نـــبـــض المـــجــتـــمع

وداعا الاستجمام كانت معظم الأسر، خاصة بالمجال الحضري، تدخر قسطا بسيطا من المال للسفر في العطلة الصيفية، وقضاء أوقات الراحة والمرح رفقة الأهل والعائلة، لكن بعد تردي الأوضاع فرض على معظم المغاربة التخلي عن فكرة السفر والتمتع بالعطلة الصيفية والاكتفاء فقط بالمكوث في منازلهم والتركيز على توفير الحاجيات الأساسية، كالمواد الغذائية والاستهلاكية والتطبيب وكذا مصاريف دراسة الأبناء. وبذلك أصبحت الميزانية التي كانت تخصص للعطلة الصيفية من قبل العديد من الأسر المغربية، في خبر كان، وأصبحت العديد من الأسر تكتفي بتوفير الحاجيات الأساسية، عكس ما كان عليه الأمر سابقا، لتبقى العطلة الصيفية مجرد أيام عادية. وأنا، شخصيا، من هذه الفئة التي لم يعد للعطلة والاستجمام أي معنى في حياتها، طالما أن ما نكسب لا يكفينا لتوفير حتى أبسط الحاجيات اليومية". سفيان الناصري (مجاز في شعبة القانون الخاص بجامعة ظهر المهراز فاس). عبء مالي كان الله في عون الأبناء والآباء على السواء، وهم يواجهون أشد المواجهة كل نهاية موسم دراسي، فراغ العطلة الصيفية المهول، والحرارة المفرطة التي يستثقل فيها المرء فعل أي شيء، وعلى قلة البرامج الصيفية المفيدة والممتعة أو إمكانية الاستفادة منها، عطلة وقيظ وحر مفرط وفراغ تعاود ورودها على الناس كل سنة دون جديد، غير تجاوزهم الكثير من الأشكال التقليدية والعادية لاجتياز العطلة، دون إبداع بدائل جديدة مفيدة وممتعة أو إيجاد الفرصة وإمكانيات الاستفادة مما هو موجود منها؟ من حسن الحظ، أن كل الأسر ليست معدومة ولا عاجزة إلى هذه الدرجة الكاريكاتورية السوريالية، بل يمكنها القيام بدورها في تدبير فراغ العطلة الصيفية لها ولأبنائها، بما يلزم وزيادة، فقط بتوفير بعض الشروط لتدبير عقلاني للعطلة الصيفية. كما أن هناك كثيرا من الأنشطة التي لا تزال صالحة لتزجية العطلة بشكل مفيد وممتع إذا ما حظيت بالمواكبة والتأطير الأسري أو الجمعوي، كالمشاركة في الدوريات الرياضية بين الأحياء، أو الرحلات السياحية إلى الضواحي في المدن والبوادي، أو المشاركة في بعض المواسم المحلية والمهرجانات الوطنية، أو حملات النظافة في الأحياء والمساجد، أو ورشات تعليم الصنعة عند مهنيي الحي، أو القيام بمشروع تجاري صيفي معين…مع المواكبة والرعاية الأسرية والجمعوية طبعـا لأن الشارع والأقران وحدهم لا يربون؟". محمد عبيد (إعلامي) "الله غالب" "الكل يعلم مدى أهمية الوقت في حياة الإنسان ويعي مدى أهمية تدبيره خاصة وقت الراحة والاستجمام والترويح عن النفس، لما له من فوائد نفسية وروحية. إلا أن هذا الأمر يتطلب تدبيرا محكما خاصة في ظل الأزمة الخانقة التي تعيشها الأسر المغربية مع تداعيات أزمة كورونا وتوالي الأعياد الدينية ومصاريف الدخول المدرسي. إن من الناس، ولهذه الأسباب، من عزف عن التمتع بوقت العطلة وغير الوجهة إلى زيارة الاقارب أو ممارسة الرياضة أو المطالعة، وهناك من يعتبر أن الاستفادة من العطلة، أصبح ضربا من الخيال باعتبار التكاليف الباهظة التي تعرفها المعيشة اليومية. وهذا حال الكثيرين. بكل صراحة ففئة كثيرة من المواطنين لم يعد بإمكانها تدبير والبحث عن مصاريف إضافية لقضاء العطلة بمدينة سياحية، بالنظر لارتفاع تكاليف الإقامة والسفر التي لم يعد بالمستطاع الوفاء بها بسبب الأزمة التي قزمت الميزانيات الأسرية المنهكة بالمصاريف اليومية وغيرها. حتى الطبقة المتوسطة تضررت كثيرا، والعطلة قد تصبح يوما ترفا، رغم أن الاستجمام حق أجهضته الأزمة وتوالي سنواتها وضيق ذات اليد، فالعين "بصيرة واليد قصيرة"، بالكاد تلامس الحاجيات الأساسية في زمن لم يعد فيه المرح والفرح ممكنين بالنسبة إلى فئة عريضة من المواطنين". عبد الرحيم النملي (متقاعد) استقاها: حميد الأبيض (فاس) لم تعد من الأولويات أكد مصطفى خلفاوي، مهاجر، أن العطلة والسفر للتمتع بأوقاتها، لم تعد أولوية معظم المهاجرين المغاربة، وعزا ذلك إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية، وازدياد وطأتها مع مرحلة كورونا، كانت لها عواقب على المهاجرين، خاصة ضعف المداخيل وتراجع نسب الادخار، في ظل التزامهم بتسديدات مالية محددة باﻵجال، مرتبطة بديون وغيرها من الالتزامات المادية الملحة. وأضحت الأسبقية للتسديدات السالفة الذكر، ما أغلق باب الحديث عن العطلة وبرمجة لحظات ترفيه للأسرة وخاصة الأطفال الصغار، الذين لا يمكن أبدا وبسرعة إقناعهم بأن الظروف المادية تغيرت بشكل راديكالي ولم تتح فرص الترفيه والعطلة التي كانت سنوات الرخاء. مصطفى خلفاوي (مهاجر بهونك كونغ) لاوقت لها مع العمل صرح هشام عطيف، صاحب مقاولة للصناعات الحديدية بالجرف الأصفر، أن البرنامج المكثف للعمل اليومي بالمقاولة، والالتزام المستمر بإنجاز المشاريع المتفق عليها مع أغيار، لا يتيحان على الإطلاق فراغا للاستمتاع بالطعم الحقيقي للعطلة التي ينبغي أن تتجاوز على الأقل أسبوعين. وزاد أن عطلة زمان كما كنا نمضيها مع اﻵباء ولو في التخييم، كانت حلوة ولها تأثير إيجابي في استرجاع الحيوية والنشاط قبل أي موسم دراسي جديد، لكن التزامات الحياة العملية اليوم، جعلت أغلب رجال الأعمال في انهماك دائم بالسير العادي لمشاريعهم، ومع ذلك لا بد أن نقتطع ولو أياما قليلة لإيهام الأطفال أننا فعلا في عطلة. هشام عطيف (صاحب شركة) القروض الاستهلاكية أنهكت الأسر تأسف عبدالرحيم تاكولوفا عن عطلة زمان، وأكد "في الماضي، كنا نسافر إلى مختلف ربوع البلاد، بل حتى خارج أرض الوطن، لكننا اليوم لم تعد لنا الطاقة لذلك، أمام توالي الإنفاق على المناسبات الضرورية في رمضان والأعياد والدخول المدرسي زيادة على غلاء الأسعار، كما أنهكت القروض، القدرات المالية للموظفين، وأضعفت قدراتهم على توفير "هامش مالي" للإنفاق على السفر كما كان الحال سابقا، واستطرد أنه أمام الأزمة المالية التي غيرت الكثير من عادات الأسر المغربية، يكتفي بالسفر إلى البادية المغربية، ليتقاسم مع أهلها لحظات المغرب العميق. عبد الرحيم تاكولوفا (أستاذ متقاعد) استقاها: عبدالله غيتومي حل "التكافل العائلي" أرى أن تدبير العطلة الصيفية في زمن الأزمة التي تضرب العالم بأسره، يبقى الشغل الشاغل للأسر المغربية، التي تريد الترويح عن النفس بعد موسم شاق سواء في العمل أو في التحصيل الدراسي. أعتقد أن السياحة الداخلية وارتياد الشواطئ والمنتجعات القريبة من السكن سيكون الحل الأمثل للعائلات المغربية من أجل توفير المال لباقي الاستحقاقات المقبلة. الفترة الحالية ليست سهلة على الأسر بالنظر لتقارب العديد من المناسبات سواء دينية أو عائلية، والتوفير القبلي للعائلات شيء أساسي من أجر تدبير العطلة الصيفية. التضامن والتكافل الأسري قد يكون حلا لمرور عطلة صيفية جيدة، حيث تجمع العائلات في ما بينها في أماكن الاصطياف، وبالتالي تقل التكاليف وتتوزع على الأسر. عبد الله العلوي (صحافي) الاقتراض ومآوي العائلة في ظل ارتفاع الأسعار المهول الذي يشهده المغرب حاليا، تعيش الأسر الفقيرة والمتوسطة ارتباكا كبيرا خلال هذا الصيف، بين رغبتها الحثيثة في السفر، وبين الواقع المزري الذي يمنعها من تحقيق هذه الرغبة في الاصطياف والترويح عن النفس، بفعل صعوبات مالية كبيرة جاءت نتيجة لتوالي مناسبات عدة، من بينها رمضان وعيد الفطر وغيرهما، قبل أن يثقل عيد الأضحى كاهل المواطنين إلى درجة أن هناك من لم يستطع توفير الأضحية، بسبب الأثمنة الصاروخية للأكباش هذا العام، فما بالك بالتحضير للسفر وتغيير الأجواء. وأصبحت العطلة الصيفية لا محيد عنها، خاصة في ظل مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" التي صارت فضاء لتوثيق مشاهد السفر والخرجات العائلية، إذ تحولت إلى وسيلة ضغط من قبل الأطفال الذين يتباكون على الآباء لاستعطافهم للسفر، الأمر الذي يضطر عددا منهم إلى الاستعانة بحل القروض البنكية لاختيار إحدى الوجهات الرخيصة لقضاء أيام قليلة، أو السفر عند العائلة، حتى يشعر الأبناء أنهم فعلا سافروا وغيروا الأجواء. عثمان رشيد (فاعل حقوقي) استقاهما : محمد بها تكاليف التنقل والكراء تعودت، خلال العطل الصيفية الماضية، على السفر مع زوجتي وأبنائي إلى المدن والمناطق الجبلية، كإيفران وإيموزار، أو نحو الشواطئ المتوسطية الممتدة بين وادي لو والجبهة، لتغيير الأجواء بعد سنة طويلة من العمل بالنسبة لي ولأبنائي الثلاثة، إلا أن هذه السنة واجهتني صعوبات حقيقية في تأمين تكاليف التنقل والكراء والتغذية، بعد موجة الغلاء وتداعياتها الوخيمة على قدرتي الشرائية، خاصة أن بداية عطلة الصيف لهذه السنة تزامنت مع عيد الأضحى، الذي أصبح مناسبة ترهق جل الأسر المغربية، لذا "ضحينا" بالعطلة الصيفية من أجل أضحية العيد، وقررنا المكوث في المنزل وقضاء العطلة في طنجة ننتقل بين شواطئها القريبة. رشيد كلو (رجل تعليم بطنجة) "المزاليط" لا عطلة لهم إن الحديث عن السفر والاستمتاع بوقت العطلة هو في حقيقة الأمر حديث عن الفوارق بين الفئات الاجتماعية، وأكاد أجزم أن الفئات الفقيرة لا عطلة لها، خصوصا عندما نتأمل قسوة الظروف المعيشية والتهاب الأسعار وقلة فرص العمل على طول السنة. فالشغل الشاغل لفئة "المزاليط" ليس الاستجمام والاستمتاع بالإجازة الصيفية، بل البحث عن فرصة للعمل من أجل توفير مصاريف الدراسة للسنة المقبلة، وهو ما يؤكد أن الاستمتاع بأوقات العطلة يكون خاصا فقط بالفئات الميسورة التي تتوفر على الإمكانيات المادية اللازمة، إذ أصبح لزاما على الدولة توفير أماكن للترفيه بالمدن الداخلية (مسابح وقاعات للسينما وفضاءات خضراء...) تعفي هؤلاء من مشاق السفر ومصاريف كراء الشقق. سارة الدغوغي (طالبة جامعية) الطبقة المتوسطة تتآكل عادة نجد أن موسم الصيف يتلازم مع الاسترخاء والاستجمام، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، التي تتزامن فيها العطلة الصيفية مع عيد الأضحى ثم الدخول المدرسي، أصبح من الصعب على عدد كبير من العائلات تدبير هذه النفقات الثلاثية، التي أضحت تشكل عبئا ثقيلا على ميزانيتها، وهو ما يدفع بالكثير من الأسر إما إلى عدم اقتناء أضحية العيد أو إلغاء عطلة الصيف. وأمام هذه الوضعية الاجتماعية الصعبة، تلتجئ أسر إلى القروض الاستهلاكية لتأمين حاجيات عيد الأضحى والعطلة، بشكل بات يثير قلق الفعاليات الاقتصادية التي دقت ناقوس الخطر بشأن "تآكل" الطبقة المتوسطة، التي لم تعد قادرة على الحفاظ على مستواها الاجتماعي، بحكم موجة الغلاء التي تتزايد يوما بعد يوم، وأدت إلى تغييرات في سلوكات وثقافة المستهلك المغربي. جعفر بوريس (مستشار تأمينات) استقاها: المختار الرمشي (طنجة) تكاليف التنقل والكراء تعودت، خلال العطل الصيفية الماضية، على السفر مع زوجتي وأبنائي إلى المدن والمناطق الجبلية، كإيفران وإيموزار، أو نحو الشواطئ المتوسطية الممتدة بين وادي لو والجبهة، لتغيير الأجواء بعد سنة طويلة من العمل بالنسبة لي ولأبنائي الثلاثة، إلا أن هذه السنة واجهتني صعوبات حقيقية في تأمين تكاليف التنقل والكراء والتغذية، بعد موجة الغلاء وتداعياتها الوخيمة على قدرتي الشرائية، خاصة أن بداية عطلة الصيف لهذه السنة تزامنت مع عيد الأضحى، الذي أصبح مناسبة ترهق جل الأسر المغربية، لذا "ضحينا" بالعطلة الصيفية من أجل أضحية العيد، وقررنا المكوث في المنزل وقضاء العطلة في طنجة ننتقل بين شواطئها القريبة. رشيد كلو (رجل تعليم بطنجة) "المزاليط" لا عطلة لهم إن الحديث عن السفر والاستمتاع بوقت العطلة هو في حقيقة الأمر حديث عن الفوارق بين الفئات الاجتماعية، وأكاد أجزم أن الفئات الفقيرة لا عطلة لها، خصوصا عندما نتأمل قسوة الظروف المعيشية والتهاب الأسعار وقلة فرص العمل على طول السنة. فالشغل الشاغل لفئة "المزاليط" ليس الاستجمام والاستمتاع بالإجازة الصيفية، بل البحث عن فرصة للعمل من أجل توفير مصاريف الدراسة للسنة المقبلة، وهو ما يؤكد أن الاستمتاع بأوقات العطلة يكون خاصا فقط بالفئات الميسورة التي تتوفر على الإمكانيات المادية اللازمة، إذ أصبح لزاما على الدولة توفير أماكن للترفيه بالمدن الداخلية (مسابح وقاعات للسينما وفضاءات خضراء...) تعفي هؤلاء من مشاق السفر ومصاريف كراء الشقق. سارة الدغوغي (طالبة جامعية) الطبقة المتوسطة تتآكل عادة نجد أن موسم الصيف يتلازم مع الاسترخاء والاستجمام، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، التي تتزامن فيها العطلة الصيفية مع عيد الأضحى ثم الدخول المدرسي، أصبح من الصعب على عدد كبير من العائلات تدبير هذه النفقات الثلاثية، التي أضحت تشكل عبئا ثقيلا على ميزانيتها، وهو ما يدفع بالكثير من الأسر إما إلى عدم اقتناء أضحية العيد أو إلغاء عطلة الصيف. وأمام هذه الوضعية الاجتماعية الصعبة، تلتجئ أسر إلى القروض الاستهلاكية لتأمين حاجيات عيد الأضحى والعطلة، بشكل بات يثير قلق الفعاليات الاقتصادية التي دقت ناقوس الخطر بشأن "تآكل" الطبقة المتوسطة، التي لم تعد قادرة على الحفاظ على مستواها الاجتماعي، بحكم موجة الغلاء التي تتزايد يوما بعد يوم، وأدت إلى تغييرات في سلوكات وثقافة المستهلك المغربي. جعفر بوريس (مستشار تأمينات) استقاها: المختار الرمشي (طنجة)

نـــبـــض المـــجــتـــمع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مديح: العطلة الصيفية ... فرض عين أسري

الأمن والرصاص... الحل الأخير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات