ألفرد مارشال عالم اقتصاد إنجليزي صاحب نظرية العرض والطلب، التي تعني ببساطة أنه كلما كان العرض كثيرا تراجع ثمن السلع المعروضة، وكلما قل العرض ارتفع الثمن، بالنظر إلى كثرة الطلب. هذه النظرية الفذة التي صمدت لمئات السنين، وما زالت صامدة في دول تحترم قانون السوق، أثبتت السوق المغربية عدم صحتها، وكشفت أن المغرب بالفعل بلد استثنائي في كل شيء، فرغم وفرة العرض وقلة الطلب، نجد أن ثمن أغلب المواد مرتفع. فبجولة صغيرة في الأسواق نجد أن كل شي متوفر، بدءا بالخضروات التي تعرض للبيع بالأطنان في الأسواق وجنبات الطرقات والأزقة، مرورا بالدواجن وانتهاء باللحوم والأسماك، لكن بالمقابل هناك لهيب الأسعار يضرب جميع هذه المواد، وهو ما يقتضي طرح سؤال أين الخلل؟ المنطق والعقل السليم وقانون السوق ونتائج المخطط الأخضر، الذي تتحدث عنه الحكومة بفخر وتقول إنه جنب المغرب نقصا حادا في المواد الاستهلاكية، والعرض الوفير الذي يرى بالعين المجردة، يقتضي أن تكون الأثمنة في المتناول، وتتناسب مع المدخول الفردي وقبله الحد الأدنى للأجور (السميك)، الذي لن يسعف صاحبه اقتناء كيلوغرام لحم بأكثر من 100 درهم، وكيلو غرام دجاج ب 30 درهما، والشيء نفسه بالنسبة للأسماك والخضروات والفواكه. المنطق نفسه والعقل نفسه وقانون السوق نفسه، يقول إن هناك خللا في كل هذا الذي يقع اليوم في مغرب خرج من مخطط أخضر ودخل مرحلة الجيل الأخضر، وإن الأمور لا تسير كما يجب، وإن جهة ما تستفيد من كل هذا. الحكومة ترفع شماعة "الشناقة" لتقول إن كثرة الوسطاء بين الفلاح والمستهلك، هي السبب في ارتفاع الأسعار، وإن هذه الفئة تحقق أرباحا أكثر مما يحققه الفلاح أو صائد الأسماك. "كلام جميل ما قدرش أقول حاجة عنو" كما يقول المصريون، الخلل واضح وبدون حاجة إلى كثير من البحث أو التحقيق، فالوسطاء، الذين يجنون أرباحا تفوق ما يحصل عليه الفلاح أو تاجر الجملة، دون أداء ولو درهم واحد لإدارة الضرائب عن الأرباح التي يحققونها، هم أصل الداء. لنساير الحكومة في تشخيصها، ونقول بأنها توفقت في الوقوف على مكامن الغلاء، لكن الأمر لا يتوقف عند التشخيص، فمهمتها إيجاد الحلول ومعالجة المشكل، من خلال الضرب بيد من حديد على "الشناقة" وإحداث سلسلة بيع مباشرة لا تتعدى ثلاثة أطراف، الفلاح وتاجر الجملة والتاجر بالتقسيط. هذا إذا كانت هناك نية إصلاح ولم تكن هناك حيتان كبيرة من أصحاب الضيعات مستفيدة من الوضع القائم، وتضغط من أجل بقاء الوضع على ما هو عليه، حفاظا على أرباحها، ولتذهب قوانين العرض والطلب وصاحبها إلى الجحيم. الصديق بوكزول للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma