12 معركة للتراث الثقافي غير المادي لتحصينه من السطو والتقليد اختار موسم طانطان، باعتباره إحدى تحف التراث الثقافي اللامادي، وملتقى سنويا استثنائيا، تجتمع فيه أكثر من ثلاثين قبيلة من البدو الرحل بالصحراء، خلال دورة هذا العام، أن يحتفى بالعناصر المصنفة تراثا ثقافيا غير مادي للإنسانية من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، بعدما أصبحت المملكة تكثف جهودها لحماية تراثها الثقافي من الاستيلاء من قبل بلدان أخرى، والتقليد من قبل ثقافات أخرى، وصادقت على جميع اتفاقيات "يونيسكو" المرتبطة بالتراث. ويضم المغرب 12 عنصرا مدرجا في قوائم اتفاقية 2003، ويسعى لإحداث مركز وطني للتراث الثقافي غير المادي، مهمته تثمين المكتسبات المحققة في هذا المجال، في سياق العناية الخاصة التي ما فتئ يوليها للتراث الثقافي، وفي ما يلي عناصر التراث المغربي الإثنتا عشرة المسجلة في لائحة التراث غير المادي لـ "يونيسكو" . إنجاز: عبد الجليل شاهي (موفد الصباح إلى طانطان) صنف موسم طانطان من قبل منظمة "يونيسكو"، عام 2005، ضمن روائع التراث الشفهي غير المادي للإنسانية. وفي 2008، سجل في قائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. ولقب من قبل "يونيسكو" بـ "رائعة العبقرية الإبداعية الإنسانية". كان الموسم فرصة للتجمع وشراء وبيع وتبادل المواد الغذائية وغيرها من المنتجات، ويعرف تنظيم مسابقات لتربية الجمال والخيول والاحتفال بالأعراس والعادات والتقاليد الصحراوية. وكان الموسم ركحا للتعبيرات الثقافية المتنوعة كالقطع الموسيقية، وإنشاد القصائد القديمة باللهجة الحسانية، وترديد الأغاني من قبل "إيكاون" وممارسة ألعاب شعبية، وغيرها من التقاليد الشفوية الحسانية. هذه الحفلات توفر فرصة لإحياء ما يسميه الأنثروبولوجي روبرت مونتان "حضارة الصحراء" مع كل قساوتها وأصالتها الفريدة. ويساهم "موسم طانطان"، بوصفه يمثل فعلا ثقافيا، من خلال احتضانه لجميع مظاهر الحياة اليومية القائمة، في حماية وإنعاش التراث اللامادي لمجتمعات البدو الرحل. ويعود إحداث موسم طانطان إلى تقليد طويل للتجمعات العفوية والمتكررة لقبائل الرحل حول بئر ماء كانت تقع على واد بنخليل، وكان ينظم عادة في ماي من كل سنة. مهرجان "حب الملوك" بصفرو يعتبر مهرجان حب الملوك، الذي تحتضنه صفرو، في يونيو من كل سنة، تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية منذ 2012، تاريخ تصنيفه من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو). ويعتبر أقدم مهرجان في المغرب وإفريقيا، وضمن أقدم عشرة مهرجانات في العالم، إذ يعود تاريخ تخليده إلى بداية القرن الماضي. حافظت صفرو على تنظيم مهرجان "حب الملوك" منذ 1920، إذ يطلق عليه شيخ المهرجانات السياحية والشعبية بالمملكة، وبذلك صار موروثا شعبيا مشتركا على الصعيد المحلي والوطني، وتقليدا سنويا للاحتفاء بفاكهة الكرز (حب الملوك). ويحتفل سكان صفرو لثلاثة أيام متوالية بجمال منطقتهم الطبيعي والثقافي، ويبقى الموعد البارز لهذا المهرجان هو حفل تتويج "ملكة جمال حب الملوك». ساحة "جامع الفنا" تعد ساحة جامع الفنا من أهم الفضاءات الثقافية في مراكش، إذ أصبحت، ومنذ تأسيسها في القرن الحادي عشر، رمزا من رموز المدينة، ومركزا للتقاليد الثقافية الشعبية المغربية بمختلف مظاهرها الموسيقية والدينية والفنية. وتعتبر الساحة من أهم المآثر التاريخية بالمدينة، التي يرجع تأسيسها إلى عهد الدولة المرابطية خلال القرن الخامس الهجري. وتم إدراج مجال جامع الفنا الثقافي خلال 2008 في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية في المغرب. وتعد ساحة جامع الفنا مركزا هاما للتبادل الثقافي، يتمتع بالحماية منذ 1992، باعتباره عنصرا من عناصر التراث الثقافي المغربي. ويشكل التوسع الحضري، خاصة المضاربة العقارية، إضافة إلى توسيع نطاق البنية التحتية للطرق، تهديدات خطيرة تواجه هذا الفضاء الثقافي. "كناوة" صنفت "يونيسكو" فن "كناوة" ضمن القائمة التي تمثل التراث الثقافي غير المادي للإنسانية في 2019. يشير مصطلح "كناوة" إلى مجموعة من الإنتاجات الموسيقية، والعروض، والممارسات والطقوس العلاجية، حيث يمتزج الديني والدنيوي. "كناوة" هي قبل كل شيء، نوع موسيقي طائفي صوفي ذو كلمات دينية عبادية تخاطب الأسلاف والأرواح. مارست ثقافة "كناوة" في الأصل جماعات وأفراد متحدرون من العبودية وتجارة الرقيق. ويعود تاريخ هذه الممارسة إلى القرن السادس عشر الميلادي، وهي تشكل اليوم جزءا من ثقافة المغرب وهويته التعددية، ويمارس "كناوة"، خاصة المقيمين في المدن، طقسا علاجيا، حيث يقيمون الليل على وقع الإيقاعات والغشية، متبعين خطى ممارسات أفريقية غابرة وتأثيرات عربية إسلامية ومظاهر ثقافية أمازيغية تقليدية. وتشكل مجموعات "كناوة" جمعيات وتنظم مهرجانات محلية وجهوية ووطنية ودولية على مدار العام، أهمها تحتضنه الصويرة، وهو ما يمكن الأجيال الجديدة من اكتشاف هذه الثقافة والكلمات والآلات المستخدمة فيها، إضافة إلى الطقوس والممارسات التي تميزها. "الصقارة" أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) الصقارة (الصيد بالصقور) في 2012، تراثا لاماديا، ضمن ملف مشترك ضم 11 دولة منها المغرب، وتتواصل بالمملكة ممارسة الصيد بالصقور في حضن قبائل "القواسم" بمنطقة دكالة، التي باتت الساهر على استمرارية هذا التقليد التراثي العريق الذي يعتبر ممارسة تقليدية تقوم على تربية الكواسر وتدريبها على التقاط الطريدة في محيطها الطبيعي. "الصقارة" هي الفن والممارسة التقليدية المتعلقة بتدريب الصقور (وغيرها من الطيور الجارحة كالنسور والصقر الحوام) وإطلاقها للصيد. وتعود ممارسة "الصقارة" لأكثر من 4000 سنة مضت، وكانت في الماضي وسيلة للحصول على الطعام، لكنها أضحت اليوم جزءا لا يتجزأ من ثقافة الشعوب وممارسة اجتماعية ووسيلة للتسلية وللتواصل مع الطبيعة. "التبوريدة" تم إدراج "التبوريدة" من قبل "يونيسكو" تراثا مغربيا في 2021، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، و"التبوريدة" هي فن من فنون الفروسية يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر الميلادي. وتجسد "التبوريدة" سلسلة من العروض العسكرية المنظمة حسب الشعائر والطقوس العربية والأمازيغية الموروثة. تؤدي فرق من الخيالة، تتكون من عدد فردي من الفرسان والخيول (من 15 إلى 25) عروض "التبوريدة"، فيصطفون جنبا إلى جنب ويتوسطهم زعيم الفرقة أو "المقدم"، وتجري العادة قبل العرض أن يفتتح الفرسان أداءهم بطابع روحاني، فيتوضؤون ثم يصلون جماعة معا، وتحت إمرة "المقدم"، يؤدي الفرسان وخيولهم عرضا متكونا من جزأين رئيسيين، يعرف الأول بالـ"هدة" وهو عبارة عن تحية الخيالة للحضور، فيدخل الفرسان إلى "الحلقة"، أو الميدان بمشية الخبب ويتناولون بنادقهم بطرق فنية فرجوية قبل العودة إلى نقطة البداية. أما الجزء الثاني فيعرف بـ"الطلقة"، فيها يدخل الفرسان "الحلقة" جريا ثم يطلقون طلقة فارغة في الهواء قبل الخروج من الحلقة، مجسدين بذلك هجوما عسكريا جماعيا. يتوارث فن "التبوريدة" جيلا عن جيل في العائلة بفضل التقاليد الشفهية ومن خلال مرافقة المتمرسين فيها. "تاسكيوين"... رقصة الحرب وافقت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لـ "يونسكو"، في 2017، على طلب المملكة المتعلق بإدراج "رقصة تاسكيوين" في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. و"تاسكيوين" رقصة عسكرية خاصة بأعالي غرب جبال الأطلس الكبير وسط المغرب، وتستمد اسمها من قرن الخروف المزخرف بإتقان، والذي يسمى بالأمازيغية "تيسكت"، والذي يثبته كل راقص على كتفه، وتتمثل الرقصة في هز الكتفين على إيقاع الطبول والمزامير. تشجع هذه الممارسة التماسك الاجتماعي والانسجام، وتمثل طريقة هامة للتنشئة الاجتماعية للشباب، إذ تتوارث الأجيال الجديدة تقاليد رقصة "تاسكيوين" عن طريق التعلم بالممارسة. وتعرف الرقصة اليوم، لأسباب عدة، تراجعا من حيث عدد القرى التي تمارسها، ما يجعلها مهددة بالاندثار. الخط العربي تم تسجيل الخط العربي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) في 2021، بمبادرة من 15 دولة عربية، بينها المغرب. والخط ممارسة فنية للكتابة بطريقة سلسة تعبر عن الانسجام والجمال ويتناقل فن الخط العربي جيلا عن جيل بشكل متوارث أو بشكل رسمي، وتستخدم فيه الحروف الثمانية والعشرون للغة العربية بالحفاظ على قواعدها كالكتابة المتصلة من اليمين إلى اليسار. ظهر الخط العربي في البداية لجعل الكتابة أكثر وضوحا وأسهل قراءة، وسرعان ما تحول، شيئا فشيئا، ليصبح شكلا من أشكال الفنون العربية الإسلامية حتى شاع استخدامه في الأعمال الفنية التقليدية والعصرية. وينتشر الخط العربي في معظم الدول العربية وغير العربية أيضا، ويخطه الخطاطون من الرجال والنساء من جميع المراحل العمرية، يتم تناقل مهارات الخط العربي بشكل متوارث أو بشكل رسمي من خلال المدارس الرسمية والحرفية. "النخلة" تم إدراج نخيل التمر في 2022، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. والنخلة شجرة تتخذ عادة من الصحاري والمناخات الجافة والمعتدلة موطنا لها، وهي نبات ذو أوراق دائمة الخضرة، تتغلغل جذورها عميقا في الأرض بحثا عن الرطوبة. ينمو النخيل في الواحات الصحراوية، حيث يسمح منسوب المياه بالري. ارتبط النخيل، منذ قرون، ارتباطا وثيقا بسكان العديد من المناطق، حيث اعتبر من ركائز بناء بعض الحضارات المتموقعة في الصحاري القاحلة.مكنت العلاقة التاريخية القديمة بين المنطقة العربية ونخيل التمر من تشكيل تراث ثقافي غني توارثه الأجيال، ولاتزال المجتمعات والجماعات والأفراد في مناطق انتشار أشجار النخيل إلى يومنا هذا تحافظ على الممارسات والمعارف والمهارات الخاصة بهذا النبات، ونخص بالذكر منها طرق رعايته وزراعته واستغلال كافة أجزائه (الأوراق والسعف والألياف) في الصناعات الحرفية التقليدية والطقوس الاجتماعية، كما يحلو للشعراء والفنانين التغني بالنخيل في أعمالهم. شجرة "أركان" أدرجت منظمة "يونيسكو" المعارف والمهارات المرتبطة بشجرة "أركان" ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، في 2014، كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، يوم 10 ماي من كل عام يوما عالميا لشجرة "أركان"، إذ نجح المغرب في تمرير مبادرته من خلال الاعتراف الأممي بالشجرة، التي تنمو فقط على التراب المغربي. وتساهم مختلف الأبعاد الثقافية المرتبطة بشجرة "أركان"، من زراعة الشجرة واستخراج الزيت وتحضير المستحضرات والمشتقات وحتى صناعة مختلف الأدوات التقليدية اليدوية اللازمة لإنجاز مختلف المهام، (تساهم) في التماسك الاجتماعي والتفاهم بين السكان والاحترام المتبادل بين مختلف المجتمعات. يقدم زيت "أركان" هدية في حفلات الزواج وكثيرا ما يستخدم في إعداد الأطباق الخاصة بالمناسبات. الطبخ المتوسطي حصل الطبخ المتوسطي الذي يميز الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، على اعتراف من منظمة التربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، التابعة للأمم المتحدة، في 2014، إذ أضافته إلى قائمتها للتراث العالمي غير المادي. وعادات الأكل في منطقة البحر الأبيض المتوسط عبارة عن مجموعة من المهارات والطقوس والمعارف والتقاليد المرتبطة بالمحاصيل الزراعية وطرق حصادها، بالإضافة إلى صيد الأسماك وتربية الحيوانات وطرق المعالجة والحفظ والطهو والتشارك أثناء تناول الطعام، والذي يشكل أساسا للهوية الثقافية وأحد مقومات استمرار الإرث الثقافي لمجتمعات حوض البحر المتوسط. وتلعب الحمية دورا هاما في الفضاءات الثقافية والاحتفالات والحفلات، فتلم شمل الشعوب بمختلف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية وظروفهم المعيشية. كما تلعب الأسواق دورا هاما باعتبارها مساحات ثقافية تنقل فيها الحمية المتوسطية في كنف التبادل والاحترام والتفاهم. "الكسكس" تم إدراج الكسكس في 2020، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. تجمع المهارات والخبرة والممارسات المتعلقة بإنتاج واستهلاك الكسكس، أساليب وطرق إنتاجه والمعدات المستخدمة في تصنيعه والظروف المصاحبة لذلك، إضافة إلى الأدوات والمصنوعات اليدوية المرتبطة به، وظروف أكله لدى المجتمعات المحلية المعنية. إعداد طبق الكسكس عملية من عدة مراحل، لكل طقوسها الخاصة، حيث تنطلق العملية مع زراعة الحبوب وجني القمح وتشكيل الحبيبات الصغيرة التي تطبخ في ما بعد على البخار. وتستلزم هذه الممارسات عددا من الأدوات والمعدات والأواني الخاصة بها. تقدم أكلة الكسكس مع الخضر ومختلف أنواع اللحوم وفقا للمنطقة والموسم والمناسبة التي أعدت من أجلها. يحمل طبق الكسكس العديد من الرموز والدلالات والأبعاد الاجتماعية والثقافية، المتعلقة بالتضامن والضيافة والتشارك والتعايش.