مرة أخرى، وقف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من خلال دورية جديدة بعثها للمسؤولين القضائيين، على مسألة مهمة بخصوص العمر الافتراضي للملفات داخل المحكمة، خاصة عندما يتجاوز المعقول، ويتم التأجيل لمجرد التأجيل، دون مبررات مقبولة. دورية عبد النباوي، التي وقعها الخميس الماضي، عمدت إلى الوقوف على نقاط مهمة جدا في شأن المعيقات، أو بالأحرى الأسباب غير المبررة، التي يتم الارتكان إليها في التأخيرات في عدد من الملفات، ومن أهمها مسألة التأخير في إيداع الخبرات التي تأمر المحكمة بإجرائها في بعض الملفات، والتي يصل فيها الأمر إلى أشهر، بل إنه قد يتجاوز الأمر سنة أو سنتين. ويبقى الملف القضائي رهين تلك التأجيلات، دون أن يحرك القضاة المعنيون ساكنا، ظنا منهم أن تأخيرها هو الحل، في انتظار أن يتم الإفراج عن الخبرة، التي قد لا تنجز، خاصة أنه في حالات معينة، تتم الاستعانة بخبراء لم يعد لهم وجود، أو موقوفين عن الممارسة، أو أصبحت عناوينهم مجهولة، بسبب عدم تحيين لائحة الخبراء في المحكمة، وهي طامة كبرى تضع المتقاضين في متاهة حقيقية تهدر الزمن القضائي وتضر به، بشكل لا يمكن قبوله. وما يزيد الطين بلة أن هناك خبراء، وهو ما وقف عليه الرئيس المنتدب في وقت سابق، يتهاونون في إنجاز الخبرات، ولا تعمد المحكمة إلى اتخاذ أي إجراء في حقهم، ما دفع عبد النباوي إلى توجيه تعليماته للمسؤولين القضائيين بإنجاز تقارير، تهم الخبراء القضائيين الذين يتماطلون، دون مبرر مقبول، في القيام بمهامهم، وإحالتها على الجهة المختصة، مع إشعار المجلس الأعلى للسلطة القضائية بذلك. من هنا يمكن التساؤل: هل فعل المسؤولون القضائيون هذه التعليمات؟ وهل تم إخبار المجلس بالنتائج التي تم التوصل إليها؟ سؤالان مشروعان ضمن أخرى تنتظر الرد عليها في التقرير الذي يفترض أن يمد به المسؤولون القضائيون الرئيس المنتدب في أبريل المقبل. الخبرة القضائية ليست ترفا أو إجراء شكليا، بل نقطة محددة في مسار عدد من الملفات القضائية، وأي تهاون في إنجازها أو إخلال بها، قد تكون له انعكاسات سلبية على شروط المحاكمة العادلة التي يسعى الجميع إلى تحقيقها. فالأرقام التي تحدث عنها التقرير السابع لرئاسة النيابة العامة بشأن الأبحاث التي فتحت في الشكايات المرفوعة ضد الخبراء، بلغت 210، وتم الاستماع إلى 204 خبراء، وتم إصدار أربعة مقررات بالتوقيف عن العمل في حق خبراء، بناء على متابعة زجرية، وأصدرت اللجنة التأديبية، بناء على نتائج تلك الأبحاث، مقررات بالحفظ وأخرى بالمتابعة، بالإضافة إلى عقوبات تأديبية وصلت حد التشطيب في حق 9 خبراء، وهي كلها معطيات تؤكد أن موضوع الخبرة ليس على ما يرام. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma