الزوجة ليست خادمة في بيتها وإنما سيدته

منديب أستاذ السوسيولوجيا والأنثربولوجيا قال إن عمل المرأة بمنزلها لا يحظى بالأهمية التي يستحقها كشف الدكتور عبد الغني منديب، أستاذ السوسيولوجيا والأنثربولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الاعتراف بأهمية ربات البيوت، مسألة ثقافية مرتبطة بالتنمية البشرية للأفراد وللمجتمع. وأوضح منديب في حوار أجرته معه «الصباح» أن عدم اشتغال المرأة خارج البيت، غالبا ما يكون اضطراريا وليس اختياريا. في ما يلي نص الحوار: ما الذي جعل عمل المرأة بالمنزل فضاء أسريا غير مرئي مقارنة مع عملها في قطاعات خدماتية وإنتاجية في الفضاء العمومي؟ عمل المرأة المغربية داخل البيت هو من المؤكد مرئي، ولكنه لا يحظى بالأهمية التي يستحقها. ويرجع هذا الوضع في نظرنا إلى امتداد المنطق التقليدي الذي يحكم العلاقة بين الجنسين، أي بين الرجل والمرأة . فتقسيم العمل بين الرجل والمرأة كان في الماضي القريب، يشتغل حصريا وفق نظام اجتماعي يجعل الزوج هو الوحيد الذي تناط به مهمة العمل خارج البيت من أجل تغطية كافة حاجياته المادية، فيما تعنى الزوجة بالأشغال المنزلية. وقد استمر هذا الوضع طويلا في المجتمع المغربي، إلى درجة جعله يصبح، من منظور الأفراد المحافظين، بمثابة وضع طبيعي يصعب تغييره أو استبداله. ولكن مع التغيرات التي عرفها المجتمع المغربي خلال الستين سنة الأخيرة ، لم يعد هذا التقسيم التقليدي للعمل بين المرأة والرجل بتلك القوة والبداهة التي كان يحظى بها في الماضي. ما هي الأسباب الاجتماعية التي نشرت ثقافة مغربية تفيد أن المرأة التي لا تعمل خارج فضاء المنزل، هي امرأة دون عمل؟ ينبغي أن نستحضر هنا أن المجتمع المغربي هو على شاكلة المجتمعات التي لا يوفر اقتصادها الشغل لكل طالبيه، أي لكل أفراده، وبالتالي فإن عدم اشتغال المرأة خارج البيت، غالبا ما يكون اضطراريا وليس اختياريا، إذ يصعب اليوم تصور نساء مغربيات شابات يفضلن الاشتغال داخل البيت، إذا أتيحت أمامهن فرصة للحصول على عمل مجز ماديا، ويتناسب مع كفاءتهن وميولاتهن. كما أن المقاربة القانونية الرسمية تكرس هذا الوضع عندما تماثل مثلا ربة بيت، امرأة متزوجة وذات أولاد، بشاب أو شابة عاطلين عن العمل، عندما ينعتهما القاموس الرسمي جميعا بـ»بدون». لماذا عمل المنزل بالنسبة إلى ربة البيت غير مؤدى عنه؟ في حدود علمي، لا يوجد في أي مجتمع اليوم أزواج يخصصون رواتب لزوجاتهم مقابل عملهن المنزلي، على الأقل ليس بشكل مباشر وصريح. فالزوجة ليست خادمة في بيتها، وأقول بيتها وليس بيت زوجها ، حتى وإن كان يملكه الأخير، لأن الزوجة هي سيدة البيت، كوخا أو شقة أو فيلا فاخرة، ذلك أن بيت الزوجية هو مؤسسة، قبل أن يكون بناية. ولهذا فإن إعطاء العمل المنزلي للمرأة ما يستحقه من أهمية، يبدأ في نظرنا بالاعتراف الأخلاقي به، وبالتذكير به في كل مناسبة صغيرة أو كبيرة، بالإضافة طبعا إلى تلبية كافة حاجيات الزوجة في حدود الإمكانيات المادية المتاحة. جمعيات نسائية تطالب بتحسين وضعية النساء الموظفات والمستخدمات والأطر العليا في المقاولات، ولا تدافع عن ربات البيوت، هل الأمر له علاقة باستنساخ نماذج أجنبية؟ إن إعطاء عمل المرأة المنزلي ما يحتاجه من العناية والاعتراف بأهميته، لا يمكن أن يكون مسألة مطلبية، بقدر ما يكون مسألة تحسيسية، فالاعتراف بأهمية ربات البيوت، مسألة ثقافية مرتبطة بالتنمية البشرية للأفراد وللمجتمع، وبدرجة الوفرة أو الخصاص التي يوجد بها هذا المجتمع. لماذا ينظر إلى عمل المرأة بالبيت بأنه دوني، مقارنة مع عملها خارجه؟ لأننا نعيش في مجتمع العمل المؤدى عنه بالنسبة إلى جنسين غير متوفر للجميع، ونسب البطالة في صفوف الشباب تؤشر على ذلك بوضوح، فكل شخص، رجلا كان أو امرأة ، يحصل على عمل مؤدى عنه يعتبر محظوظا، وفي هذا السياق لابد أن يكون عمل المرأة المنزلي غير ذي أهمية كبرى. فعندما يصبح عمل المرأة داخل البيت اختياريا وليس اضطراريا، أي عندما يتفق الزوجان على تقسيم للعمل بينهما، تتكلف الزوجة بموجبه للتخلي عن عملها خارج البيت للتفرغ للعمل داخل البيت، آنذاك سوف تتغير بالضرورة نظرة المجتمع للعمل المنزلي بغض النظر عمن يقوم به، المرأة أو الرجل. هل تحسنت عموما وضعية النساء بالمغرب وهل يرجع الأمر إلى مدونة الأسرة أم تغير عقلية الرجل؟ وضعية المرأة في المغرب في تحسن مستمر، وذلك بفضل الجهود التي يبذلها المجتمع من خلال مختلف فاعليه وعلى رأسهم الدولة، ولعل الوضعية الاجتماعية والقانونية للمرأة في المغرب هي من أفضل الوضعيات في العالم العربي والإسلامي. فالمرأة المغربية اليوم لم تعد تختزل في القناعة والخصوبة ، بل إنها تخطو بخطى حثيثة نحو وضعية الشريك الكامل الشراكة للرجل. أجرى الحوار: أحمد الأرقام في سطور - أستاذ السوسيولوجيا والأنثربولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط- كوتش معتمد، له عدة مؤلفات بثلاث لغات - أستاذ محاضر بعدة جامعات أجنبية - متزوج وأب لطفلين

الزوجة ليست خادمة في بيتها وإنما سيدته

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

8 مارس... أمهات منسيات

لالة هنية...من معدن استثنائي

مقالات ذات صلة