لقصة حب الوزيرين الشوباني وبنخلدون وجهان، أحدهما طارت منه الفراشات ورفرفت في ربيع 2015، فتحول معها بعض السياسيين إلى أطفال طاردوها بشباك لاعتقال تفاصيلها الشخصية، والبعض تحول إلى "ركن المفتي"، والبعض الآخر وضع على فمه لصاقا احتراما لمبدأ الحرية الفردية. ولأن هذا الوجه مغرق في الرومانسية، فإنه جلب للوزيرين الكثير من التعاطف، ووجد لهما البعض عشرات الأعذار في "الحب أعمى" ، و"الحب كالموت يغير كل شيء". بل إن بعضهم عاب على حميد شباط فض بكارة هذه القصة الغرامية وعرض دمائها على العموم في صينية حملة سياسية مغرضة. غير أنه سرعان ما تبين أن لهذه القصة وجها آخر، تخرج منه الدبابير، وتلسع وجه المغرب الحقوقي، وتأتي على أخضر ما تحقق في مدونة الأسرة، والسعي وراء جلب مزيد من الحقوق، سواء تحت غطاء "قانون لمناهضة العنف ضد النساء"، أو"الخطة الحكومية للمساواة.. إكرام"، وهي الخطة التي أشهرتها سمية ذات حوار تلفزيوني ونادت بالمساواة. لسعات الدبور لا تتجسد فقط في عزم الاثنين الارتباط، بل في جر الزوجة الأولى بكامل جراحها العقلية والجسدية إلى بيت الوزيرة، لتخطب سعادتها للوزير. ومهما كان ذلك حاطا من كرامة الزوجة الأولى ومهشما لأنوثتها، فإنه يظهر أيضا أن الوزير بذلك يقول إنه لم يخالف بنود مدونة الأسرة، إذ في ذهاب زوجته معه للخطبة موافقة وهذا كل ما تشترطه المدونة إلى جانب القدرة المالية. الوجهان معا يضعان المغرب الحقوقي في مأزق التناقض الصارخ بين المدونة والدستور، وبين المجتمع الذي يسير نسبيا إلى التقليل من التعدد، ويتجه نحو الاقتناع بمنعه، وبين الحكومة التي يمارسه أعضاؤها ويفاخرون بذلك. موقف العدالة والتنمية من التعدد ليس جديدا، بل هو واحد من الملفات التي جيش لها الحزب المناضلين ليخرجوا في مسيرة لإجهاض الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، غير أن الحزب، ومن خلاله الوزيران، يتجاهلان الرأي العام الدولي، الذي عض في جسد المغرب الحقوقي مرة أخرى، ونشرت صحافته قصة التعدد في حكومة عبد الإله بنكيران، كما تطرقت مقالات مطولة إلى التراجع عن المكتسبات التي تحققت للمرأة في المجتمع المغربي من خلال مدونة الأسرة، بل اعتبرت أن الحزب الحاكم "قدوة سياسية سيئة"، من شأنها الحد من التقدم نحو المساواة الحقيقية.لم تجنح القوى الديمقراطية إلى الصمت، بل خرج الحقوقيون من دائرة الصمت، بعد أن تحول الشأن الخاص، إلى شأن عام بعد خطوة التعدد، وفي هذا الصدد جددت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، مطلبها بشأن إلغاء تعدد الزوجات في المغرب حماية لحقوق النساء ولكرامة المجتمع المغربي .وقالت الفدرالية إن الحكومة تسير في اتجاه معاكس ومضاد لكل التغييرات الراهنة الرامية إلى التقدم والانسجام مع روح العصر وتطلعاته في مجال المساواة والحقوق الإنسانية للنساء وتحديدا في مسألة "تعدد الزوجات"، إذ أن وزير العدل والحريات المغربي متعدد الزوجات وسعيد بأنه كذلك، ويدعي ممارسة الإنصاف والعدل بين زوجاته، في حين يتطلع إلى خلق شروط تحقيق العدالة للمغاربة والمغربيات . كما انضم وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، بدوره إلى نادي تعدد الزوجات بعد "قصة حب ما بين-حكومية " تجمعه بزميلته الوزيرة المنتدبة في التعليم العالي. واعتبرت الفدرالية أن حكومة بنكيران، التي سبق أن حذفت "منع تعدد الزوجات" من البرنامج الحكومي المقترح للمغاربة، تبعث "إشارة قوية" لعمق المجتمع المغربي الذي تجاوز-تقريبا- ثقافيا حقوقيا وإنسانيا مسألة تعدد الزوجات، من خلال نسبة تعدد الزوجات داخل الحكومة الحالية، والذي يفوق بكثير نسبته داخل المجتمع، وهي الصورة والوضعية الأكثر انسجاما لحكومة ذكورية تسعى يوميا وبكل وسائلها إلى المس بكرامة النساء وبحقوقهن وحرياتهن الأساسية .ضحى زين الدين