مجالس فقيرة تدعم جمعيات الأعيان بعشرات الملايين رغم اعتراض المواطنين علمت "الصباح" أن مجموعة من الجماعات خصصت مبالغ كبيرة، تقدر بعشرات الملايين، لدعم جمعيات "التبوريدة"، استعدادا لموسم المهرجانات، الذي سينطلق في الأسابيع المقبلة، رغم أن ميزانية تلك الجماعات محدودة جدا. ورغم الرفض الشعبي الذي عبرت عنه فئات واسعة، في جماعات كثيرة، إلا أن المنتخبين مصممون على دعم "الديور الكبار"، التي يستمتع أفرادها بالمشاركة في مواسم "التبوريدة"، والاحتفال بنهاية العام الفلاحي، كما جرت العادة في الكثير من الأقاليم. ووجد المنتخبون في دعم جمعيات "التبوريدة" خزانا انتخابيا لا غنى عنه، من أجل الفوز في الاستحقاقات الانتخابية، إذ أن عدم دعم هذه النوعية من الأنشطة الترفيهية من ميزانية الجماعات، يمكن أن يكلف المنتخب عدم الاستمرار في منصبه، وتعويضه بشخص آخر قادر على تنفيذ تعليمات الأعيان المحليين. وحصلت "الصباح" على معطيات مؤكدة، تفيد أن مجموعة من الجماعات الفقيرة بإقليم أزيلال خصصت مبالغ تتجاوز 20 مليونا لهذه الجمعيات، وهو ما ينطبق على الكثير من الأقاليم الأخرى، إضافة إلى أقساط الدعم الأخرى التي يتوصل بها المنظمون من المجالس الإقليمية ومجالس الجهات ووزارة الثقافة، ناهيك عن الدعم اللوجستيكي والبشري، الذي توفره السلطات المحلية. وبسط المنتخبون هذه السنة، على وجه التحديد، أيديهم في دعم المهرجانات، على اعتبار أن هذه السنة حاسمة، ولا يريدون أن "يشتروا عداوات" مع الأعيان المحليين، الذين يبسطون نفوذهم الرمزي على الفقراء، إذ يكفي انتشار خبر أن أحد الأعيان في خلاف مع الرئيس، أو لم يعد يكلمه أو يسلم عليه، لثني فئة المصوتين عن الانتخاب عليه، إذ أن شراء رضا الأعيان يعني بشكل أوتوماتيكي كسب أصوات الفقراء. وبما أن المنتخبين يشعرون بنوع من الإحراج الشعبي والسياسي في دعم تلك الجمعيات، فإنهم لجؤوا إلى حيلة أخرى، متمثلة في ترقية المواسم إلى مهرجانات، وإدخالها ضمن لائحة مهرجانات وزارة الثقافة، ومن ثم الحصول على دعم ورعاية الوزارة، وجلب الفنانين المشهورين و"الشيخات"، الذين يحظون بحب وتقدير الفئة الشابة الناقمة على السياسة والسياسيين، وهي حيلة ناجحة وفعالة، إذ يحضر تلك السهرات آلاف الشباب. وأصبح التنافس بين الجمعيات والمنتخبين في الجماعات، على جلب أفضل فنان وأفضل فرقة "شيخات"، إذ يشعر بالفخر والانتصار، من استطاع أن يحجز بشكل مسبق فنانا مثل أحوزار أو بدر أوعبي أو ميمون أورحو وغيرهم، وينتشون عندما يعلنون عن "الأفيش"، مثل من فاز في معركة. ويستغل المتضررون من غياب الطرق، أو الذين يعانون العطش الفرصة بدورهم، إذ بعد الإعلان عن المهرجانات قامت مجموعة من الدواوير في إقليم أزيلال بمسيرات قطعوا فيها عشرات الكيلومترات نحو العمالة، من أجل التظلم والاحتجاج على هدر المال العام، في وقت لا يتوفرون فيه على الماء أو الطرق أو سيارات الإسعاف، ويضطرون إلى نقل نسائهم الحوامل على نعوش الموتى نحو المستشفى. عصام الناصيري