أقلام في وجه السلطة : فكري أباظة…المغضوب عليه

فصل جمال عبد الناصر الكاتب المصري فكري أباظة، لأنه كتب سطورا عن الحرية والديمقراطية في ركنه الهزلي "الجاسوسة الحسناء". بضعة أسطر قليلة كانت سببا في فصله من الصحافة، وكاد فكري أباظة الذي اعتاد على مدى أربعين عاما الذهاب إلى مكتبه بمجلة "المصور" بدار الهلال أن يفقد حياته، فقد منع وفصل وعانى مجموعة من الأمراض، واضطر أن يعتذر بصورة مهينة تأسى لها الصحافيون، فقد كتب اعتذارا إلى عبد الناصر في الصفحة الأولى من جريدة "الأهرام".وصدرت جريدة "الأهرام" في 18 غشت سنة 1961 وفي صفحتها الأولى خبرا هذا نصه "أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بإعفاء السيد محمد فكري أباظة من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئاسة تحرير المصور" وعقب مصدر مسؤول على المقال الذي نشره فكري أباظة في مجلة المصور أمس وطالب فيه من الدول الكبرى بإنشاء اتحاد فيدرالي بين الدول العربية على أن تندمج فلسطين بأسرها في هذه المجموعة، وتشمل إسرائيل بقوله "إن هذا الاتجاه يحمل معاني عديدة لا يمكن السكوت عنها، فهو ينطوي على دعوة بأن تتجمع الدول الكبرى وتفرض على الدول العربية اتحادا في ما بينها، كما ينطوي على دعوة للدول الكبرى بأن تفرض دمج إسرائيل في اتحاد عربي، كما ينطوي على معنى التشكيك في الموقف العربي تجاه إسرائيل الذي هو موقف عربي اجتمعت عليه الأمة العربية، ولا يملك أن يخرج عليه أي فرد من أفرادها...".هذا ما جعل جمال عبد الناصر يقرر فصله من مناصبه الصحافية.وقد استمرت محنة فكري أباظة تسعة أشهر كاملة ظل فيها مفصولا من كل مناصبه في الداخل والخارج، ولم يكن مسموحا له بالكتابة في مصر أو خارجها، وقد كانت إقامته محددة، وديا، في أحد المقاهي.وكاد فكري أباظة يتضور جوعا، لأنه لم يقبض مكافأته بعد فصله، فقد حصل عليها من قبل واشترى بها أسهما في ملكية "دار الهلال"، ثم أممت الدار ولم يعوض بمليم واحد.وزار مصطفى وعلي أمين فكري أباظة في منزله بعد فصله، وعرضا عليه أن يقتسما معه مرتبهما لكنه رفض بكل اعتزاز وإباء.وكان شرط جمال عبد الناصر هو أن يكتب فكري أباظة اعتذارا يتنازل فيها عن كل آرائه السابقة والتي فصل بسببها في الصفحة الأولى من "الأهرام"، وكتب أباظة الاعتذار، وأحس الصحافيون بمدى المهانة بإهدار كرامة الكاتب الكبير الذي عبر بقلمه عن ثورة 1919، وكان له دوره المؤثر في جميع مراحل النضال الوطني على مدى نصف قرن من الزمان.وكان أباظة تحدث في ما بعد عن هذه المحنة في حوار مع الصحافي محمود فوزي قائلا "أكثر ما ضايقني في محنتي ليس هو الفصل أو المنع من الكتابة، بل تنكر الأصدقاء والزملاء وحتى الأقارب وأقرب المقربين"، وكاد حينها أن يجن، إذ أصبح وحيدا يفترسه القلق والإحباط والوحدة والعزلة.وقد رد في ما بعد أنور السادات الاعتبار لفكري أباظة اعتباره وأصدر قرارا بتعيينه رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة "دار الهلال"، وعندما اجتمع الرئيس السادات برؤساء التحرير بعد قراره بإخراج الخبراء السوفييت من مصر، طلب من فكري أباظة أن يجلس إلى جواره تكريما له بدلا من عزيز صدقي رئيس الوزراء. وفي كل اجتماع صحافي كان السادات يبحث بعينيه عن فكري أباظة لتحيته والاطمئنان إلى أنه في مكانه المناسب. إعداد: عزيز المجدوب

أقلام في وجه السلطة : فكري أباظة…المغضوب عليه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حكــايــات اللاعـب "زاز": دخلت تندوف في 1973 و1975

أسماء في الذاكرة : عبد الكريم الخطيب "إخواني" القصر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات