نادير: يحب التحقيق مع المتلاعبين بالتصاريح

المحلل الاقتصادي دعا إلى إحداث فرق مختصة في البحث أكد محمد نادير، المحلل الاقتصادي، أن الفواتير الوهمية تستخدم من أجل التلاعب في التصاريح الجبائية قصد النفخ في التكاليف، للتقليل من الأرباح، وتخفيض الموارد الجبائية. وقال نادير في حوار مع "الصباح"، إن التدابير المتخذة لن تكفي لوحدها لمحاربة الظاهرة، داعيا إلى إحداث فرقة وطنية وفرق جهوية للبحث والتحقيق بمنظور جديد يعتمد الرقمنة والذكاء الاصطناعي للتدقيق والتمحيص في المعلومات. في ما يلي نص الحوار: تشكل الفواتير الوهمية أحد مظاهر الفساد التي تكبد خزينة الدولة خسائر كبيرة. ما هو حجم الأضرار التي تتسبب فيها؟ > نعم تشكل الفواتير الوهمية أحد اكثر مظاهر الفساد شيوعا، وهي تكبد خزينة الدولة خسائر كبيرة جدا، وإذا عدنا قليلا إلى الوراء، سنجد أنه في 2017 مثلا، بلغ عدد الشركات التي لم تضع تصريحات جبائية، مع توفرها على رقم جبائي، كان هو 47 ألف شركة أصدرت فواتير بقيمة 53 مليار درهم. وتقر المديرية العامة للضرائب أن بعض تلك الفواتير تهم عمليات حقيقية، بينما أخرى هي فواتير وهمية تباع لشركات تمارس الغش الضريبي، من أجل النفخ في قيمة التكاليف التي تتحملها. وبسبب ذلك، خسرت الدولة فقط مع تلك الشركات 12 مليار درهم، تهم الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، الشيء الذي دفع المديرية العامة للضرائب انطلاقا من 2021 إلى نشر لائحة سوداء للملزمين الذين ثبت في حقهم التعامل بفواتير صورية، لفضح تجار الفواتير الوهمية. كما تضع إدارة الضرائب رهن إشارة الخاضعين للضريبة على موقعها الإلكتروني قائمة بأرقام التعريف الضريبي للملزمين المخلين، مع تحيينها بصورة منتظمة بعد إصدار حكم قضائي، اكتسب قوة الشيء المقضي به، تبعا للمسطرة الجنائية على المخالفات الضريبية. يلجأ العديد من الأشخاص إلى استعمال فواتير وهمية. ما هي المجالات التي يكثر فيها استعمال هذه الظاهرة؟ > بفضل رقمنة العمل داخل المديرية العامة للضرائب والمعالجة الذكية للمعطيات وجداول خصم الضريبة على القيمة المضافة، والتي توضح طبيعة العلاقة التجارية بين الزبناء والموردين، صار بالإمكان معرفة حجم الفواتير الوهمية الصادرة عن الملزمين، الذين لا ينهجون طرقا قانونية في معاملاتهم التجارية. ومن خلال هذه المعطيات، يتأكد أن الظاهرة توجد في كل القطاعات، وفي كل الجهات، ما يفرض على الإدارة نهج سبيل جهوية التقاضي، لكن يبقى قطاع البناء والأشغال العمومية من بين القطاعات، التي تعرف استعمال الفواتير الوهمية في المعاملات، حيث يكثر العمل من الباطن، والاعتماد على شركات العمل الوسيطة، في إنجاز عدد من الأعمال والخدمات، مقابل فواتير وهمية، بنسب خصم محددة في سوق الفواتير، لتقديمها للجهات التي أنجزت الأشغال لصالحها. وينطبق هذا أيضا على القطاعات التي تشتغل في مواد التجهيز، إذ يلجأ بعض الموردين المهنيين إلى بيع فواتير وهمية يستعملها زبناؤهم لتبرير مشترياتهم. كما نجد هذه الظاهرة في قطاع الاستيراد، حيث يتم النفخ أو التقليل من قيمة الفواتير حسب الحاجة، وكذلك في التجارة الإلكترونية التي تحتاج أكثر إلى ضبط آلياتها. هل هناك تدابير من قبل المصالح المختصة للحد من هذه الظاهرة ومحاربتها؟ > من التدابير التي اقترحتها الحكومة في هذا المجال في القانون المالي ل 2024، إحداث نظام جديد لحجز الضريبة على القيمة المضافة من المنبع، لتثبيت الشفافية الضريبية والحد من الفواتير الوهمية. وفي هذا الصدد، سيتم اقتطاع الضريبة من المنبع على العمليات المنجزة من قبل موردي السلع والأشغال الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة. كما سيتم الحجز من حسابات الزبناء الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة، والمنظمة من قبل موردي السلع والأشغال، الذين لا يقدمون لهؤلاء الزبناء شهادة صادرة بطريقة إلكترونية عن إدارة الضرائب، منذ أقل من ستة أشهر، تثبت أنهم في وضعية ضريبية سليمة. وستعمل الحكومة على مواكبة التطور الذي يعرفه الاقتصاد الرقمي، خاصة التجارة الإلكترونية، من خلال سن إجراءات جبائية على القيمة المضافة، وفق المعايير الدولية المعمول بها، انطلاقا من مفهوم الإقليمية، والذي يعرف الخدمة المقدمة عن بعد بطريقة غير مادية، لأنها خدمة تقدم عبر أداة اتصال عن بعد. كما سيتم سن إلزامية الكشف عن هوية مقدمي الخدمات عن بعد غير المقيمين لدى إدارة الضرائب عبر منصة إلكترونية، وكذا إلزامية الإقرار برقم الأعمال المحقق في المغرب وأداء الضريبة المستحقة. انتشرت شركات متخصصة في ترويج فواتير وهمية. من خلال تجربتكم المهنية، هل تكفي التدابير والقوانين الحالية لمحاربة هذه الظاهرة؟ > أكيد أن التدابير المتخذة لن تكفي لوحدها لمحاربة الظاهرة، فالفواتير الوهمية تستخدم من أجل التلاعب في التصاريح الجبائية قصد النفخ في التكاليف، للتقليل من الأرباح، وتخفيض الموارد الجبائية التي تعتبر أهم مصدر مداخيل الخزينة بالمغرب. ويمكن هنا تطوير الجانب التشريعي الذي يهم تعريف الفواتير الوهمية، وتحديد كيفية الكشف عنها، والبحث عن الأشخاص الذين يصدرون الفواتير الوهمية، ومتابعتهم بتهمة التهرب الجبائي، وتطبيق الجزاءات القانونية. كما يمكن إحداث فرقة وطنية وفرق جهوية للبحث والتحقيق بمنظور جديد يعتمد الرقمنة والذكاء الاصطناعي للتدقيق والتمحيص في المعلومات. تطرح ظاهرة الفواتير الوهمية سؤال الحكامة والشفافية . ما هي الأدوار التي يجب أن يلعبها النسيج الاقتصادي بمختلف تنظيماته لمحاربة الظاهرة؟ > تتضمن المنظومة الضريبية بالمغرب مجموعة من الإجراءات الزجرية لمحاربة الغش الضريبي، من خلال الفواتير الوهمية. وحسب المقتضيات القانونية لمدونة الضرائب، يجب أن تكون العمليات التجارية التي يقوم بها الخاضع للضريبة لدى بائع خاضع للرسم المهني، منجزة فعليا ومثبتة بفاتورة قانونية لها قوة الإثبات تحرر في اسم المعني بالأمر. وعندما يسجل الإخلال بهذه الالتزامات، فإن الخصم المطابق لهذه الفاتورة لا يتم قبوله. إن النسيج الاقتصادي الوطني مطالب بلعب أدواره في إطار من الشفافية والحكامة الهادفة إلى وضع قطار الاقتصاد على سكته الصحيحة، فقانون مالية 2024 تضمن مقتضيات تهدف إلى إدماج القطاع غير المهيكل، ومكافحة التهرب الضريبي من قبيل حجز الضريبة على القيمة المضافة من المنبع، عن العمليات المنجزة من قبل مقدمي الخدمات الخاضعين للضريبة المشكوك في سلامة وضعيتهم الضريبية. كما تضمن إحداث نظام التصفية الضريبية على القيمة المضافة، وذلك في إطار المقتضيات المتخذة لإدماج الاقتصاد غير المهيكل، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يقومون بتوريدات لدى موردين يعملون خارج تطبيق الضريبة على القيمة المضافة أو ملايين منها دون الحق في الخصم. تهريب الأموال تفيد المنظمة العالمية للنزاهة، في تقرير أصدرته يوم 16 دجنبر 2021 حول تهريب الأموال عبر الفواتير الوهمية في عمليات التصدير والاستيراد، أن التعاملات الدولية على مدى عشر سنوات ( ما بين 2009 و2018) بلغت حوالي 600 مليار درهم. وهناك حوالي 50000 ملزم يعملون بالفواتير الوهمية، وفي هذا الصدد، يقول نادير، قامت المديرية العامة للضرائب السنة الماضية، بتقديم 89 ملفا أمام القضاء، في مختلف الجهات، تهم 270 ملزما، إذ صارت جهوية التقاضي تفرض نفسها للحد من الظاهرة التي تمس الأمن المالي للدولة. أجرى الحوار : برحو بوزياني في سطور – من مواليد 15 أبريل 1968 بالبيضاء – متزوج وأب لطفلين – باحث في العلوم الاقتصادية والدراسات المالية – حاصل على الإجازة في الاقتصاد تخصص تدبير المقاولات – متصرف من الدرجة الأولى بمديرية الضرائب بالبيضاء – مفتش إقليمي رئيس سابق بمديرية الضرائب – شارك في العديد من البرامج والمهام مع الاتحاد الأوربي ومنظمة العمل الدولي وبرنامج الأمم المتحدة

نادير: يحب التحقيق مع المتلاعبين بالتصاريح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة للنصب باسم الصليب الأحمر

وفاة معتقل تجر أمنيين للتحقيق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات