، مبرزا أن المغرب لا يزال بعيدا كل البعد عن الحد الأدنى من معايير العقلنة والشفافية في تحضير الميزانية.وأضاف أقصبي في مداخلته برسم اللقاء الذي نظمه المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد بجهة مراكش آسفي، الجمعة الماضي،أن قانون المالية ليس مجرد مواد قانونية تقنية لا يعيها فقط ذوو الاختصاص وإنما هي تعبير عن السياسات العمومية ومرآة للإختيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيرا إلى أن لغة الأرقام تعفي من الكلام والخطب، وهي تعكس مع الأسف واقعا صعبا غير ذلك الذي تسوقه الحكومة والذي تحاول من خلاله العزف على مقولة «العام زين» وجعل المواطنين يعيشون في الأوهام.وتابع الخبير الاقتصادي بأن الحكومة التي تدعي بأن الوضعية تحسنت وبأن البلاد كانت على شفا الانهيار، وصارت «سوبرمان» ماضية في نهج سابقاتها، من خلال الوفاء للثوابت المرتكزة على سياسة مالية «أرتودكسية» خاضعة لتعليمات وتوجيهات المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي، ، مضيفا أن النظرة «الأرتدوكسية» تجعل الحكومة تبحث عن التوازن عبر نهج سياسة مالية تقشفية من خلال زيادة الموارد عبر ضرائب مجحفة غير منصفة مقابل تقليص في النفقات، سيما الموجهة للاستثمار والتنمية والنفقات الاجتماعية، والنتيجة بحسب أقصبي تقشف بدون توازن.وتوقف أقصبي عند العجز الذي تعانيه الميزانية العامة والتي لا تغطي الموارد الذاتية منها سوى نحو 65 بالمائة، مما يضطر الحكومة إلى اقتراض نحو 65 مليار سنويا لتغطية هذا العجز، وهو الرقم الذي قفز هذا العام إلى 70 مليارا أي بنسبة 7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مشيرا إلى انعكاسات معضلة المديونية على اقتصاد البلاد، مبرزا أن العجز الحقيقي الناتج عن الفارق بين المداخيل والنفقات سيصل إلى 10 بالمائة عوض رقم 3.4 الذي تروج له الحكومة، في الوقت الذي قفزت فيه المديونية من 50 إلى 81 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، والثمن حسبه يؤديه مع الأسف الضعفاء والفقراء.وأشار إلى أن من الملاحظات التي تسم مالية 2016، انخفاض نفقات التسيير وهو أمر ليس راجعا إلى نجاح الحكومة في نهج سياسية رشيدة، وإنما الأمر يجد تفسيره في خفض اعتماد صندوق المقاصة من 50 مليارا إلى 15، وهبوط سعر المحروقات في السوق الدولية، مبرزا أن تراجع الأسعار على الصعيد العالمي لا ينعكس على المواطن المغربي، لافتا في المقابل إلى خطورة سياسة تحرير الأسعار التي تعتبر الإنجاز الوحيد لحكومة بنكيران والتي تفرض دق ناقوس الخطر، مشبها سياسة التحرير مثل من يلقي بشخص من الطائرة بدون مظلة، فأسعار النفط مرشحة للعودة إلى الارتفاع في أية لحظة، وهو أمر يفرز وضعا جديدا قد يكون بحسب قوله خطيرا، فالمستهلك المغربي مخدَّر أو «مبنَّج» ما دامت الأسعار منخفضة.وطرح أقصبي خلال مداخلته عددا من المقترحات التي يعتبرها مدخلا للنهوض بالاقتصاد الوطني مثل إصلاح النظام الجبائي عبر الرفع بشكل عادل من الضرائب المباشرة التي تشكل نحو 40 بالمائة من الجبايات، وإصلاح الضريبة غير المباشرة « الضريبة على القيمة المضافة» التي تشكل 60 بالمائة، والتي تبقى مجحفة وغير عادلة، إضافة إلى فرض ضريبة على الثروة ، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المجالس الضريبية خرجت بنحو 60 توصية للإصلاح لكنها بقيت حبرا على ورق.وخلص الخبير الاقتصادي إلى القول بأن الأرقام تتكلم والوقائع تغني عن الخطابات، وتؤكد بالملموس أن الحكومة مع الحيف «ومبغياش نظام ضريبي أكثر عدالة» بتعبير دارج أكثر بساطة.محمد الهزيم (مراكش)