شواطئ الرباط وسلا… نفايات تزاحم المصطافين

تستقبل يوميا آلاف مصطافي العدوتين ليبلغ الاكتظاظ أوجه مع نهاية الأسبوع بحلول كل موسم صيف، يغدو شاطئا الرباط وسلا، قبلة سكان العدوتين بامتياز. مصطافون ظلوا أوفياء لعاداتهم في السباحة وأخذ حمامات الشمس حتى في أسوأ حالات الشاطئين، بعد أن صنفتهما تقارير رسمية في سنوات ماضية، ليست بالبعيدة ضمن لائحة الشواطئ السوداء بالبلاد، التي لا تصلح للسباحة ولا الاستجمام، بالنظر إلى درجة التلوث في مياههما. وهما اليوم، بعدا أن نزعا عنهما صفة الرداءة منذ سنتين تقريبا، ونالا اعترافا بإمكانية السباحة بمياههما، وإن كانت جودة تلك المياه لم تبلغ أعلى مستويات التصنيف، ملاذ آلاف الرباطيين والسلاويين الذين يحجون إليه بمجرد أن ترسل شمس الصيف أشعتها الأولى. مواطنون ينسابون على المنافذ المؤدية إليهما صباح كل يوم، فرادى وجماعات، منهم من يأتي حاملا العدة والعتاد، من شمسيات وسوندويتشات وقارورات مياه مثلجة وحقائب مليئة بمنشفات، فيما يختار الشباب، بالخصوص، التحاف منشفة، وانتعال «صندلة» والعدو في اتجاه مياه تكاد تفقد زرقتها ولا تظهر منها سوى «رؤوس» المصطافين، وتملأ رمالها أكوام النفايات، كلما توالت ساعات النهار. شاطئ الرباط ...اكتظاظ يجثم على أنفاس روادهيغص شاطئ الرباط، بالمصطافين الهاربين من ضيق الأزقة وحرارة الجو، إذ «لا يعقل أن نقطن في مدينة شاطئية، ونظل محرومين من الاستحمام»، يقول شاب عشريني، تتدلى من على عنقه منشفة، وهو يسارع الخطى محاولا اللحاق بجماعة من الشباب تسبقه ببضع خطوات، مؤكدا أنه وأصدقاءه، وأحيانا كثيرة أفراد عائلته يرتادون الشاطئ يوميا بحلول الصيف «صحيح أنا وأصدقائي نادرا ما نقضي النهار بأكمله بالشاطئ إلا أننا نكون ضمن الوفود الأولى التي تسبح به، لنغادره قبل الزوال، باستثناء إذا كنت بمعية عائلتي، حينها، نقضي اليوم بأكمله، من التاسعة صباحا إلى حدود السابعة مساء»، ثم يتوارى داخل الدروب والأزقة المحاذية لقصبة الأوداية، التي تعج بجحافل المواطنين، من القاطنين بها أو المارين منها ممن يسكنون الأحياء المجاورة والذين يعتبرون من المحظوظين ممن لا يجبرون على أداء تعريفة الحافلة أو مراوغة مراقبي شركات النقل الحضري. ومنذ الساعات الأولى للصباح، تنطلق حركة جحافل الرباطيين وتغزو الممرات المؤدية إلى الشاطئ. وإذا كان عدد منهم يختار دروب قصبة الأوداية، لينعم بظلال تقيه أشعة الشمس الحارقة، فإن الجزء الأكبر يلجون مسارا محاذيا للقصبة التاريخية دون أن يتوغلوا فيها، بل منهم من لا يجد حرجا في اختراق المقبرة المطلة على الشاطئ والعدو وسط أمواتها، مادامت جميع الطرق تنتهي إلى البحر.وبتوالي ساعات النهار، يعرف شاطئ الرباط إقبالا منقطع النظير، تبلغ ذروة الاكتظاظ به بحلول منتصف النهار. «لا يمكن القول إننا نسبح فعلا بهذا الشاطئ بعد أن تتجاوز عقارب الساعة الواحدة زوالا، غير كانتبردو فالما وصافي»، تقول شابة في مقتبل العمر، خرجت لتوها من مياه البحر ولا ترفع عينيها عن الرمل بحثا عن منافذ توصلها إلى الشمسية التي نصبتها عائلتها. شاطئ سلا... النفايات تزاحم المصطافينمنذ عدة أسابيع، يشهد شاطئ سلا إقبالا كبيرا، بمجرد انقضاء شهر الصيام، تبلغ ذروته أيام نهاية الأسبوع، فمنذ الساعات الأولى للصباح تتقاطر على الشاطئ المحاذي للعدوة الأخرى، الرباط، جماعات من الهاربين من الحر والراغبين في تمضية يوم يجمع بين اللهو والمتعة والرياضة. شمسيات نصبت على طول الساحل، تزداد أعدادها، مع توالي ساعات النهار إلى أن تغطي الجزء الكبير من رمل الشاطئ، بعد ظهيرة كل يوم من فصل الصيف.«الصيف كلو، البحر كايكون عامر ولكن يوم الأحد خاص، لأن جميع الأسر تحضر أبناءها وحتى ضيوفها لقضاء اليوم في البحر»، يقول رجل أربعيني، فيما انهمك أبناؤه في تثبيت شمسيتين بإحكام، قبل أن يواصل «المشكل الذي نعانيه في هذا البحر هو غياب النظافة، إذ توجد بيه مختلف النفايات بجميع أنواعها، ما يجعلنا نشعر أن صحتنا في خطر». فرغم أن شاطئ سلا، حظي بشهادة رسمية تسمح بالسباحة في مياهه، إلا أن مياهه ورمله، على حد سواء يستقبلان علاوة على المصطافين مختلف أنواع النفايات، لا تنفع معها محاولات عمال النظافة، فتظل من المشاهد المؤثثة للشاطئ، تأخذ مكانا لها بين مرتاديه الذين يتحدرون في الغالب من الأحياء الشعبية بالمدينة، أساسا من القرية وسيدي موسى وسهب القايد وعنق الجمل وحي كريمة وسيد الطيبي. «الله غالب، لا يمكنني التنقل أنا وزوجتي وأطفالنا الخمسة، إلى المهدية أو بوزنيقة، التي نسمع عن جودة مياهها ونظافة شاطئها، لذا نأتي إلى هذا الشاطئ، الذي لا يكلفنا إلا بضع دقائق مشيا، عوض مصاريف التنقل، والحمد لله على كل حال، المهم أن الدراري يعومو ويلعبو»، يقول أحد سكان حي سيدي موسى المحاذي للشاطئ. شمسيات وكراس للكراء وباعة متجولون قبل أن تلمس قدماك رمال شاطئ الرباط، أو حتى شاطئ سلا اللذين تعب حراسه من جمع القاذورات والفضلات به، فكل صباح تنطلق رحلة عمال النظافة في التنقيب عن قارورات وفضلات المصطافين، الذين يبدو كثير منهم غير آبهين بنظافة الشاطئ، ملاذهم الوحيد لقضاء عطلة الصيف، لكن دون جدوى، فلا تكاد رمال هذا الشاطئ أو ذاك تخلو من النفايات إلا لتمتلئ بها من جديد، (قبل أن تلمس قدماك الرمال) حتى يستقبلك، شباب يعرضون عليك كراء شمسيات، تختلف أثمنتها، حسب كبر حجمها ونوعيتها، وتتراوح بين 15 و20 درهما لليوم، فيما لا يتعدى ثمن الكرسي الواحد 13 درهما. «شنوحب الخاطر ألالا؟ شي باراسول؟» يبادر شاب في العشرينات من عمره بسؤال امرأة تتأبط حقيبة وكيسا بلاستيكيا به بضع قارورات مياه مثلجة، يواصل بعدما اكتفت بتفحص عشرات الشمسيات المكومة بمدخل الشاطئ، «هانتي إيلا بغيتي شي باراسول راهوما مصاوبين فالرملا، سيري واختاري للي بغيتي، مرحبا»، ثم يواصل محاولاته الحثيثة في اقتناص زبناء جدد، سيما أنه يقتسم الشاطئ مع منافسين لا تفصلهم عنه سوى بضعة أمتار، وجميعهم مأذون لهم باستغلال الشاطئ.ورغم أن غالبية مرتادي الشاطئ، الذين يشكل الشباب والمراهقون، النسبة الأكبر منهم، لا يأبهون بالشمسيات، ويكتفون في الغالب ببسط مناشفهم، وأحيانا كثيرة يستغنون عنها ويستلقون مباشرة على الرمال، إلا أن أصحاب الشمسيات يقضون يومهم في التجول وسط هؤلاء، حيث يبدو الإقبال عليهم أكثر من بائعي المثلجات وأصناف البسكويت المتنقلين، فيما تشهد الدكاكين القليلة المنصوبة على أطراف شاطئ سلا إقبالا تختلف وتيرته من يوم إلى آخر، تعرض على الراغبين مختلف أنواع السندويتشات والمياه الباردة والمشروبات الغازية. إنجاز: هجر المغلي

شواطئ الرباط وسلا… نفايات تزاحم المصطافين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سكان "مدينة بادس" ضحايا صراع العمران و"سي جي إي"

حكــايــات اللاعـب "زاز": دخلت تندوف في 1973 و1975

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

سكان "مدينة بادس" ضحايا صراع العمران و"سي جي إي" 