الجماعة وضعت برامج لإقلاع المدينة ومحدودية الموارد المالية والبشرية تعطل الإنجاز شكلت بني ملال على مدار السنين، موطنا للوافدين عليها من مناطق عدة، وأصبحت تعرف توسعا عمرانيا متسارعا وتطورا في مجالها الحضري والاجتماعي، وكان لزاما عليها مواكبة هذه التحولات لضمان حياة أفضل بهذه المدينة، عبر تحقيق تنمية مستدامة ومراعاة تثمين المؤهلات والحفاظ على الخصوصيات التي تنفرد بها، في تناغم مع المشاريع الكبرى التي تنجزها في مختلف المجالات. إنجاز: سعيد فالق (بني ملال) كانت بني ملال، تعاني إشكاليات وتحديات أعاقت تنمية مختلف المجالات، وساهمت في تعقيد إشكالية التخطيط والتدبير بها، لتراكم مشاكل أصبحت هدفا لمختلف البرامج التنموية والمشاريع الكبرى التي انطلقت ،أخيرا، لتعيد للمدينة رونقها وجمالها الذي عبثت به قرارات سابقة لم تزد الوضع إلا بؤسا. مخططات وبرامج نظرا للحاجة الملحة للتغيير، بادرت الإدارة التراتبية الجهوية الحالية إلى وضع مخططات وبرامج حديثة تواكب تطلعات سكان المدينة، بإعادة التفكير في نمط تخطيط للعالم القروي في إطار التضامن الترابي وتجميع الاستثمارات، وتثمين المجالات القروية من خلال تعزيز الأنشطة التي توفر فرص الشغل، وتطوير السياحة البيئية، وتحديد حلقة ترابية جديدة كمكان تقاطع بين المجال الحضري والقروي، من أجل تنمية مندمجة ودامجة، علما أن العديد من البرامج المقترحة مازالت تواجه بعض الإكراهات والتحديات التي تحول دون الرفع من أدائها ما يستدعي مزيدا من التفكير، واعتماد برامج منبثقة من عمق المجتمع والتفكير في مناهج تدخل جديدة تساهم في نفض الغبار عن مدينة تسير نحو التألق. والحديث عن معيقات التنمية المندمجة ببني ملال، تطلب الإشارة إلى مشكل ظل يؤرق الإدارات المتعاقبة على التسيير اليومي للمدينة، ويتعلق الأمر بالمجال الحضري والعمراني، الذي أصبح يتسم بتوسع النطاقات الحضرية وتنامي المناطق القروية، ما يستدعي تخطيطا ترابيا استباقيا مندمجا ومتناسقا يضع في صلب اهتمامه ضمان العيش الكريم للمواطن وتحسين إطار حياته. أحياء فوق كهوف أثرية بني ملال من أقدم الأماكن التي عمرها الإنسان في شمال أفريقيا، ورغم أن الحفريات لم تبدأ بشكل فعلي في المدينة، إلا أن انتشار الكهوف يؤرق المسؤولين خوفا من تداعياتها، ويتضح من خلال أشكالها ومواقعها بأنها من صنع الإنسان وليست نتيجة عوامل طبيعية، إذ أن أشكالها الهندسية، تقدم لنا أنماطا فريدة من أشكال التعمير البدائي القديم بأقبيتها وغرفها، وهي بلا شك كنوز تاريخية في حاجة إلى مستكشفين يغنون ببحوثهم تاريخ المنطقة، وجزءا من تاريخ هذا الوطن. وكان الأجداد يستعملون هذه الكهوف للاختباء من العدو في الحرب التي كانت رحاها دائرة بين قبائل الجبل وسكان الدير، ويعتبرون البناء خارج السور المحيط بالمدينة مغامرة غير محمودة العواقب، خاصة في زمن ما يعرف بأيام "بلاد السيبة"، وبالتالي بنوا منازلهم فوق أرض محفوفة بالمخاطر دون أن يعرفوا خريطة الكهوف التي في أسفل حي القصبة. وتخلصت المدينة في السنوات الأخيرة من كوارث انهيار المنازل بسبب انجراف التربة، وتم تعويض سكانها الذين قبلوا الانتقال إلى مناطق أخرى، في حين أن بعض الرافضين تمسكوا بالبقاء في هذه الأحياء ولم يقتنعوا بالاقتراحات وظلوا متشبثين بمساكنهم بحي "القصبة لكبيرة" ، وبالتالي ما زال الخطر قائما في انتظار الوصول إلى حلول جذرية لهذه المعضلة، علما أن مشكلة الانهيارات السكنية قلت حدتها في السنوات الأخيرة. خصاص الموارد البشرية أكد محمد جلال، مدير الجماعة الحضرية لبني ملال، أهمية الأدوار التي تؤديها جماعة بني ملال، التي تسعى جاهدة لتلبية طلبات السكان وتقريب الإدارة لهم، عبر البحث عن موارد بشرية مؤهلة تؤدي خدمات ترضي خواطرهم رغم الحاجة الملحة إلى موظفين يؤدون عملهم بشكل جيد. وذكر محمد بالمراسلة الوزارية التي منعت توظيف موظفين جدد بالجماعات المحلية، مستثنية الأطر التقنية التي يرتبط عملها بأمور تقنية وليست إدارية، وبالتالي تبقى الحاجة ملحة إلى مزيد من الموظفين لتلبية رغبات المرتفقين الذين يحجون بكثرة إلى الجماعة وملحقاتها لاستلام الوثائق، علما أن نداءات الجماعة المتواصلة لتوظيف مزيد من الموظفين الذين تتقلص أعدادهم يوما بعد يوم لتقاعدهم أو مرضهم أحيانا، لم تتلق أي ردود فعل إيجابية. وأضاف أن الجماعة الحضرية ببني ملال سعت في السنين الأخيرة إلى توظيف مهندسين في الهندسة المدنية وآخرين في المعلوميات، فضلا عن توظيف طبيبة للحاجة الماسة إلى أطر جديدة. وأضاف أن وزارة الداخلية، لم تبق، مكتوفة الأيدي بعد أن فتحت مراكزها لتكوين الموظفين الجدد بكل من مكناس والبيضاء، لإمداد الجماعة ببعض الموظفين والأطر المختصة لتلبية رغبات المرتفقين المتزايدة، لكن مازال الخصاص مستمرا رغم هذه الإمدادات التي لم تلب كل الاحتياجات المتزايدة للمرتفقين. «لوك جديد» بفضل المشاريع المفتوحة تبدو بعض أحياء بني ملال، اليوم، في حلة جيدة، لكن أخرى هامشية تستعصي أحيانا على التطور المدني والعمراني، جراء رفض بعض المواطنين الانخراط في الدينامية التي تعرفها المدينة التي تشهد شوارعها إنجازات كبرى تجلت في تزفيت معظمها، وتخلصت بذلك من الأتربة المتراكمة والأوساخ التي تخلفها أحيانا فئة عريضة من السكان التي تتشبث باستعمالها العربات المجرورة بالدواب، التي تساهم بشكل كبير في نشر مخلفاتها في الشوارع، رغم المجهودات الكبرى لإعادة رونقها، وكلف المشروع الضخم الذي تسيره شركة "باريو أشغال" غلافا ماليا قدره 742.800 درهم ما ساهم رغم وجود بعض الصعوبات في التخلص من مظاهر البداوة التي يحرص مواطنون على التشبث بها. وشهدت المدينة دينامية تنموية مكثفة، تمثلت في إنجاز عدة مشاريع للتهيئة والتأهيل، شملت الشوارع الرئيسية ومداخل المدينة والمساحات الخضراء والتشوير والمدارات والإنارة، والساحات والأزقة بالمدينة القديمة، والمواقع السياحية، فضلا عن تقوية البنيات التحتية بمحيطها الحضري وإنجاز وبرمجة مشاريع مهيكلة ستعزز مكانتها. وبفضل تهيئة الشوارع وإنجاز المدارات والتشوير والإنارة من الجيل الجديد، أصبحت المدينة في حلة جديدة منحتها رونقا وجمالية نالت إعجاب السكان والزوار، وجعلت منها فضاء ومجالا تتوفر فيه شروط السلامة والراحة للتجوال والتنقل. ولتخليص المدينة من كل مظاهر العشوائية، تم بناء أسواق للقرب لتنظيم وإيواء الباعة المتجولين في أماكن لائقة تضمن كرامتهم وتوفر لهم كل الشروط الأساسية لمزاولة أنشطتهم التجارية في أحسن الظروف، إضافة إلى إنجاز سوق الجملة للسمك والمجزرة، في انتظار الشروع قريبا في إنجاز سوق الجملة للخضر والمنتجات الفلاحية من الجيل الجديد. وعلى مستوى العناية بالمساحات الخضراء والمواقع السياحية، تمت تهيئة منتزه عين أسردون، في إطار مشروع كبير شمل إحداث وتأهيل مجموعة من المرافق، وتصميم وتجهيز المساحات الخضراء، وتهيئة المسالك ومجاري المياه والنافورات وتقوية الإنارة، ما جعل هذا المنتزه يستقبل زواره في حلة جديدة أهلته ليشكل قبلة بامتياز للاستجمام والراحة للعديد من المواطنين من سكان بني ملال والزوار. ويعتبر تأهيل قصر عين أسردون، ليصبح فضاء لمعارض الفنون التشكيلية، من بين أهم ما تم إنجازه في إطار هذا المشروع، وسيوفر هذا الفضاء للفنانين والمبدعين التشكيليين، رواقا ملائما لعرض وتقاسم ابداعاتهم الفنية مع زوار منتزه عين أسردون خاصة المهتمين منهم والباحثين في مجال الثقافة والفنون التشكيلية. منتزه إيكولوجي ومدينة المهن والكفاءات يرتقب تعزيز المناطق الخضراء بالمدينة بإحداث منتزه ايكولوجي ببني ملال، على مساحة تقدر بـــ 27 هكتارا. وللعناية بالرياضات خاصة التي تستقطب الشباب، تم إنجاز مجموعة من ملاعب القرب بمختلف أحياء المدينة، وإعادة تأهيل الملعب الكبير بشكل يليق بالمدينة وبتاريخها العريق في كرة القدم. كما تم إنجاز مركز جهوي للتكوين في كرة القدم بطاقة استيعابية تصل الى 127 متدربة ومتدربا. هذا المركز الذي يعتبر ثالث وأكبر مراكز التكوين الجهوية لكرة القدم بالمملكة، يوفر للمستفيدين التمدرس ومزاولة التداريب في كرة القدم، والإيواء والإطعام والنقل، وذلك طيلة مدة التكوين بهذه المؤسسة. كما أن المدينة أصبحت قطبا لجلب المشاريع المهيكلة، كإنجاز منصة من الجيل الجديد للصناعات الغذائية، وإنجاز مدينة المهن والكفاءات التي ستوفر تكوينات لــ 2500 متدرب ومتدربة في عدد من التخصصات تستجيب للخصوصيات الراهنة والمستقبلية للجهة، فضلا عن مشاريع أخرى مهمة سيتم توطينها ببني ملال، كإحداث منصة لاحتضان المقاولات الناشئة Startups على مستوى القطب الفلاحي "الأكروبول"، كما سيتم تعزيز ربط المدينة بالسكة الحديدية وبشبكة الطرق السيارة . ويعتبر الطريق المداري الذي تم إنجازه على طول 13,5 كيلومترا، مشروعا استراتيجيا لربط المنطقة الصناعية والأكروبول غربا بالطريق السيار والمطار شرقا، حيث ساهم هذا المحور الطرقي الحيوي في الرفع من الحركية الاقتصادية وفي التخفيف من ضغط حركة السير وتحسين مؤشرات السلامة الطرقية داخل مدينة بني ملال. كما عرفت المدينة عدة مشاريع تروم تعزيز العرض المدرسي والجامعي والارتقاء به، واستقطاب مشاريع كبرى أخرى منها مشروع انجاز كلية الطب والصيدلة والمركز الاستشفائي الجامعي. كما أن المنظومة الصحية بمدينة بني ملال استفادت من عدة مبادرات تهدف الى تطويرها والرقي بخدماتها، وذلك بإنجاز عدد من المؤسسات والمرافق الصحية في جميع التخصصات بالمدينة، بالإضافة الى تعزيز هذه المنظومة بإنجاز المستشفى الجهوي وبوحدات صحية جديدة بالقطاع الخاص، وإحداث مؤسسات تأهيلية للأطر والممرضين سواء الخاصة منها أو العامة. بنيات تحتية لتأهيل تجزئات سكنية خلفت التجزئات السكنية التي أنجزت في عهود المجالس البلدية السابقة، كوارث بيئية مازالت أعطابها بادية لحد الآن، بعد أن استحوذ بعض المجزئين على مشاريع كانت مدعومة من قبل لوبيات ساهمت في قطع أوصال المدينة واجتثاث حقول الزيتون التي كانت تمنح الدفء للسكان، ما استدعى مقاربة مندمجة همت إدماج الأحياء التي حرمت من تجهيز بنياتها التحتية، وتمت هيكلتها من جديد، بتقوية البنيات التحتية لمختلف الأحياء المنسية، ما أعاد لسكان هذه الأحياء البئيسة الأمل في عيش كريم، والعيش في وسط ملائم بعيدا عن الأتربة المتراكمة التي تتطاير بفعل هبة ريح بسيطة. المعارضة: هذه أولوياتنا اعتبر حسن حرشي، عضو فريق المعارضة بالجماعة الحضرية لبني ملال، أن الجماعة فقيرة من حيث المداخيل والبنيات الإدارية التي أصبحت لا تستجيب إلى تطلعات المرتفقين، مؤكدا أن مقر البلدية، لا يصلح اليوم بأن يكون مقرا للجماعة التي تدبر مصالح المواطنين الذين تتزايد احتياجاتهم الإدارية يوما بعد يوم. وأضاف أن ملف الوداديات السكنية سابقا، أطلق العنان لتأسيسها من قبل أشخاص تحولوا في ظرف وجيز إلى أغنياء يملكون أرصدة مالية مهمة، بعد أن منحت لهم تراخيص غير قانونية، ومازال السكان يعانون تبعاتها لأنها تفتقد إلى أبسط المرافق الضرورية. وساهمت المعاملات الزبونية لمسيري المجالس السابقة في نفاد الأوعية العقارية، وحرمت المدينة من مشاريع تنموية ظهرت حاجتها الآن ما تطلب القيام بالعديد من الإجراءات من قبل السلطات الإقليمية التي تسارع الزمن اليوم لتدارك ما ضاع وإنجاز مشاريع استثمارية بمساهمة من المجلس الجماعي الذي يسعى إلى تدارك الخصاص في العديد من المرافق الحيوية بالمدينة. وعزا حرشي فقر الجماعة إلى نقص المداخيل، وشحها اليوم، ما يؤثر سلبا على الموارد البشرية للجماعة الحضرية التي تفتقر إلى العدد الكافي من الموظفين لتلبية حاجيات المرتفقين، ناهيك عن شح واضح في العمال والموظفين الذين يحالون على التقاعد في كل سنة، ولا يتم تعويضهم بسبب المنع الذي صدر في دورية سابقة. ولتنمية الموارد المالية للجماعة، اقترح حرشي، عضو في فريق المعارضة والكاتب المحلي لنقابة "كدش" ببني ملال، توسيع شراكات الجماعة مع مختلف الفرقاء، لتوفير السيولة المالية الكافية والبحث عن ممولين لإنجاز المشاريع المقترحة في برامج الجماعة التي تمت المصادقة عليها في مقررات جماعية، لكن أحيانا لا يتم إنجازها بسبب تضارب مصالح بعض الأعضاء للحيلولة دون إنجاز المطلوب. وحث حرشي الجماعة على تحرير الملك العمومي الذي مازال يستغله بعض الباعة الجائلين، مقابل بناء أسواق نموذجية لإيواء الباعة الذين يفضلون الخروج إلى الشوارع واحتلال أرصفتها، على أن يبقوا في محلاتهم بالأسواق النموذجية، نظير ما يقع في سوق تامكنونت النموذجي الذي يعتبر تجربة ناجحة، بعد أن خفف بناؤه الضغط عن الشوارع والأماكن العمومية القريبة منه. وأكد حرشي ضرورة تفعيل دور الشرطة الإدارية التي لم تضع بصمتها بعد في المشهد الاجتماعي.