طرح عبد الرزاق الجباري، رئس نادي قضاة المغرب، إشكالية العدد الهائل من القضايا التي تحال بشكلي يومي، وما يقابلها من قلة عدد القضاة، وتحكم ثقافة الإنتاج، من جهة أخرى، إذ ينصرف الاهتمام إلى عدد الملفات الرائجة والمحكومة والمخلفة، والتي أُخرجت من المداولة أو التأمل أو تم تمديد تاريخ النطق بالحكم فيها. وأشار رئيس النادي، في منشور له، إلى أن القاضي أمام هذا الوضع يصبح منتجا للأحكام باعتبار عددها أكثر منه بمضمونها، مع أنه معرض للمساءلة من أجل خرق قانوني في الموضوع والشكل عند تطبيقهما، الأمر الذي يكون معه أمام معادلة معقدة يصعب فك رموزها وشفراتها، ومدى إمكانية الجمع بين هاجس إنتاج الأحكام وضرورة تحقيق جودتها بالتطبيق العادل للقانون بفرعيه. وأكد الجباري أن الأرقام المعبر عنها من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بخصوص نشاط مختلف المحاكم المنشورة بتقريره لـ 2021، بلغت بموجبها عدد القضايا المحكومة 3.800.000 قضية، وبعدها في 2022 بلغت 4.356.970، خير شاهد على تمكن فكرة الكم من اهتمامات مختلف الفاعلين في الإدارة القضائية، ناهيك عن المعايير التي تعتمد في تقييم أداء القضاة وتصنيف المحاكم إلى نموذجية وغيرها، حيث لا تخلو من مقاربة عددية تغيب عنها مؤشرات الكيف بالمرة. هذه الوضعية، حسب الجباري، أصبح القضاة معها يعيشون ضغطا في العمل نظرا لبتهم في عدد غير معقول من القضايا التي قد تصل إلى 80 أو 120 قضية، معدلا أسبوعيا، وقد يزيد أو ينقص باختلاف الشعب والتخصصات، مما يستحيل معه، منطقا وواقعا، على القاضي تحري قيمة الجودة لفائدة فكرة الإنتاج. وأكد الجباري أنه أمام هذا الوضع بات لزاما على مختلف الفاعلين التفكير في ما يمكن تسميته بـ "العدد الاسترشادي للقضايا" المدرجة بجلسات الحكم، على أن يكون هذا العدد معقولا خاضعا لمؤشرات الجودة قبل الإنتاج، وهو ما سيخفف الضغط عن القضاة وسيمكنهم من معالجة تلك القضايا وفق ما يقتضيه التطبيق السليم للإجراءات المسطرية المتعلقة بسير الدعاوى، وبضمان شروط المحاكمة العادلة. كريمة مصلي