تخيل أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، يترأس اجتماع مجلس الأمن القومي لبلده، حيث يناقش قضايا الحرب في المنطقة، ويستعرض مخططات الإبادة في غزة، ثم فجأة، وهو يهم بمغادرة القاعة، يتذكر أمرا غاية في الأهمية: حميد المهداوي لا يزال حرا طليقا في المغرب! . في اليوم نفسه، يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، يجلس في مكتبه منهمكا في إعداد قائمة المطلوبين من عناصر حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني، وعند آخر الأسماء، يضيف اسما جديدا بخط عريض: "حميد المهداوي". كل هذا ليس خيالا ساخرا، بل امتداد لحالة "التنوير الذاتي" التي يعيشها المهداوي، إذ أقسم في بث مباشر على "يوتوب" أنه مستهدف من قبل إسرائيل، وناشد جلالة الملك لحمايته من هذا الخطر الوجودي، في مشهد لا يقل دراماتيكية عن أفلام التجسس الهوليودية، حيث البطل الذي تسعى الاستخبارات العالمية لاغتياله، بينما يواصل معركته ببسالة نادرة، عبر البث المباشر! مبررات المهداوي عديدة، تبدأ من شكايات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إلى خلافاته مع أصدقائه القدامى، مرورا بالتحولات العجيبة في علاقته بيونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، فبالأمس كانا يتسامران حتى ساعات الفجر، ويتبادلان الضحكات، وفجأة، انقلب عليه مجاهد وقرر "محاكمته"! هل يحتاج الأمر إلى تحليل؟ بالطبع لا، والمهداوي وجد التفسير الجاهز: إسرائيل تحرك الخيوط في الخفاء! وحتى يكون الخطاب أكثر إقناعا، لم يتردد المهداوي في تعداد "خيانة" يونس مجاهد، فالرجل، الذي كان في يوم من الأيام صديقا مقربا له، أصبح يستهدفه شخصيا، ووسط انفعالات المهداوي المعتادة، لم يعد مستبعدا أن ينفلت منه لسانه في لحظة درامية، ليحاكي أسلوب شعبان عبد الرحيم في أغنيته الشهيرة: "أنا بكره إسرائيل... وبحب يونس مجاهد!" بلغة الأرقام، إسرائيل، التي تتجسس على العالم بأحدث التقنيات، وتتابع التحركات السياسية على مدار الساعة، منشغلة الآن بمعضلة أكبر: كيف ما زال حميد المهداوي قادرا على بث الفيديوهات؟ كيف يفلت من أعين الموساد؟ هل هناك جهاز استخباراتي جديد يسانده؟ أم أن الأمر أعقد من ذلك، وربما هناك قوى كونية تحميه؟ في النهاية، يبدو أن حميد المهداوي لم يعد مجرد "يوتوبور"، بل تحول إلى شخصية أسطورية في مخيلته، يخوض معارك وهمية ضد عدو لا يعرف حتى بوجوده. أما إسرائيل، فبكل تأكيد، تتابع قضيته بقلق بالغ، ومن يدري؟ ربما يجتمع الكنيست الإسرائيلي قريبا لبحث هذا التهديد العابر للقارات! للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma