لماذا هذا الإخلاص للديلمي؟ بالفعل كنت مخلصا للدليمي كثيرا، وكنت أزوره في جميع المواقف الصعبة، وحتى بعد موته كنت أزور قبره بعد موته كل يوم جمعة، وأنفذ كل ما يطلب مني، لأن معه عرفت معنى الرجولة. ما هي المهمات التي كلفت بها من طرفه أثناء وجودك بطانطان؟ من المهمات الصعبة التي كلفت بها بطلب منه دخولي تندوف مرتين سنتي 1973 و1975. هل يمكن أن تروي سبب دخولك إلى تندوف سنة 1973؟ كان الدليمي تلقى معلومات من بعض العسكريين الذين يوجدون على التخوم المغربية، يؤكدون أنهم يتعرضون لإطلاق النار من بعض عصابات بوليساريو، وأن الجيش الجزائري قام بتسليحهم للقيام بذلك، فطلب مني أن أتأكد من ذلك، فاقترحت عليه الدخول إلى تندوف بمناسبة تزامن ذلك مع موسم سنوي تنظمه بعض القبائل الصحراوية. هل دخلت بجواز سفري؟ حملته معي ولكن لم أستعمله، بعدما لم تكن الحاجة ملحة لذلك. من قادك إلى تندوف وكيف وصلت إليها؟كان معي مساعد بمكتب التموين والتصدير اسمه محمد ولد الدخيل، هو من رافقني وأرشدني إلى طريق الدخول إلى تندوف، وكنا على متن سيارة جيب تابعة للفلاحة، لكن في البداية أخطأنا الطريق ودخلنا مدينة المحبس التي تعد آخر مدينة مغربية قبل الحدود مع الجزائر، وكانت تابعة للحكم الإسباني، ومن حسن الحظ أن الاسبان لم ينتبهوا إلينا، ثم اتجهنا صوب تندوف والتقينا الدرك الجزائري، الذين استغربوا لوجودنا ولعدم إلقاء القبض علينا من طرف السلطات الإسبانية، ثم أخبرتهم أنني مدير مكتب التموين والتصدير بجهة الجنوب وجئت لأحضر الموسم، ثم قمت بتسليمهم علب السجائر "مارلبورو" وقنينات من الويسكي و"ترونزيستورات"، وهي عبارة عن جهاز راديو صغير، وكان ثمنه مكلفا في الجزائر، علما أن هذه الأشياء كانت موجودة عندنا بكثرة في الجنوب المغربي. وبالفعل، تأكدت من صحة الأسلحة التي كانت كلها روسية الصنع، وأخذت بعض الصور حملتها إلى الدليمي إضافة إلى تقرير عن المهمة. ما نوع الأسلحة التي شاهدتها؟ شاهدت أسلحة الشار تي 75 وغيرها من الحافلات الخاصة بحمل الأسلحة والماء والمواد الأساسية، وكانت عندهم كتيبة عسكرية يطلق عليها فيلق الاستقلال مكونة من مجموعة جنود جزائريين والموالين للبوليساريو. ما هو سبب دخولك تندوف في المرة الثانية؟ سبب دخولي كان هو أن الدليمي تلقى أيضاء معلومات حول وجود تدريبات عسكرية لبعض الأطفال الصحراويين المغرر بهم، وأن هناك بعض التقنيين العسكريين من الهند الصينية يقومون بتكوينهم. كيف دخلت؟هذه المرة دخلت بجواز سفري وأحتفظ به إلى حدود اليوم، ودخلت باسم حسين كيود من أجل حضور الموسم المذكور، وتأكدت من أن خبيرا برتبة جنرال يدعى "جياب" يشرف على ذلك التكوين، وكانت بعض عصابات بوليساريو في تلك الفترة تقوم بهجمات على المصالح المغربية بين الفينة والأخرى، وكان الوضع متوترا بشكل كبير.هل مرت الأمور مثل المرة الأولى؟لا لم تمر الأمور بشكل عاد، بل اضطررت إلى الهرب مرة أخرى، بعد أن سبق وهربت من سيدي بلعباس.لماذا؟لأن الجزائريين كانوا يلتقطون بعض الصور للموسم، وكنت في خيمة أحمد بكار للسلع والذي تربطه مصاهرة مع علي بوعيدة المعروف من أعيان الصحراء، وفي إحداها تعرف إلي أحد الصحراويين المتحدرين من طانطان، وأخبرهم أني أعمل مع المخابرات المغربية، وذهبوا إلى بكار واستفسروه حول وجودي بخيمته، لكنه نفى صلتي بالمخابرات، وأنني معروف في طانطان بحسين مول زون، وأنا في تلك الأثناء توجهت هاربا إلى الزاك، التي كان يوجد بها الكولونيل ميمون، وأخبر الجنرال أنني موجود عنده، فأرسل لي طائرة هيليكوبتر أقلتني إلى أكادير مباشرة. أجرى الحوار: محسن صلاح الدين