الأمن والرصاص… الحل الأخير

تدخلات حاسمة لإنهاء اعتداءات جانحين عدوانيين وتساؤلات حول حماية الموظف الأمني من المساءلة شكلت واقعة إطلاق الرصاص على عدد من الجانحين والجناة المتورطين في حالات اختطاف أو اعتداء جسدي أو جنسي، متبوعة باستهداف عناصر الشرطة لمنعها من القيام بواجبها المهني، حدث هذا الأسبوع، بعد أن أماط توالي وقائع إطلاق النار، اللثام عن الحاجة الملحة لاستعمال المسدسات الوظيفية لرجال الشرطة والدرك لصد جرائم "المشرملين". إنجاز : محمد بها شهدت عدد من المدن واقعة إطلاق الرصاص الحي، بعدما اضطر أمنيون برتب مختلفة لاستخدام أسلحتهم الوظيفية، لحسم مواجهات خطيرة وكبح جماح جانحين تتجاوز عدوانيتهم الضحايا من المواطنين، إلى التجرؤ على استهداف المصالح الأمنية، معرضين حياة عناصرها لخطر جدي ووشيك، يهدد حياة رجال يضحون بالغالي والنفيس لاستتباب الأمن وخدمة الوطن والمواطن. ومن السلوكات التي تكشف استهانة الجانحين بالأمن والنظام العامين، تحول محاولة عناصر الشرطة للقيام بإجراءات إيقاف المشتبه فيهم، إلى عنف مضاد ومهاجمة المصالح الأمنية في محاولة لإرباكها وإرغام عناصرها على التراجع، لتسهيل عملية الفرار وتفادي الاعتقال. وهناك عدد من الحالات التي شهدت تمكن المتورطين من مطاردة عناصر الأمن وإبداء مقاومة عنيفة في حق عناصرها، باستهدافها إما بقنينات غاز أو أسلحة بيضاء أو بأسلحة نارية، حينما يتعلق الأمر بإيقاف أفراد عصابة مخدرات. وتشكل عمليات إطلاق النار أمرا حاسما لشل حركة المشتبه فيهم، بعد أن صار الشارع مسرحا لجرائم جانحين يتحوزون أسلحة بيضاء وفي وضعية تمس بأمن المواطنين وسلامة ممتلكاتهم، خاصة حينما يرفض الجناة الاستجابة لتعليمات الشرطة بالامتثال للقانون ويتحولون إلى عنصر تهديد لحياة رجال وظيفتهم الأساسية حماية الوطن والمواطن، وهو ما يجعل من استعمال السلاح الوظيفي الحل الأخير. ومن خلال عدد من الحالات التي عرفها هذا الأسبوع، تأكد بما لا يدع مجالا للشك، أنه لولا استعانة أمنيين بمسدساتهم الوظيفية لإطلاق النار في الوقت المناسب لوقع ما لا تحمد عقباه، بعد أن صار من الصعب إيقاف المعتدين وثنيهم عن مواصلة عملية تهديد حياتهم. عربدة حديث الخروج من السجن من بين الوقائع التي تنتمي إلى حدث الأسبوع، والتي استدعت الاستعانة بالأسلحة النارية الأمنية للسيطرة على مواجهات دامية، أبدى فيها الجناة مقاومة شرسة أو هجوما عنيفا في حق عناصر الشرطة لمنع اعتقالهم، تلك التي شهدتها البيضاء، الثلاثاء الماضي. وفي هذا السياق، أنهت المصالح الأمنية التابعة لمنطقة أمن الحي الحسني بالبيضاء، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضي، فصول مواجهة عنيفة مع جانح خطير، بإطلاق النار عليه، بعدما عرض حياة المواطنين ورجال الشرطة لاعتداء خطير بواسطة سيف. واهتز حي الألفة بالبيضاء، على وقع سماع لعلعة الرصاص، بعدما اضطر مقدم شرطة يعمل بمنطقة أمن الحي الحسني إلى استعمال سلاحه الوظيفي وإطلاق النار لصد هجوم جانح خطير، كان في حالة هيجان متقدمة. وضبط المتهم البالغ من العمر 28 سنة، متلبسا بإحداث الفوضى بمستعجلات مستشفى الحسني، وهو يحمل السلاح الأبيض و"يعربد" بمرفق عمومي، قبل أن يبدي مقاومة عنيفة بإشهاره سيفا في وجه دورية الأمن ومحاولته طعن أحد عناصرها، إضافة إلى الخطر الذي كان يتهدد المرتفقين والمتجمهرين حول مكان الحادث. ولم يتقبل الموقوف الذي غادر أسوار السجن حديثا، أي قبل أسبوع، التدخل الأمني، فأشهر سيفا وقرر مقاومة عناصر الدورية الأمنية بعنف لتفادي اعتقاله، ولولا سرعة تدخل الموظف الأمني لوقع ما لا تحمد عقباه، بعد أن صار من الصعب إيقاف الجانح وثنيه عن تصرفاته غير السوية. وفي تفاصيل الواقعة، رفض الجانح الانصياع لأوامر عناصر الشرطة بالتراجع ووقف تهديداته، وواصل التقدم نحوها لمهاجمتها بسيف، معرضا حياة أحد عناصر الشرطة لخطر جدي ووشيك. وبعدما استشعر مقدم شرطة حجم الخطر، الذي يتهدد عناصر الأمن وحياة المتجمهرين في مكان الحادث، اضطر إلى استخدام سلاحه الوظيفي وأطلق عيارات نارية أصابت المشتبه فيه في أطرافه السفلى. وأسفر التدخل الأمني عن شل حركة الجانح وتحييد الخطر الناتج عنه، ونقله إلى المستشفى لإخضاعه للعلاجات الضرورية، وحجز السلاح الأبيض المستخدم في واقعة الهجوم. وتقرر الاحتفاظ بالموقوف تحت المراقبة الطبية بالمستشفى، من أجل تلقي العلاجات الضرورية، في انتظار استقرار حالته الصحية لإخضاعه لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة، للكشف عن ملابسات القضية ودوافعها، وتحديد جميع الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه. تدخلات تنهي حياة عدواني من بين الحالات التي غطت على وقائع استعمال الرصاص في عمليات أمنية لإيقاف جناة عدوانيين، تلك التي عرفتها سلا، بعد أن اضطرت عناصر دورية للشرطة تابعة للأمن الإقليمي بسلا، إلى استعمال أسلحتها الوظيفية، خلال الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضي، أثناء تدخل أمني لتحييد الخطر الصادر عن شخص يبلغ من العمر 35 سنة، من ذوي السوابق، انتهى بوفاته بعدما كان في حالة اندفاع قوية وعرض حياة عناصر الشرطة للخطر باستعمال السلاح الأبيض. وحدثت الواقعة، أثناء تدخل دورية للشرطة مكونة من عناصر الأمن العمومي وفرقة مكافحة العصابات، من أجل إيقاف المشتبه فيه، بعد ضبطه في حالة غير طبيعية متلبسا بإحداث الفوضى بالشارع العام بقرية أولاد موسى، وبحوزته سلاحان أبيضان من الحجم الكبير، غير أنه أبدى مقاومة عنيفة وعرض موظفي الشرطة لمحاولة اعتداء خطير بواسطة السلاح الأبيض. وأمام استحالة السيطرة على الخطر الداهم نظرا لعدوانية الجانح، اضطر مفتش شرطة وحارس أمن من عناصر الدورية لاستعمال سلاحيهما الوظيفيين وإطلاق عيارات تحذيرية، انتهت بإصابة المشتبه فيه الذي وافته المنية بعد نقله للمستشفى. وتم إيداع جثة الهالك مستودع الأموات رهن إشارة التشريح الطبي، في الوقت الذي فتحت فيه المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بحثا تحت إشراف النيابة العامة، لتحديد كافة الظروف والملابسات المحيطة بهذه القضية. وإذا كان التدخل الأمني الذي انتهى بوفاة الجانح الخطير، قد حظي بإشادة واسعة من قبل الرأي العام الذي أجمع على أهمية استعمال السلاح الناري الوظيفي لحسم مواجهات خطيرة مع جانحين عدوانيين، حماية لأرواح الضحايا وللمصالح الأمنية التي تبذل جهودا مضنية في نكران للذات، فإن رجال القانون ينبهون إلى الموقف الصعب الذي يواجهه الموظف الأمني بعد إطلاقه الرصاص ضد الجناة، حيث يكون بين مطرقة التضحية بحياته على يد وحش آدمي وسندان المساءلة القانونية لتبرير دوافع استعماله مسدسه، وهو ما يطرح تخوفات لدى الأمنيين من درك وشرطة ويجعلهم مترددين في الاستعانة بحل إطلاق الأعيرة النارية في مواجهات خطيرة مع "مقرقبين» متسلحين بالسيوف. سلاح ذو حدين قال مراد العبودي، محام بهيأة الرباط، إن استعمال السلاح الوظيفي من قبل رجال الأمن، أثناء عمليات إيقاف المجرمين يطرح إشكالا كبيرا، فهو سلاح ذو حدين، يحمي الشرطي ومال وحياة المواطنين من جهة، ويعرضه للمساءلة القانونية من جهة أخرى، سيما إذا نتج عن تدخله موت المشتبه فيه. وأوضح العبودي أنه يجب أن تتوفر مجموعة من الشروط والظروف القانونية قبل أن يشهر الشرطي أو الدركي سلاحه في وجه المجرم، منها أن يكون الاعتداء وشيكا وأن يكون هناك تناسب بين الاعتداء والدفاع، كأن يكون الجانح حاملا للسلاح الأبيض وفي حالة غير طبيعة تهدد حياة الشرطي وممتلكات وحياة المواطنين، وهذه الشروط تخضع لتقدير صارم للقضاء. وأكد المحامي أن استعمال السلاح الوظيفي يطرح مجموعة من المشاكل، منها أن الشرطي الذي استعمله في إطار وظيفته، يجد نفسه موضوع مساءلة، والهدف من ذلك القطع مع أي استعمال غير قانوني للسلاح، كأن يكون استعماله ناتجا عن رغبة الشرطي في الانتقام أو تصفية حسابات. وهناك قضايا عديدة من هذا النوع عاشها المغرب في السنوات الأخيرة، أو عدم توفر الشروط القانونية لاستعماله، من قبيل أن يكون الجانح أعزل ولا لا تشكل ظروف إيقافه تهديدا جديا، وفي هذه الحالة يكون الشرطي موضوع مساءلة قضائية ومهددا بعقوبات حبسية مشددة. ولهذا يضيف العبودي، صار العديد من رجال الأمن يترددون في استعمال سلاحهم الوظيفي خوفا من المتابعة، سيما إذ نتجت عن إطلاق النار وفاة الجانح، إذ يجد الموظف الأمني نفسه موضوع تحقيق، بحكم أن تعليمات المسؤولين في المديرية العامة للأمن الوطني تحرص دائما على أن تستهدف الرصاصة الأطراف السفلى أثناء عملية الإيقاف، وفي النهاية يجد الشرطي نفسه متابعا أمام القضاء، وعليه إثبات كل القرائن التي تشرعن إطلاق النار. واعتبر العبودي أن استعمال السلاح الوظيفي سلاحا ذا حدين، فالشرطي يكون في وضع لا يحسد عليه، إذ يجد نفسه وجها لوجه أمام متهم في حالة غير طبيعية ويحمل سلاحا أبيض وعلى استعداد لتنفيذ عدوانه، وفي الوقت نفسه ملزما باحترام القانون والتدابير في استعمال سلاحه الوظيفي، عبر حرصه الشديد على استهداف أطراف المتهم أثناء إطلاق النار كما تدرب على ذلك بمعهد الشرطة، لتفادي أن تستهدف الرصاصة رأس وقلب المتهم وتودي بوفاته، إذ أنه رغم أن القانون يعتبر استعمال السلاح الوظيفي من قبل رجال الأمن في خانة حالة الدفاع الشرعي عن النفس، إلا أن الإشكال هو أنهم يظلون موضوع متابعة من قبل القضاء. لهذا يوضح المحامي، أنه يجب على مسؤولي الأمن الحرص الدائم على تخصيص دورات تكوينية لرجال الشرطة والأمن لمعرفة مخاطر استعمال السلاح الوظيفي والتدرب على استعماله بالطريقة الصحيحة. اعتماد السلاح في التدخلات الخطيرة حظيت وقائع إطلاق الرصاص من قبل عناصر المصالح الأمنية، باهتمام بالغ من قبل «الفيسبوكيين»، الذين توحدوا في تسليط الضوء على أهمية استخدام الأسلحة الوظيفية في حماية المواطنين من الجانحين الذين يتربصون بهم، مشيدين بالتدخل الأخير الذي أنهى حياة أحد الجناة بسلا، معتبرين نهايته المأساوية نتيجة لشراسته واعتداء على نفسه قبل غيره. وفي هذا الصدد اختارت "الصباح" عددا من التدوينات التي حفل بها الفضاء الأزرق. "المجرم نال جزاءه لأنه لم يستجب لتعليمات رجال الشرطة بالامتثال للقانون وتسليم نفسه، أعتقد أنه من حكم على نفسه بالموت، الأمر الذي سيجعل المواطنين يرتاحون من جرائمه". «الحمد لله على نعمة وجود المصالح الأمنية، إذ لولا تدخلات الشرطة والدرك لكنا لقمة سائغة في فم وحوش آدمية، وبما أن عددا من المجرمين صاروا أكثر عدوانية ولا يستجيبون لتعليمات الأمن، يمكن القول إن اعتماد السلاح الناري الوظيفي صار الحل الأنسب». «آن الأوان لإعادة النظر في التعامل مع الجانحين الذين يثيرون الفوضى والخوف بالشارع العام، ويستبيحون حياة المواطنين والمصالح الأمنية، من شرطة ودرك، لمنع عناصرها من إعمال واجبها المهني، ولذلك يبقى استعمال السلاح الوظيفي أنسب الحلول لإنهاء تهديدات جناة يصعب ترويضهم». «نتمنى التعامل بصرامة مع هؤلاء الجناة الذين يهددون حياة الشرطة والمواطنين، من أجل تحقيق الردع حتى يكونوا عبرة وحتى لا نرى تلك المشاهد التي تمس بهيبة الأمن وتمس بالنظام العام وممتلكات وحياة الغير». "حماية الوطن والمواطن أولى من حياة مجرم، تحية صادقة لرجال الأمن الذين يسهرون على أمن البلاد والعباد، رجال الشرطة لا يلجؤون إلى استعمال السلاح الوظيفي إلا بعد استنفاد جميع الوسائل السلمية، لكن أمام تهديد سلامة المواطنين ورجال الأمن فاستعمال الرصاص يصبح أمرا ضروريا".

الأمن والرصاص… الحل الأخير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نـــبـــض المـــجــتـــمع

آش خاصك تدير؟ ... رخصة فتح المصحات والمؤسسات المماثلة لها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات