رشاو مقابل التوظيفات والتنقيل والتسجيل بالماستر والإجازة المهنية والاختلاس والتزوير هي فضائح تتوالى بعدد من الكليات والمدارس العليا التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، تصدت لها رئاسة الجامعة بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وأحالت عددا من المتورطين على القضاء، بعضهم أصدرت في حقهم أحكام ابتدائية واستئنافية وينتظرون النقض، أما آخرون فانتهت غرفة التحقيق الخامسة من البحث معهم وأحالتهم على غرفة الجنايات الابتدائية، المكلفة بجرائم الأموال لمحاكمتهم. إنجاز: عبد الحليم لعريبي رغم صدور أحكام شبه نهائية في حق مجموعة أولى تورطت في التزوير والغش في المباريات العمومية للتوظيف، مازال جناح الجرائم المالية بقصر العدالة بالرباط، ينظر في قضية اخرى تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية التابعة لرئاسة الجامعة. ملاحقة 12 مسؤولا وموظفا أحيلت بالنازلة الأولى مجموعة مكونة من 12 مسؤولا وموظفا على قاضي التحقيق، وبعدها على غرفة الجنايات لمحاكمتهم في فضائح التوظيف بالسلمين 11 و10 بالكليات التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، والغش في المباريات العمومية، والتلاعب بالماسترات وتنقيل الطلبة، لتكون هذه المحاكمة أكبر فضيحة غش تشهدها الجامعة المغربية. واحتفظ قاضي التحقيق رئيس الغرفة الثانية بالكاتب العام لرئاسة الجامعة رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي العرجات 2 بسلا، رفقة متصرف اعتبرته الأبحاث بمثابة الوسيط رقم 1 في البحث عن الراغبين في التوظيف والدراسة، ووضع العشرة الآخرين رهن المراقبة القضائية. ووجه رئيس الغرفة الثانية إلى المتابعين تهمة الرشوة عن طريق تسلم مبالغ مالية، من أجل القيام بعمل من أعمال الوظيفة واستغلال النفوذ وإفشاء السر المهني والتزوير في وثيقة تصدرها الإدارة العامة والغش في المباريات العمومية والمشاركة فيه والتزوير في محرر رسمي والمشاركة في ذلك، كل حسب المنسوب إليه في النازلة. حقائق مثيرة فجر الوسيط رقم 1 حقائق مثيرة، منها أن أستاذا جامعيا لمادة الرياضيات، أخبره بوجود منصب شاغر بالسلم 11 بالكلية متعددة التخصصات مقابل 15 مليونا رشوة، وسلمه الأستاذ رقم الهاتف الخاص بالكاتب العام، وبعدها ربط الوسيط الاتصال بمسؤول كتابة الجامعة، لاستفادته من هذا المنصب، والتقاه أمام بابها فسلمه الوثائق المطلوبة في التوظيف، فأدرج المسؤول اسمه ضمن لائحة المتبارين خارج آجال التسجيل، كما سرب للوسيط موضوع المباراة المختبر فيه الأول يتعلق بـ "العولمة والثاني بالقانون التنظيمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي". وكشف الوسيط المعتقل نجاحه في المباراة الكتابية وبعدها ربط به الكاتب العام الاتصال، والتقاه أمام كلية العلوم وزوده بالأسئلة الشفوية وأجوبتها، وفي اليوم الموالي، اجتاز الاختبار من قبل لجنة ترأسها الكاتب العام ذاته بصفته رئيسا وموظفين آخرين، وطرحت عليه الأسئلة ذاتها، وبعدها سلمه مبلغ سبعة ملايين. كما سلم أستــاذ الرياضيات 20 ألف درهم، وبعدها عين بالكلية المتعددة التخصصات بمارتيل، فطلب منه المسؤول البحث له عن الطلبة الراغبين في التسجيل بسلك الماستر أو الإجازة المهنية، وكذا الراغبين في الانتقال من تطوان إلى طنجة، مقابل مبالغ تتراوح ما بين مليوني سنتيم وأربعة، والطلبة الراغبين في الانتقال مقابل 2500 درهم، مشيرا إلى أنه توسط أيضا في استقطاب ثلاثة طلبة للولوج إلى الماستر وطالبين في سلك الإجازة المهنية و17 طالبا في التنقيل، وسلم الأموال إلى عميد إحدى الكليات. عميد في قفص الاتهام لم يسلم عميد كلية توفي في وقت لاحق من اتهامات الوسيط، الذي أقر بتسليمه مبالغ مالية وباستقطابه ما بين 16 مرشحا للتسجيل بالماستر بمساعدة أستاذ بكلية الحقوق وموظف بالعدل، مشيرا إلى أن العميد تهرب من تسلم المبالغ المالية وملفات المرشحين في اللائحة الثانية، وتسلم منه فقط أموالا عن الطلبة الراغبين في الانتقال، وعددهم 25 طالبا، مقابل 2500 درهم للطالب، مشيرا إلى أن المرشحين للماستر لم ينجح منهم أي أحد وأعاد لهم الأموال المسلمة له. أموال الرشاوي وجد الوسيط أن العميد يتهرب من ملفات المرشحين، فاشتغل لفائدة الكاتب العام في التوظيفات، ونجحا في توظيف شاب بالسلك الإداري 11 بكلية الحقوق بطنجة مقابل 22 مليونا، وبعدها شابة ثانية سلمت لهما 18 مليونا، والثالث 15 مليونا والرابع والخامس والسادس 14 مليونا لكل واحد منهم، ورفض الوسيط رقم 1 الكشف عن أسماء أستاذين جامعيين كان يجري توظيفهما مقابل 30 مليونا لكل واحد، كما رفض الكشف عن هويات خمسة متصرفين وضع في شأنهم رفقة الكاتب العام اللمسات الأخيرة لتوظيفهم بـ 22 مليونا لكل واحد. لكن الفضيحة الكبرى أن الكاتب كان يدرج اسم أستاذ جامعي بفاس، على أنه حضر ضمن اللجنة المكلفة بالتوظيف، ويتوجه الوسيط إلى فاس من أجل الحصول على توقيعه ويمده بظرف به 20 ألف درهم. الحبس للمتهمين بعد مراحل من المحاكمات أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية، برئاسة القاضي زكرياء الخياري، رئيس الغرفة الجنائية الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بالرباط، عقوبات حبسية سالبة للحرية، وأخرى موقوفة التنفيذ، في حق الكاتب العام السابق لرئاسة جامعة عبدالمالك السعدي بطنجة، ومتصرف وأستاذ جامعي وأطر، استفادت من التوظيف برشاو، بعد تورطهم في فضائح الغش في مباريات الكليات التابعة للجامعة. وصفعت الغرفة الكاتب العام للجامعة سابقا بعقوبة ثلاث سنوات ونصف سنة حبسا نافذا، وهي العقوبة التي نالها المتصرف من الدرجة الثانية بالجامعة كان يتوسط له لدى الأطر الإدارية الراغبة في التوظيف بالسلمين 11 و10، كما قضت في حقهما الغرفة بغرامة 20 مليونا لكل واحد منهما، إذ تابعت المتصرف، بعد إعادة التكييف، بجريمة المشاركة في تزوير محرر رسمي، أما الكاتب العام فتوبع بالتزوير في محرر رسمي. وصفعت الغرفة نفسها أستاذا جامعيا لمادة الرياضيات بعقوبة سنتين حبسا نافذا، وغرامة 10 ملايين، إذ كان الحلقة الرئيسية بين الكاتب العام والمتصرف من الدرجة الثانية، وتوبع من أجل الارتشاء بتسلم مبالغ مالية من أجل القيام بعمل، كما أصدرت في حق وسيط ثانوي عقوبة سنة حبسا نافذا وغرامة خمسة ملايين. أما الموظفون الذين استفادوا من التوظيف عبر حصولهم على مواد الاختبارات الكتابية والشفوية، سواء بالنسبة إلى التوظيف أو التسجيل بالماستر والإجازة المهنية، فتراوحت عقوباتهم ما بين ثلاثة أشهرحبسا موقوف التنفيذ وسنة، وبغرامات مالية بسيطة، وكانوا يتابعون في حالة سراح، بعدما أمر قاضي التحقيق بوضعهم رهن المراقبة القضائية وبتنقيط أسمائهم يوميا لدى مصالح الشرطة القضائية، كما قضت المحكمة بتعويض مدني رمزي قدره درهم لفائدة جامعة عبدالمالك السعدي. وأيدت الغرفة الاستئنافية، في يناير الماضي، هذه العقوبات، كما رفعت المراقبة القضائية عن المدانين المتابعين في حالة سراح، وتركت الكاتب العام والمتصرف السابق يقبعان بالسجن المحلي بتامسنا، بعدما احتفظ بهما قاضي التحقيق منذ ثلاث سنوات رهن الاعتقال الاحتياطي بسبب خطورة الأفعال المرتكبة. فضيحة جديدة في فضيحة جديدة بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أحيلت قبل أسبوعين، على غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ضمنها ثلاثة مسؤولين، هم خازن مكلف بالأداء بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بطنجة، ورئيس مصلحة الشؤون المالية ومساعده. وفجر الفضيحة الخازن بعد حصوله على التقاعد، إثر اكتشاف فارق مالي مهم أثناء تبادل السلط مع خلفه، ليخبر رئيس الجامعة عبد اللطيف ميراوي، الوزير السابق للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والذي أوفد لجنة من المفتشية العامة للوزارة، كما جرى إخبار وزارة الاقتصاد والمالية، التي حركت مفتشيها نحو عاصمة البوغاز، ووقفت المفتشيتان على اختلالات خطيرة ومشابهة جرى تكييفها إلى جرائم مالية. وأكدت الأبحاث وجود تلاعبات بـ 29 شيكا، جرى صرفها بالتدليس لفائدة موردين، سيما المتعلقة بنفقات الإطعام والاستقبال واقتناء اللوازم المطلوبة لفائدة المدرسة العليا للتكنولوجيا التطبيقية. وأظهر البحث أن الفضيحة تفجرت في حفل تبادل سلط بين الخازن القديم والجديد، ليؤكد المغادر لمنصبه أن هناك فوارق مالية من خلال الأداء بالشيكات، كما بين البحث استعمال رئيس المصلحة المالية ومساعده قلم "بلونكو" لتغيير المبالغ الحقيقية لفائدة الموردين ومؤسسة فندقية وشركات، بتضمين مبالغ مرتفعة، ما نتج عنه اختلاس حوالي 180 مليونا، رغم التوقيع عليها من قبل مدير المدرسة العليا والخازن، وضمنها ستة شيكات لم يتم العثور على وثائقها التبريرية. وكان رئيس المصلحة ومساعده يعرضان على الخازن ومدير المدرسة الشيكات قصد صرفها لفائدة الموردين، وبعدها يتم حذف الأرقام الحقيقية، وإعادة كتابة أرقام أخرى، مستفيدين من الفارق المالي. اللجنة الوزارية تكشف المستور سجلت اللجنة الوزارية التي بعثها ميراوي أن الأموال المختلسة تمت من الحساب الثاني للمدرسة العليا للتكنولوجيا التطبيقية والذي يخص المداخيل الذاتية للمؤسسة، واستعملت تلك الأموال في سندات الطلب المؤشر عليها من قبيل الإطعام والإيواء واقتناء المعدات كالكراسي والطابعات والأوراق، وكل ما يتعلق باحتياجات المؤسسة، وظهر أن هناك فارقا كبيرا في الوضعية المحاسباتية. واتهم رئيس المصلحة المالية الخازن بمنحه مبالغ مالية تتراوح ما بين 1000 درهم و5000، عن كل شيك مقابل التغاضي عن الفضيحة، لكن الأخير نفى ذلك، مؤكدا أنه فضح وجود فوارق مالية، بعد حصوله على التقاعد وتبادل السلط مع خلفه. ومن بين الشيكات المتلاعب فيها، واحد تبلغ قيمته الحقيقية 400 درهم، وجرى تغيير قيمته إلى 20 ألف درهم، وآخر يتضمن 885 درهما، وتم تغيير قيمته وصرفه بـ 17 ألفا و800 درهم، وشيك ثالث بقيمة 3540 درهما وجرى التلاعب فيه عبر تضمينه 25 ألفا و540 درهما. وتقررت متابعة الخازن في حالة سراح بجرائم الإهمال الخطير نتج عنه ارتكاب أفعال اختلاس وتبديد أموال عامة من قبل الغير، أما رئيس المصلحة ومساعده فتقررت متابعتهما في حالة اعتقال بجرائم اختلاس وتبديد أموال عمومية موضوعة تحت تصرفهما بسبب وظيفتهما وجنح التزوير في محررات عمومية. الجامعة تخرج عن صمتها خرجت رئاسة جامعة عبد المالك السعدي عن صمتها، لتقول في بيان توصلت "الصباح" بنسخة منه إن القضية جرى اكتشافها من قبل الخازن المكلف بالأداء بتنسيق مع مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بطنجة، وفور توصل رئاسة الجامعة بمراسلة إخبارية من المؤسسة المعنية خلال فبراير 2024، تواصلت الجامعة مع المصالح المركزية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وإثر ذلك حل وفد من المفتشية العامة، كما تواصلت المؤسسة المعنية مع الخزينة الجهوية. وتقول الجامعة إنه بعد التحريات التفصيلية التي قامت بها المفتشية العامة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والمصالح المركزية لوزارة الاقتصاد والمالية تبين بالملموس أن هناك تباينا بين المبالغ المصروفة، وعملت على رفع شكاية للنيابة العامة وتنصبت للمطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة، وأن المؤسسة المعنية بالاختلاس هي المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية وليست المدرسة العليا للتكنولوجيا التطبيقية. طريفة أثناء مناقشة القضية ومنح الكلمة الأخيرة للمتهمين، حاول الوسيط رقم 1 توريط الكاتب العام، بعدما اعترف أمام هيأة المحكمة بمختلف ما ورد بمحاضر الضابطة القضائية وقاضي التحقيق، وبل وزاد من اعترافاته قصد توريط الكاتب العام في جرائم أخرى. وكلما طرح عليه رئيس الهيأة سؤالا أو تدخلت النيابة العامة أو المحامين، يضخم المتهم نفسه من هذه الجرائم، وظهر أنه جهز نفسه بشكل جيد لفضح المستور وإضافة "توابل" عليه، لتنبعث رائحة رغبة تصفية حسابه مع الكاتب العام بسبب خلافات التصريحات وأيضا الوعود التي قدمها له المسؤول، بشأن حصة الأسد من عائدات التوظيف مقابل الرشاوي وباقي التدخلات التي استفاد منها الكاتب العام، ولم يحصل وسيطه إلا على الفتات، ما جعله ينتقم منه في الجلسة الأخيرة أمام قضاة الابتدائية. الخياري: القاضي الاجتماعي أبان القاضي زكرياء الخياري رئيس غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بقصر العدالة بالرباط، عن صفات القاضي الاجتماعي، أثناء بته في القضية، إذ اعترف أمامه الوسيط رقم واحد بمختلف ما ورد بمحاضر الضابطة القضائية وقاضي التحقيق، وبل وزاد من اعترافاته قصد توريط الكاتب العام في جرائم أخرى. وكان الوسيط يريد جر الكاتب العام وباقي المتابعين الذين وضعوا رهن المراقبة القضائية إلى عقوبات مشددة، بعدما جرى تمتيع عشرة متابعين بالسراح مقابل فرض المراقبة وتنقيط أسمائهم يوميا لدى الضابطة القضائية مع إغلاق الحدود في وجههم، لكن القاضي فطن إلى حيلته، وأصدر في حقهم عقوبات مخففة. ومن ميزات هذا القاضي الاجتماعي الحكم بإعادة المختلسين والمبددين المال العام لخزينة الدولة ومختلف المؤسسات العمومية والشبه عمومية ضمنها البنوك، ولا يجد حرجا في الحكم بالحبس موقوف التنفيذ إذا أرجع المتهم الأموال التي رصدتها لجن التدقيق والافتحاص بالمؤسسات العمومية، أو تقارير المجلس الأعلى للحسابات، باستثناء القضايا التي يتابع فيها حاملو السلاح ويتورطون في قضايا الاتجار الدولي بالمخدرات مقابل الرشاوي عن طريق الامتناع عن القيام بعمل من أعمال الوظيفة أو تلقي هبات للقيام بعمل حددته وظيفة هذا المتهم. ورغم ملتمسات النيابة العامة في إطار الدعاوى العمومية بالتشديد في العقوبات وإنزالها كما وردت بالفصول الجنائية، يكون للخياري رأي آخر يراعي فيه الجانب الاجتماعي للمتهمين، ويعتبر أن الأساس هو استفادة الخزينة وباقي المؤسسات من أحكامه وتعيد الأموال المنهوبة.