زيارات ملكية أسست لجيل جديد من اتفاقيات الشراكة جنوب-جنوب شكل القرار الملكي، خلال 2000، بإلغاء ديون الدول الإفريقية الفقيرة تجاه المغرب صفحة جديدة في العلاقات المغربية الإفريقية. وساهمت الزيارات الملكية المتكررة لعدد من البلدان الإفريقية في تعزيز علاقة المغرب وارتباطه بالقارة الإفريقية، وأسس لجيل جديد من علاقات الشراكة المبنية على التعاون والربح المشترك. وتم التوقيع على عدد من اتفاقيات الشراكة والتعاون وأنشئت لجن خاصة، من أجل تتبع هذه الاتفاقيات والسهر على تنزيلها على أرض الواقع، لكي لا تظل حبرا على ورق. ونجح المغرب في هذه الإستراتجية، الهادفة إلى تمتين العلاقة مع البلدان الإفريقية إلى حد كبير، إذ عززت المقاربة الجديدة الدور الاقتصادي والمالي للشركات والبنوك المغربية للدول الإفريقية، ونجح في إقامة شراكات متينة، خاصة مع البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية. وتمكن من إقناع العديد من شركائه بقضية وحدته الترابية، ما زاد من عزلة "بوليساريو" على الساحة الإفريقية، كما استطاع إقناع العديد من الدول بسحب اعترافها بما يسمى الجمهورية الصحراوية، ولم تعد، حاليا، سوى دول معدودة ما تزال تعترف بالجمهورية الوهمية. وتشير الإحصائيات المتوفرة إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب والبلدان الإفريقية حققت تطورا ملحوظا، إذ ارتفعت بمعدل نمو سنوي وصل إلى 13 % في المتوسط، لينتقل حجم المبادلات إلى أزيد من 38 مليار درهم، ما يمثل 6.4 % من الحجم الإجمالي للمبادلات التجارية للمغرب مع الخارج، في حين لم تكن هذه النسبة تتجاوز 4.6 %، عشر سنوات من قبل. ولا تقتصر علاقات المغرب مع البلدان الإفريقية على الجانب التجاري، بل تأخذ بعدا اقتصاديا وتنمويا، إذ عرفت الاستثمارات المغربية في إفريقيا، خاصة في بلدان جنوب الصحراء نموا مضطردا. وتمثل الاستثمارات المغربية في هذه المنطقة 88 % من إجمالي الاستثمارات المغربية بإفريقيا، وحوالي 54.3 % من إجمالي الاستثمارات المغربية بالخارج. وأصبح المغرب، بفعل استثماراته بإفريقيا، خلال العشرية الأخيرة، يعتبر المستثمر الثاني بإفريقيا والأول بدول إفريقيا الغربية. ويمثل التوصل إلى اتفاق بشأن أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا إعلانا عن مرحلة جديدة ستدعم الشراكة بين البلدان الإفريقية، إذ سيمتد الأنبوب على طول 5660 كيلومترا، وسيربط بين نيجيريا والمغرب ويمر عبر بينين وطوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، ما من شأنه أن يعزز العلاقات بين هذه الدول. وأصبح المغرب رقما أساسيا في المعادلة الإفريقية، بعد سنوات من الغياب، واستطاع تعزيز حضوره بفضل إرساء جيل جديد من العلاقات بين دول القارة السمراء، ترتكز على التعاون المشترك لمواجهات التحديات وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين مختلف البلدان، بما يضمن استفادة الجميع من الفرص المتاحة والإمكانيات، التي تزخر بها القارة. عبد الواحد كنفاوي