كشف محمد السكتاوي، المدير العام لفرع المغرب لمنظمة العفو الدولية، معطيات صادمة عن واقع التعذيب في المغرب، خلص إليها تقرير المنظمة الذي حمل عنوان "ضلال الإفلات من العقاب". وأكد السكتاوي تنامي حالات التعذيب، منذ الساعات الأولى للاحتجاز، وعودة قوية إلى أساليب الاغتصاب باستخدام أدوات مثل القنينات الزجاجية أو الهراوات، والتعليق في وضع مقلوب، في ما يعرف بوضع "الدجاج المشوي"، والصعق بالصدمات الكهربائية والحرق بلفافات التبغ، والتجريد من الملابس، إمعانا في الإيذاء والإذلال الجنسي.وسجل السكتاوي، خلال ندوة نظمتها منظمة العفو الدولية، أمس (الثلاثاء)، لاستعراض خلاصات تقرير حول التعذيب، عددا من الخطوات الإيجابية التي تسير في اتجاه القطع مع هذه الممارسات، ليتوقف عند ما أسماه "عدم التحقيق في مزاعم التعذيب، وعدم إخضاع المسؤولين المتورطين في ممارسته إلى العقاب، بسبب استمرار عدم مساءلة الجناة".و"رغم أن التعذيب في المغرب، ليس سياسة ممنهجة من قبل الدولة، كما كان عليه الأمر سابقا"، يقول السكتاوي، إلا أن ذلك لا ينفي في المقابل، استمرار هذه السلوكات في حالات متفرقة تتوزع على تراب المملكة، سيما عندما تعتقد السلطات أن الأمن القومي مهدد، إذ وثقت المنظمة عدة أساليب من التعذيب وأشكال إساءة المعاملة الأخرى الأكثر شيوعا، أكدت ما سبق أن خلص إليه تقرير المقرر الأممي خوان مانديس، من ممارسات وقفت عليها أمنيستي في عدة حالات، تتباين بين الضرب والأوضاع الضاغطة للجسم، إلى تقنيات الخنق والإيهام بالغرق والعنف النفسي والجنسي، بما في ذلك التهديد بالاغتصاب، "بل وحتى تنفيذ ذلك التهديد، وإن كان في حالات نادرة".كما استعرض التقرير سلوكات تمارس بينما تكون أيدي وأقدام المحتجزين موثوقة وأعينهم معصوبة، في ما يعرف بوضع "الدجاج المشوي"، إذ يعلق الشخص في قضيب من ركبتيه ورسغيه في وضع رابض، وتتباين بين الضرب المبرح، بما في ذلك الضرب على الرأس والصفع على الأذنين لفترات طويلة، وباطن القدمين، أو ما يعرف بـ"الفلقة"، علاوة على تعريضهم للصدمات الكهربائية في أعضاء حساسة من أجسادهم، وسكب الماء والبول في أفواه المعتقلين قسرا.وأحصى التقرير الذي استغرقت المنظمة الدولية سنة كاملة لإنجازه في إطار حملة دولة خاضتها المنظمة، تحت شعار "أوقفوا التعذيب"، 173 حالة تعرض أصحابها للتعذيب خلال الفترة الممتدة من سنة 2010 إلى 2014، يقول فيليب لوثر، المسؤول عن منظمة أمنستي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، الذي نبه إلى أن هذا العدد وحده مؤشر واضح عن خطورة حالات التعذيب في المغرب، "علما أنه مازال في المغرب حالات عديدة تخشى وترفض الكشف عن التعذيب الذي طالها، منبها في الوقت ذاته إلى أن التعذيب يقع، منذ لحظة الاعتقال في وضح النهار أو خلف زجاج نوافذ الزجاج المضلل في مركبات قوات الأمن، إثر تفريق الاحتجاجات. كما وقفت المنظمة على مؤشر "مرعب"، يكمن في استخدام قوانين "الوشاية الكاذبة"، والقذف والتشهير لمقاضاة ضحايا التعذيب المزعومين الذين يجهرون بالحديث عما تعرضوا إليه، إذ أكد السكتاوي بهذا الخصوص أن أمام الحكومة فرصة حقيقية للقطع مع هذه الممارسات في ورش إصلاح القانون الجنائي وتكريس ضمانات الحماية من التعذيب وحماية المبلغين عن التعذيب والتحقيق في شكايات وبلاغات التعذيب، علاوة على تقديم المتورطين إلى العدالة وجبر الضرر.هجر المغلي مندوبية حقوق الإنسان ترفض تقرير "أمنستي" شدد عبد الرزاق الروان، الكاتب العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، رفض السلطات المغربية مضامين تقرير "أمنستي" حول التعذيب، مبرزا أنه من الممكن أن يمارس التعذيب في أي بلد من بلدان العالم، إلا أنه في المقابل ما لا يمكن قبوله هو "غياب آليات الإنصاف والتظلم، "وغياب آليات مفعلة في المغرب". وأوضح الروان أن النتائج التي خلص إليها التقرير هي "نتائج مسبقة" لا تعكس حالة عامة، بقدر ما هي حالات معزولة ومجهولة في بعضها، "ففي الوقت الذي تحدث فيه التقرير عن 173 حالة، توصلنا نحن بـ 67 حالة تهم في الواقع 60 شخصا، وهو ما يضرب في العمق منهجية عمل القائمين على إعداد التقرير".وشدد الروان على رفض المغرب إدراجه ضمن الدول الخمس التي اختارتها المنظمة لإعداد تقرير حول ممارسات التعذيب، متجاهلة التقدم الملموس الذي حققه في ورش حقوق الإنسان. وعاب الكاتب العام للمندوبية طريقة تعامل "أمنستي" مع ردود الحكومة على ما ورد في شكل مذكرة، وإلحاقها بملحق التقرير الذي هو في الغالب الجزء غير المقروء من التقرير.هـ. م