هل تحمل زيارة ماكرون للمغرب بصمات تراجع عن أخطاء سابقة في حق المغرب؟ > رغم أن النقاشات بين القادة قد تكون صريحة، إلا أنها تتطلب تحكما وضبطا لا يتمتع به دائما السياسيون الفرنسيون، الذين يظهرون في بعض الأحيان كمنخرطين في مسرح من المزايدات والجدالات، ما يعيقهم عن فهم قيود البروتوكولات الرسمية. والدبلوماسية تتطلب أسلوبا تواصليا أكثر دقة، وقد يحتاج السياسيون إلى اللباقة والاحترام البروتوكولي أساسا للتعامل، خاصة في سياق يؤكد حتمية جودة العلاقات بين المغرب وفرنسا. وما يزال المغرب، بحيويته وتنوعه، حاضرا في أذهان الفرنسيين. السياحة، التي تشكل حجر الزاوية في الاقتصاد المغربي، لم تتراجع. حتى بعد الزلزال المأساوي في الحوز، الذي كان يعتقد أنه سيحد من تدفق الزوار، سرعان ما استعادت مراكش، وطنجة، والداخلة زوارها المعتادين. الفرنسيون، يصعب ثنيهم عن شيء، حيث عادوا من جديد، مشيرين بحضورهم إلى تضامن صامت، لكنه حقيقي. << كيف تتوقعون تأثير المغرب في طريق عودة فرنسية إلى إفريقيا جنوب الصحراء؟ > روابط المغرب بإفريقيا لا تنضب وهي حيوية بالنسبة إلى فرنسا، التي تحتاج إلى حليف قوي وموثوق في مواجهة تراجع نفوذها في غرب القارة والساحل. انسحاب القوات الفرنسية من مالي والنيجر، وتشكيل تحالف دول الساحل الذي يرفض الأطر التقليدية للتعاون الإقليمي، يظهر أن رغبة متزايدة في الاستقلال عن التبعية الفرنسية. وفي هذا السياق، تتجه باريس نحو الرباط، إذ يعتبر نفوذ المغرب في إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال استثماراته الإستراتيجية وشبكته الدبلوماسية المتميزة، رافعة لا غنى عنها. << ماذا عن حصيلة هذه الزيارة في ميزان الاتفاقيات؟ > ستوقع العديد من الاتفاقيات خلال زيارة إيمانويل ماكرون، وستتخذ قرارات مهمة، خاصة بعد تبني فرنسا، عبر رئيسها، موقفا داعما للمغرب في قضية الصحراء، معتبرة أن خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، هي الحل الوحيد القابل للتطبيق لنزاع طال أمده. بتعديل مواقفهما كما جرت العادة، تحافظ فرنسا والمغرب على تحالف فريد في المنطقة. قوة هذه العلاقة تكمن في قدرة البلدين على تجاوز لحظات التوتر دون قطع الحوار. بعيدا عن الخطابات الدبلوماسية التقليدية، تكشف هذه التوترات عن حقيقة أساسية: الرباط وباريس تعلمان أنهما أقوى عندما تعملان معا. المصالح المشتركة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو ثقافية أو بيئية، تتطلب حوارا دائما، بعيدا عن سوء الفهم والخلافات المؤقتة، بينما يكمن سر العلاقة الفرنسية المغربية في قدرة الطرفين على تجاوز الأزمات، ليعودا أقرب من ذي قبل. أجرى الحوار : ي. ق زيد بلباجي * * مستشار سياسي بمنظمة “هارد كاسل” للاستشارات الإستراتيجية بلندن