العدالة المجالية لتوفير الماء تحتاج إلى مسؤول حكومي متفرغ هيمن موضوع الإجهاد المائي على الاجتماع السنوي الذي عقده عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، مع ولاة وعمال الجهات والأقاليم والعمالات، أول أمس (الخميس) بتطوان. وشرعت وزارة الداخلية مبكرا في تنزيل مضامين الخطاب الملكي الذي هيمن عليه موضوع الماء، وما يطرحه من تحديات كبيرة على بلادنا، إذ دعا لفتيت ولاة وعمال الإدارة الترابية والمركزية، إلى مواجهة الإجهاد المائي بتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية ذات الصلة. وفي انتظار أن تشرع وزارة التجهيز والماء في تسريع وتيرة إنجاز المشاريع المتعلقة بالماء، لأنها تسير ببطء، يواجه نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أصعب تحد في مساره الحكومي، وهو يخطو بصعوبة بالغة نحو تحقيق العدالة المجالية في توزيع الماء الصالح للشرب. وبرأي العديد من المهتمين بقطاع الماء الذي يحتاج لوحده في ظروف الجفاف الحادة إلى وزير أو كاتب دولة مكلف به، فإن تحقيق العدالة المجالية في ما يتعلق بالماء الصالح للشرب ببلادنا، يتطلب ضمان الوصول العادل لهذه المادة الحيوية من حيث الكمية والجودة، من خلال وضع مؤشرات دقيقة لقياس تأثير المشاريع المائية، وكيفية إدراك تأثير الاستثمارات الضخمة، وقياس مدى إسهامها في تحقيق هذه الأهداف. وتواجه العديد من المناطق في بلادنا، وظهر ذلك خلال أيام الصيف الحارة، إشكالات على مستوى سد الحاجيات من الماء، إذ تتوالى فيها الانقطاعات في التزود بالمياه، وفي الوقت ذاته تجد جماعات قروية صعوبات في الحصول على المياه الصالحة للشرب، حتى تلك القريبة من السدود، نظير الدواوير القريبة من سد الوحدة، أو الجماعات المحاذية لسد تودغا بتنغير. وما يزيد من تفاقم هذا الوضع، غياب الدراسات الفنية الضرورية، لنجد أنفسنا من جهة أخرى، أمام مس بالحق في جودة المياه، مما يعمق الفوارق المجالية حتى في التمتع بهذا الحق. وبات قطاع الماء في حاجة ماسة إلى تعيين مسؤول حكومي متفرغ، ولا تنتظره أي مهام أخرى، سواء كانت حكومية أو حزبية، لأنه أصبح قضية وطنية. ولم يف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، بوعده، عندما قال داخل لجنة برلمانية، إن مصالح وزارته المركزية، تعكف على تسريع وتيرة إنجاز 129 سدا تليا صغيرا بين 2022 و2024، في كل جهات المملكة. ومع ذلك، فإلى حدود غشت 2024، لم يتم بعد تحقيق هذا العدد من السدود، كما تم الإعلان عنه، ما يثير التساؤل حول فعالية إنجاز 129 سدا الموعودة، ومدى صدقية الأرقام المقدمة حول تعميم إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الكثير من المناطق، وهل هذا الأمر يقتصر على جهات دون أخرى؟ وسجل العديد من المهتمين بقطاع الماء، التفاوت الحاصل بين المبالغ المرصودة للاستثمارات والمشاريع بالقطاع المائي، وتلك التي تتعلق بالتسيير وظروف عمل الموارد البشرية. ففي 2022، كانت ميزانية الاستثمار لقطاع الماء حوالي 5 ملايير درهم، مقابل 200 مليون درهم لميزانية التسيير. وفي 2024، تضاعفت ميزانية الاستثمار لتصل إلى 10 ملايير درهم، في حين ظلت ميزانية التسيير 218 مليون درهم. فهل بالإمكانيات نفسها والظروف الصعبة التي اشتغلت فيها الكفاءات بقطاع الماء يمكن إنجاز المزيد من المشاريع، مع الإبقاء على المستوى المتدني ذاته لظروف العمل والتعويضات والامتيازات المصاحبة؟ عبد الله الكوزي