هكذا قاد الملك المغرب نحو المونديال

وضع أسس إستراتيجيته الرياضية في 2008 وجنى ثمارها بإعلان جلالته احتضان كأس العالم لعبت الدبلوماسية الملكية وإستراتيجية الملك محمد السادس لتحقيق النماء في المملكة على جميع الأصعدة، ضمنها المجال الرياضي، دورا رئيسيا في حسم تنظيم نهائيات كأس العالم 2023، لفائدة الملف الثلاثي المغربي الإسباني البرتغالي، على حساب الملف الأمريكي الجنوبي، رغم ثقل وزنه، بالنظر إلى النفوذ القوي الذي يتمتع به مسؤولوه داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومراهنتهم على مائوية المونديال. إعداد: صلاح الدين محسن وعيسى الكامحي ساهمت الدبلوماسية الملكية الناعمة في نشر السلام والتعايش في جميع دول العالم، في تحقيق إجماع دولي على الملف الثلاثي، ورضوخ المنافسين طواعية، دون اللجوء إلى عملية تصويت، جنبت الملف المغربي الإسباني والبرتغالي مسيرة طويلة من الاجتماعات التنسيقية، وتنقلات ماراثونية لإقناع المصوتين بجدية الترشح الثلاثي. الرسالة الملكية شكلت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية حول الرياضة في 2008، بداية القطيعة مع التدبير العشوائي لتنظيم المغرب للتظاهرات العالمية الكبرى، بعد أن أخفق في مرات سابقة في الحصول على شرف تنظيم منافسة من هذا الحجم. ورسمت الرسالة الملكية معالم الإستراتيجية المولوية، لتطوير الرياضة الوطنية، من خلال البداية بترتيب البيت الداخلي، وعدم الركون إلى توجيه الانتقادات للمسؤولين عن الشأن الكروي العالمي، رغم وجود تقارير أكدت المؤامرات التي تعرض لها المغرب، خلال تقديمه ملفات تنظيم نهائيات مونديال 1994 و1998 و2006 و2010، بشهادة جوزيف بلاتير، الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم. ومهدت الرسالة الملكية الطريق نحو إعادة المغرب النظر في إستراتيجيته الرياضية، من خلال تطوير الممارسة، وإحداث بنيات تحتية رياضية، قادرة على إقناع المجتمع الرياضي الدولي بأحقية المغرب في تنظيم المونديال، وإبراز إمكانيات المملكة البشرية والرياضية واللوجستيكية، باعتبارها السبيل الأوحد للجم الأصوات المخالفة للتوجه الملكي، نحو تحقيق إشعاع رياضي عالمي. تنظيم التظاهرات شرع المغرب منذ 2012 في توجه جديد في السياسة الرياضية بصفة عامة، من خلال دخوله في تنظيم تظاهرات عالمية، قادرة على إقناع المسؤولين عن الشأن الكروي العالمي، بتوفره على بنيات تحتية رياضية عالمية، بإمكانها أن تحتضن أكبر منافسة كروية في العالم. وانخرط المغرب مباشرة بعد المناظرة الوطنية، في تنظيم منافستين متتاليتين لمونديال الأندية، إذ شكلتا اللبنة الأولى نحو بناء ثقة الاتحاد الدولي لكرة القدم في المغرب، وإبراز قدراته التنظيمية على جميع الأصعدة، وتوجيه رسالة إلى العالم، أن المغرب بلد الرياضة والسلم والتعايش والاستقرار، فضلا عن نهجه دبلوماسية رياضية وفق التعليمات الملكية السامية، من خلال ربط علاقات مع جميع دول العالم. واستمر المغرب في العشر سنوات الأخيرة في سياسته الرياضية، المبنية على الجدية والمسؤولية، سواء على الصعيد القاري، من خلال تنظيمه لتظاهرات قارية، أو على الصعيد العالمي المتوج بتنظيم نسخة أخرى من نهائيات مونديال الأندية في فبراير الماضي، إذ ربح المغرب العديد من النقط، وعزز مكانته لدى الاتحاد الدولي، بعد أن نظم "الموندياليتو" في وقت قياسي، ودون أخطاء. إعلان كيغالي فاجأ الملك محمد السادس العالم، بإعلانه تنظيم مونديال 2030، ضمن الملف الثلاثي المشترك مع إسبانيا والبرتغال، خلال اجتماع كيغالي في مارس الماضي، الذي حصل من خلاله جلالته على جائزة التميز لـ 2022، من الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، معتبرا أن هذا الترشح يعد سابقة في تاريخ كرة القدم، ويحمل عنوان الربط بين أوربا وإفريقيا، بين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه. وخلفت الرسالة الملكية الموجهة للأشقاء الأفارقة في كيغالي، وقعا كبيرا على المجتمع الكروي العالمي، بعد أن اعتبر أن التنظيم المشترك يجسد أسمى معاني الالتئام حول أفضل ما لدى هذا الجانب أو ذلك، مشيرا إلى أنه سينتصب شاهدا على تضافر جهود العبقرية والإبداع وتكامل الخبرات والإمكانيات. رجال صدقوا... لتنفيذ الإستراتيجية الملكية لتطوير الرياضة الوطنية، وبلوغ قمة المجد الكروي، كان لابد لجلالته من وضع ثقته في رجال قادرين على تنفيذ مضامينها بشكل احترافي، الشيء الذي كان وراء انتخاب لقجع رئيسا للجامعة لأول مرة في 2013، وأعطى تعليماته لجميع الأجهزة بالوقوف وراءه، ومنحه الإمكانيات الضرورية المالية واللوجستيكية. ويعد لقجع من الرجال الذين كانوا وراء تنفيذ هذه الإستراتيجية، إذ استطاع بحنكته واحترافيته تجسيد هذه الإستراتيجية، من خلال دخوله دواليب الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وبعدها الاتحاد الدولي، لإسماع صوت المغرب في أكبر هيأة كروية في العالم، سيما أن بعد المغرب عن مراكز القرار بالهيأتين المذكورتين، شكل إحدى نقط ضعف التجارب الخمس السابقة. واستطاع المغرب اقتحام قلعتي "كاف" و"فيفا"، بفضل حنكة واحترافية لقجع ومن معه من مسؤولين لديهم شهادات علمية ومهنية كبيرة، وتمكن المغرب من إسماع صوته، بالنظر إلى فصاحة لقجع اللغوية، وجديته في التعامل مع القضايا التي واجهت الكرة الإفريقية، وساهمت بشكل كبير، في وقوف الأفارقة إلى جانبه خلال الترشح الأخير لتنظيم مونديال 2026، قبل أن تلعب يد الغدر دورها في توجيه التصويت نحو الملف الثلاثي الأمريكي الكندي المكسيكي. وقدم لقجع إمكانياته وخبرته المهنية في إنقاذ "كاف" من السكتة القلبية، بشهادة المسؤولين الأفارقة، قبل أن يمنح المغرب أرضه لاحتضان مؤتمرات "كاف" و"فيفا"، وصناعة قرارات حاسمة لفائدة الكرة الإفريقية والعالمية، أبرزها انتخاب باتريس موتسيبي، رئيسا للكنفدرالية الإفريقية، وتجديد الثقة في جياني إينفانتينو، رئيسا للاتحاد الدولي لكرة القدم، خلال الجمع العام الذي احتضنه مركب محمد السادس الدولي لكرة القدم في 2021. تدبير احترافي إن حصول المغرب على الإجماع القاري، لم يكن وليد الصدفة، وإنما جاء بناء على إستراتيجية طويلة الأمد، بقيادة الملك محمد السادس، وتنفيذا من فوزي لقجع، الذي استطاع ربط علاقات كثيرة مع الأشقاء الأفارقة، من خلال اتفاقيات شراكة، ساهمت في النهوض بكرة القدم الوطنية بالمغرب والبلدان الإفريقية. وظهرت معالم التقارب المغربي الإفريقي في ترشحه لاحتضان مونديال 2030، إذ صوتت جل الدول الإفريقية على الملف المغربي، بعد أن لمست جدية واحترافية المملكة في تنفيذ مضامين الاتفاقيات المذكورة، ووضع ملاعبه وبنياته التحتية في خدمة الكرة الإفريقية. وتعامل المغرب مع الأشقاء الأفارقة بمنطق "رابح رابح"، ووقوفه بخبرائه ومسؤوليه إلى جانب الدول المحتضنة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم، في مقدمتها الكامرون، التي واجهت مشاكل عديدة قبل تنظيمها نهائيات 2021، الشيء الذي يبرز الالتفاف الكبير للدول الإفريقية حول المغرب. كما شكلت العلاقات المتميزة للمغرب مع دول أمريكا الجنوبية، خاصة التي كانت مرشحة لاحتضان 2030، أبرزها الأرجنتين والأوروغواي والبارغواي، لبنة أساسية في طريق انسحابها من السباق، لفائدة الملف المغربي الإسباني البرتغالي. إجماع 2025 مهدت الأحداث والعلاقات المغربية مع دول إفريقيا وتحديدا "كاف"، الطريق نحو الإجماع القاري على ملف احتضان المغرب نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، بعد أن صوت أعضاء "كاف" لفائدته بـ 22 صوتا مقابل صفر، للملفات الأخرى، التي انسحبت تباعا، بناء على قوة الملف المغربي من جهة، ورغبة المملكة في تنظيم مونديال 2030. واعتبر باتريس موتسيبي، رئيس "كاف"، في كلمته خلال الندوة الصحافية، التي عقدها بالقاهرة، الأربعاء الماضي، أن ترشح المغرب لاحتضان مونديال 2030، لم يترك مجالا لباقي المنافسين، وأن إفريقيا بأصواتها 54 كلها ستقف إلى جانب هذا الترشح، وأن ترشح المغرب هو ترشح لإفريقيا. للمجتهد نصيب أعلن الملك محمد السادس أولى ثمار إستراتيجيته في تطوير كرة القدم الوطنية، وقيادتها إلى المجد الكروي العالمي، بحصول المغرب على شرف تنظيم نهائيات كأس العالم 2030، وهو الخبر الذي أثلج جميع المغاربة، وجل دول العالم، بعد أن جاب الخبر أرجاء المعمور. ويعد إعلان الملك، أول أمس (الأربعاء)، الخبر السار للمغاربة، بمثابة صك نجاح لإستراتيجيته التي سهر على تنفيذها أزيد من عشر سنوات، ووضع لها الأسس الكفيلة لضمان نجاحها، بالاعتماد على الكفاءات الذاتية البشرية والتنظيمية، بتخطيط احترافي محكم، وبالارتكاز على الثوابت الوطنية، والرسائل التي ما فتئ يوجهها إلى المنتظم الدولي في جميع المحافل الدولية والوطنية. ويشكل نجاح الإستراتيجية الملكية، من خلال منح المغرب شرف تنظيم مونديال 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، بداية الطريق نحو تحقيق انتصارات جديدة، سيما أنها إستراتيجية شاملة، ترمي إلى تحقيق الازدهار والنماء للشعب المغربي قاطبة.

هكذا قاد الملك المغرب نحو المونديال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال مروجي مخدرات بفاس وتازة

حفـرة اولاد افـرج... اللغـز المحيـر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات