سيـدي بنـور … رؤيـة تنمويـة غائبـة

منذ انتخاب حسناء النووي، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، في غشت الماضي، رئيسة لبلدية سيدي بنور، وهي أول امرأة تفوز بمنصب الرئاسة، خلفا للرئيس السابق عبد المعيد إسعد، المستقيل، والسكان يمنون النفس بضخ دماء جديدة في دواليب تسيير الجماعة الحضرية. وأصبحت نظرة السكان سوداوية، بسبب الوضعية الكارثية التي باتت عليها المدينة، رغم برمجة بعض المشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تظل غير كافية لسد الخصاص الذي تعانيه المنطقة، إذ رغم مطالب فعاليات مدنية، إلا أنها تصطدم بأغلبية مسيرة بسطت سيطرتها على السير العادي لبلدية سيدي بنور. إنجاز: أحمد سكاب (سيدي بنور)/ تصوير: (أحمد جرفي) تعيش بلدية سيدي بنور على وقع تعثر العديد من المشاريع، وغياب رؤية تنموية واضحة المعالم، من شأنها الدفع بعجلة التنمية بالمنطقة، منها مشاريع متعلقة بالمجال الرياضي وأخرى ذات طابع اجتماعي، إضافة إلى مشاريع تهم القطاع الصحي والتشغيل. مشاريع متعثرة من بين المشاريع الرياضية التي مازالت متعثرة، لعدة سنوات، ولم تر النور بعد، مشروع تدشين القاعة المغطاة الذي ما زال يراوح مكانه منذ أكثر من عشر سنوات، وبلغ صداه أصحاب القرار بالوزارة الوصية، لوجود خلل في الاتفاقية المبرمة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وجماعة سيدي بنور، ما أدى إلى تأخر افتتاحها. وعبرت العديد من الأندية الرياضية المحلية عن استيائها، خصوصا الممارسة لرياضات جماعية، إذ تضطر إلى السفر للعب خارج سيدي بنور، ومنها أندية كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة، وتساءلت عن سبب التأخر غير المبرر من قبل جماعة سيدي بنور في إتمام الأشغال التي طال أمدها وافتتاح المعلمة الرياضية المنتظرة. وكشفت مصادر مقربة من مجلس سيدي بنور أن القاعة، التي تتسع لحوالي ثلاثة آلاف مقعد، وتضاهي نظيرتها بالزمامرة من حيث الطاقة الاستيعابية، رصد لها، بداية، غلاف مالي يقدر بـ 25 مليون درهم، قبل أن يتقرر رفع المبلغ في عهد الرئيس السابق للجماعة. وتواصلت الأشغال بالقاعة، أخيرا، بعد توقفها، عقب تدخل السلطات الإقليمية التي وضعت حدا لهذا التوقف وعملت على افتتاح القاعة المغطاة قريبا. كما سبق للمجلس الجماعي لسيدي بنور، في عهد الرئيس السابق، أن خصص غلافا ماليا يقدر بحوالي مليوني درهم، لإعداد دراسة خاصة بتجديد الملعب البلدي ومرافقه، التي تحتاج لصيانة. احتلال الملك العمومي رغم الحملات الموسمية التي تقودها السلطات المحلية، للقضاء على ظاهرة احتلال الملك العمومي بسيدي بنور، إلا أنها ما زالت لم تنجح في تخليص عدد من الأحياء والشوارع من هذه الظاهرة، التي تضر بحقوق المواطنين. وطالبت فعاليات بالمدينة بضرورة الحد من مظاهر الفوضى المرتبطة باحتلال الملك العمومي التي تعيشها المدينة، والتي ما زالت غائبة عن ركب التنمية على عدة مستويات. وطالب السكان المتضررون من استفحال احتلال الملك العمومي بتحرك الجهات المسؤولة، وعلى رأسها السلطات المحلية والمجلس الجماعي الحالي، من أجل تفعيل الدورية المتعلقة بتحرير الملك العمومي، خصوصا من أيدي أصحاب بعض المقاهي بشارع محمد الخامس وسط المدينة و"الفيلاج"، والتي يملك بعضها منتخبون، وتشكل عائقا أمام مرور الراجلين، وتدفع بهم إلى سلك الطريق وسط ازدحام السيارات والشاحنات، ما يشكل خطرا على سلامتهم البدنية. وباتت المدينة، التي لم تتخل عن طابعها البدوي، تعيش على وقع الفوضى والتسيب، ما دفع العديد من السكان للتعبير عن سخطهم تجاه هذا الواقع المرير، ومناشدة السلطات المختصة والمجلس الجماعي للتدخل العاجل من أجل تحرير الملك العمومي، بعدما غابت عن سيدي بنور مظاهر التحضر، وانتشر بها، بشكل مخيف، عدد الكلاب الضالة، التي أصبحت تغزو جل الأحياء السكنية، إضافة إلى تجول المواشي، التي أصبحت تزاحم المارة والسيارات، أمام غياب المشرفين على الشأن المحلي. مشاكل بيئية دق سكان سيدي بنور ناقوس الخطر بسبب مطرح النفايات الموجود بأولاد ناصر بجماعة "العطاطرة"، والذي يسبب لهم معاناة يومية جراء انتشار الروائح الكريهة. وسبق لعدد من المواطنين المتضررين أن وجهوا رسائل لعامل الإقليم من أجل رفع الضرر عنهم، بسبب انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة. وإلى جانب مشكل التلوث المنبعث من مطرح النفايات، تعيش سيدي بنور أيضا على مشكل انبعاث روائح وأدخنة من معمل "كوسومار"، بمدخل المدينة، الذي يسبب اختناقا للمواطنين، خصوصا الذين يعانون أمراضا مزمنة كالحساسية والربو، إذ أن الروائح تنتشر عبر مساحات شاسعة، وباتت الأدخنة مصدر إزعاج بشكل يومي، دون تدخل الجهات المعنية وعلى رأسها عامل الإقليم، الحسين بوكوتة، الذي لزم الصمت منذ تعيينه. وأصبحت الروائح التي تنبعث بشكل متكرر جزءا من حياة السكان، ما يؤثر سلبا على جودة الهواء، ويشكل تهديدا حقيقيا للصحة العامة، خاصة الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة. ويتفاجأ الزائر لسيدي بنور بانبعاث الروائح الكريهة من معمل "كوسومار"، رغم محاولات إدارته زرع الأشجار بمحيطه، أمام غياب التدخل الناجع من قبل الشركة المعنية للحد من هذا التلوث، ودون بذل جهد كاف لمعاجلة هذا المشكل البيئي الخطير. وعجزت إدارة المعمل عن إيجاد حلول كفيلة وبديلة لوضع حد لهذا الإشكال الذي بات يهدد صحة المواطن البنوري، على وجه الخصوص، وزوار المدينة، بصفة عامة. تحديات تنموية يواجه إقليم سيدي بنور عددا من التحديات التنموية، إذ ما زال يحافظ على طابع البداوة رغم خروجه من رحم إقليم الجديدة في 2009. وتعتبر سيدي بنور من المدن التي تعكس التحديات التي تواجهها البلاد على عدة مستويات، خاصة أن المواطنين يعيشون واقعا صعبا بسبب غياب التنمية المستدامة، وعدة مشاكل من أبرزها غياب فرص الشغل، ونقص المراكز السوسيوثقافية وتدهور الخدمات الصحية. ويعد غياب فرص الشغل من أهم القضايا التي تؤرق السكان، في ظل عدم وجود مشاريع استثمارية فعالة تقلص من نسبة البطالة، أمام غياب تحفيزات لجلب استثمارات بالمنطقة. ولم تسجل المدينة أي تطور ملموس في العديد من المشاريع والقطاعات، إذ لم تتمكن الجماعة من إيجاد حل للسوق الأسبوعي، الذي ينعقد كل ثلاثاء، ويعتبر من أكبر الأسواق الأسبوعية، من خلال تحويله خارج المدار الحضري، لتجنيب المدينة كارثة بيئية، نتيجة تراكم الأزبال والنفايات التي يخلفها انعقاد السوق، الذي يفتقد لمجزرة في المستوى المطلوب، إذ تفتقر لأبسط شروط النظافة. ومازالت المحطة الطرقية تشكل عائقا في وجه حركة السير والجولان، إذ تتجمع حولها سيارات الأجرة من الحجم الصغير والعربات المجرورة بالدواب وأكشاك بيع الفواكه والباعة الجائلون، دون أن يحرك ذلك المجلس الجماعي. كما يعاني سكان سيدي بنور مشاكل عديدة تخص القطاع الصحي، مثل نقص الموارد البشرية والمرافق الصحية، وعدم توفر الأطباء، والمعدات اللازمة في المرافق الصحية، إذ يؤثر هذا النقص في عدد الخدمات المقدمة للسكان، وهي كلها معاناة يعانيها المواطن البنوري، ما يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية. ويشكل الخصاص الفظيع في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية بالمستشفى المحلي، نقطة سوداء في المجال الصحي بالإقليم، ما يدفع إدارة المستشفى، في أحيان كثيرة، إلى تحويل المرضى المترددين عليه نحو المستشفى الإقليمي بالجديدة. ويشتكي سكان سيدي بنور من غياب مساحات خضراء، إذ عبروا عن استيائهم من اللامبالاة التي يتعامل بها المجلس الجماعي مع المتنفس الوحيد، وهي الحديقة العمومية، بسبب انعدام الإنارة ليلا، ما يساهم في انتشار الجرائم. 40 مشروعا اجتماعيا برمجت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بإقليم سيدي بنور، خلال اجتماعها الأخير، بمقر عمالة الإقليم، ما مجموعه 40 مشروعا، تندرج في إطار المشاريع التنموية المقترحة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لـ 2025، بغلاف مالي يناهز 76 مليونا و500 ألف درهم. وتروم تلك المشاريع، التي تهم قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية، تجويد الخدمات المقدمة لسكان العالم القروي في مختلف المجالات، بالإضافة إلى دعم ومواكبة الشباب خاصة المتحدرين من أوساط هشة. وصادقت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، خلال الاجتماع المذكور، على 6 مشاريع بغلاف مالي يبلغ 14 مليون درهم، ضمن البرنامج الأول الخاص بتدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية، والخدمات الأساسية بالمناطق الأقل تجهيزا، والتي تهم ثلاثة محاور وهي التزويد بالماء الصالح للشرب والكهربة والطرق والمسالك. كما صادقت على 7 مشاريع بغلاف مالي قدره 5 ملايين و800 ألف درهم، ضمن برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، والذي يهم المرأة والطفل، حيث يروم أساسا تحسين جودة الخدمات المقدمة من قبل مؤسسات الرعاية الاجتماعية المحدثة خلال المرحلتين الأولى والثانية من المبادرة الوطنية بالإقليم. وصادقت اللجنة أيضا على 10 مشاريع في إطار برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، بمبلغ مالي بلغ 32 مليونا و800 ألف درهم، حيث تتوزع هذه المشاريع على محور الاقتصاد التضامني والاجتماعي ودعم التشغيل لدى الشباب ودعم ريادة الأعمال، بتراب جماعات الوليدية وسيدي بنور والمشرك والغربية. كما صادقت اللجنة كذلك خلال هذا الاجتماع، على 17 مشروعا بغلاف مالي قدره 23 مليونا و900 ألف درهم، تدخل ضمن برنامج الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة، حيث تهدف هذه المشاريع إلى تعزيز صحة وتغذية الأم والطفل وتعزيز التعليم الأولي بالإقليم، بالإضافة إلى تجويد الخدمات الصحية من خلال اقتناء سيارات إسعاف تابعة للمراكز الصحية القروية.

سيـدي بنـور … رؤيـة تنمويـة غائبـة

مشاريع غير مكتملة تؤرق السكان وتضع مسؤولي الشأن المحلي في قفص الاتهام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوداد يسعى إلى تمديد عقد الرايحي

الإصابة تغيب الصبار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات