الفنان قال إنه يستعد لإطلاق أعمال صادقة وأصيلة بعيدا عن مشاهدات "يوتوب" اعتبر الفنان غاني قباج، أن غيابه عن الساحة الفنية كان في إطار وقفة تأملية أعاد النظر خلالها في العديد من الأمور الفنية والموسيقية، وهي مسألة إيجابية للتمكن من العودة بشكل مختلف وأقوى. وقال صاحب "زينك يا بودلال"، في حوار مع "الصباح"، إنه يستعد لإطلاق أغنيته الجديدة تلبية لرغبة جمهوره الذي طالبه بالجديد، إضافة إلى مشاريع فنية أخرى من الوزن "الثقيل" كانت وراء غيابه عن المغرب خلال السنوات الأخيرة. وأشار غاني إلى أنه اليوم ليس في سباق أو منافسة مع غيره من الفنانين، بل يحرص على تقديم فن أصيل وصادق، بعيدا عن نسب المشاهدة على "يوتوب". وفي مايلي نص الحوار: أجرت الحوار: نورا الفواري / تصوير (أحمد جرفي) لوحظ غيابك عن الساحة الفنية في الوقت الذي كان فنانون آخرون حاضرين حتى في سنوات الجائحة. ما السبب؟ لا أعتبر أنني غبت على الساحة الفنية. وحتى في عز "كورونا"، صورت أعمالا ومسلسلات وأعددت عرض "دوبل جو" الذي يتضمن فقرات غنائية متعددة. لم أبتعد أبدا عن الغناء، لكني أخذت وقتي من أجل إنجاز بعض الأعمال. بالنسبة إلي، لم يكن هناك أي توقف. كانت وقفة أكثر منها شيئا آخر، وهي مسألة إيجابية في عالم الفن والموسيقى. الصمت في حد ذاته جزء من الموسيقى ونوتات موسيقية أيضا. اخترت الصمت والرجوع إلى الوراء، كي أتمكن من العودة بأشياء أكثر أصالة، بلمسة عصرية. لماذا غادرت المغرب للاستقرار في فرنسا؟ غادرت المغرب نحو فرنسا من أجل الدراسة. بطبعي، أحب البحث والقيام بعمل دقيق لأن لدي احتراما خاصا للجمهور الذي يمنحنا الكثير من الحب، وصادق معنا. أحاول أن أقوم بالأشياء بالطريقة التي أعتبرها صحيحة، إذا تمكنت من ذلك. الفن بالنسبة إلي اختيار ولم أمارسه مضطرا، لا من أجل المال ولا من أجل الشهرة أو شيء آخر. أحب الفن وشغوف بالموسيقى. وآخذ كامل وقتي من أجل ممارستها. هل لهذه الوقفة التي تحدثت عنها علاقة بما يروج اليوم في الساحة الفنية، حيث تقييم أداء الفنان بناء على عدد مشاهداته على "يوتوب" وحضوره على مواقع التواصل الاجتماعي؟ هناك أمور في الحياة "كا تجي بوحدها" وبدون تخطيط. هناك ظروف جعلتني أغيب، لكني دائم الاشتغال. الأمر أكبر من مجرد عمل عاد. إنها مجهودات من أجل بلوغ أهداف في الحياة. لا أقوم بالأشياء بشكل اعتباطي. هكذا تعلمت وهكذا تربيت. في فترة "كوفيد"، أخذت وقتا للتفكير. وكان لدي تصوير سينمائي أخذ مني الكثير من الوقت. أريد أن أقوم بالأشياء بجدية. أدرس وأبحث. أفكر اليوم في الأمور بشكل مختلف. لم أعد أستعجل الخروج بعمل وتحقيق مشاهدات عالية لأكون "في المستوى". ما الذي تغير في شخصية غاني؟ الفترة التي قضيتها متأملا جعلتني أعرف معنى الصدق والأصالة. أصبحت أعي، بعد أربع سنوات لم أطلق فيها أي أغنية، أن محبة الناس والجمهور ما زالت كما كانت. إنهم يتذكرون أعمالي ويطلبون جديدي واشتاقوا إلى إطلالتي، وحتى بعض الفنانين الشباب أخرجوا "كوفر" لبعض الأغاني التي أطلقتها سابقا. وهذا لا علاقة له بنسبة المشاهدات على "يوتوب" أو غيره. لم أعد مقتنعا بأنها من تجعل الجمهور يتذكرك. "الإنسان خاصو يكون شبعان" ومتصالح مع ذاته. لا أحتاج إلى إعطاء الدليل على أي شيء. جميع ما أفعله وأقوم به نابع من القلب. اليوم، وأثناء مشاركتي، أخيرا، في مهرجان الفنون الشعبية بمراكش في دورته 52، انبهرت بهؤلاء الفنانين الذين يقطعون مئات الكيلومترات من أجل المشاركة، ويغيبون سنة ويعودون دون أن ينقص ذلك من إقبال الناس عليهم والاحتفاء بهم. تعلمت منهم. التوقف والعودة إلى الوراء يمكنان من إعادة النظر في العديد من الأمور. لا يجب أن أكون سجين بعض الأمور، مثل "البوست" والمشاهدات، حينها يصبح الفن لا علاقة له بالإبداع. أحاول التركيز أكثر على العمل. أفضل أن أحسب على الفنانين الأصيلين حتى ولو لم تكن لدي نسبة مشاهدات مرتفعة. التفاعل الجميل للجمهور معك فوق الخشبة أهم. أعتبر نفسي مختلفا إلى أي حد تنسجم الأغنية الجديدة التي عدت بها اليوم إلى ما تحدثت عنه؟ وإلى أي حد هي مختلفة عما يروج اليوم في الساحة؟ صراحة، دائما أعتبر نفسي مختلفا. حين مررت في التلفزيون، كان ممنوعا علي أن أرقص، وفعلتها، رغم أن ذلك أثار لي العديد من المشاكل. لكن اعتبرت الأمر تحديا فنيا بالنسبة إلي. كنت أرغب في الخروج من الأشياء التي تتشابه. وردا على سؤالك، أغنيتي الجديدة، إذا استمعت إليها جيدا، ستجدين أنها مختلفة عن الرائج اليوم. استعنت فيها بإيقاعات من إفريقيا ومن أمريكا اللاتينية. قد يكون الشبه في أن العديدين يستوحون من هذه الإيقاعات أيضا، وفي الجانب التقني الذي لا يمكن أن تحيد عنه في إطار التطور الذي تعرفه الموسيقى عالميا، والذي يجعل الأمور تختلط أحيانا على المستمع وتتشابه عنده. لكن بالنسبة إلى القاعدة الموسيقية، فهي مختلفة تماما. فيها العديد من الأشياء التي كنت أستعين بها دائما وتشبهني. قمت ببحوث حول المصدر. لا عيب في الاستلهام من إيقاعات أخرى. علينا فقط الإشارة إلى مصدرها. الموسيقى التي أنتجها تمتح من الفولكلور. فيها الفولكلور الكولومبي، و"الكومبيا" البيروفية التي تشبه إلى حد كبير فولكلور وتراث زاكورة الموسيقي. أفتخر اليوم بالفنانين الشباب الذين أعادوا الاشتغال على أغاني بطريقة عصرية وذكروا الجمهور بأعمال لي. أستلهم من الفولكلور سبقت عصرك في بداياتك الفنية، سواء على مستوى الموسيقى أو على مستوى الرقص والاستعراض فوق الخشبة. ألا تشعر اليوم بأنك فتحت المجال للعديدين لكنهم انتشروا اليوم أكثر منك؟ هذا فخر لي. "كلهم كا يعجبوني". جميع الفنانين، بدون استثناء، أعتبرهم مثل إخوتي أو أبنائي. ألا تجد أنهم أخذوا حقهم أكثر منك؟ كل فنان يأخذ حقه حسب قناعاته. لا مشكل في أن يستلهم الآخرون أعمالي. أمنح الإذن بدون تردد للكثير من الفنانين للقيام ب"كوفر" لأغاني، التي تحقق نسبة مشاهدات أكثر مني. لكنني لا أحب الدخول في هذا الصراع. أركز اليوم على المزيد من الاشتغال والابتكار والإبداع. أنا اليوم أستلهم أفكاري من الفولكلور، فهل سيغير مني الفولكلور؟ كل فنان يضع نفسه في المكان الذي يناسبه. لا أريد الدخول في سباق. هل تعتبر نفسك خارج المنافسة؟ نهائيا. أنا لا أدخل لا في سباق ولا منافسة أو مقارنة. "اللي خدا مني" شرف لي. لا أشعر بأي انزعاج أو غيرة. أنتجت أغنيتي الجديدة بناء على طلب الجمهور، الذي أراد الاستماع إلى جديدي. لكني أشتغل على أشياء أخرى. هل يمكن أن تحدثنا عنها؟ ليس هناك الفولكلور فقط. قمت بأبحاث منذ سنوات، حتى قبل الجائحة، على العلاقات بين الثقافات الللاتينية و"الريتمات" المغربية والإفريقية. إنه عمل ثقيل جدا، ولا يمكن لأي فنان أن يقوم به، إلا استنادا إلى الكثير من الخبرة والتجربة والدراسة. أترك الحكم عليه للجمهور. "ماشي لخاطري" ما هي الإكراهات التي تواجهك؟ ليس سهلا على الفنان أن تكون لديه إدارة تواصل وعلاقات مع الصحافة والإعلام من أجل تبليغ رسالته. لكن هناك طرق أخرى. بالنسبة إلي اليوم، أحاول أن أقوم بعمل هيكلي أتمنى أن يكون على مستوى عالمي وليس وطنيا فقط. أشتغل على الأمر منذ زمن، ولذلك انتقلت إلى فرنسا من أجل القيام بأشياء تعلي صورة وسمعة بلدي. رحلت مكرها و"ماشي لخاطري". أريد أن أصل إلى هدفي، وبعدها أعود إلى الوطن حين تنتهي مهمتي. ماذا عن حضورك على مستوى التلفزيون والإعلام والمهرجانات؟ هل أنت غائب أم مغيب؟ لكل توجهاته واختياراته. وأنا لا أدخل فيها. "اللي عيط ليا أنا موجود"، لكن بشروطي وبنوعية أعمالي التي أريد أن أقدمها إلى الجمهور. إذا كانت توجهاتهم واختياراتهم مختلفة، فمن الطبيعي أن أرفض. تم الاتصال بي عدة مرات لكن ما اقترحته لا يدخل في اختياراتهم وتوجهاتهم. أريد أن أتقدم إلى الأمام على العديد من المستويات. ما جديدك على مستوى التمثيل، علما أن الجمهور لم ينس أداءك المتميز في سلسلة "الخواسر"؟ لدي الكثير من المشاريع. هناك عرض "دوبل جو"، الذي يمكنني من لقاء الجمهور والتواصل معه بشكل مباشر على المسرح. لدي جولة بالعرض في نونبر المقبل في جميع أنحاء المغرب، إضافة إلى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية. بالنسبة إلى السينما، لم لا؟ شرط أن يقدم لي سيناريو جيد. أنا اليوم أركز على الموسيقى والعرض. الجمهور "فاهم وعارف" هل تعتقد أن لدينا جمهورا قادرا على الحكم على مثل هذه الأعمال "الثقيلة" مثلما وصفت؟ تعرفت عليه في مهرجان الفنون الشعبية في مراكش. الجمهور المغربي "فاهم وواعي وعارف كل شي". إنه يقيم أداءك حسب ما تقدمه له. إذا قدمت له الفن الصادق الأصيل، فلا يمكن إلا أن يقدرك. حين بدأت مساري الفني، كان الفن السائد لا يخرج عن "الراي" و"الشعبي". حين قدمت لهم "اللاتينو"، لم يتقبلوه في البداية، لكنهم تبنوه في الأخير. ألم يستغرق ذلك الكثير من الوقت والسنوات؟ بالطبع. كل عمل يجب أن يأخذ وقته. من لم يأخذ وقته سيأتي وقت ويختفي فيه للأسف. الأمور التي تخرج من القلب وتأخذ وقتها لا تندثر. هذه هي قناعاتي وهكذا تربيت وتعلمت. هذا أقل شيء يمكن أن أ قدمه للجمهور الذي كان دائما وفيا لي. من هو هذا الجمهور؟ ولمن توجه هذه الأعمال الفنية التي تستعد لإطلاقها، علما أن الجمهور متنوع ولديه توجهات مختلفة؟ هناك توجهات، لكن هناك تأثيرات أيضا. الشباب يتأثر بسرعة. ويستهلك كل ما يقدم إليه. كنت مقصرا في الطريقة اللي أتواصل بها. هناك اليوم فنانون يركزون على التواصل أكثر من تركيزهم على الفن. أعطيت حياتي كلها للفن ولم أتواصل كثيرا. ألا يمكن أن تجد صيغة للتوازن بينهما؟ من الصعب جدا. لا يمكن أن تكون قويا في كل المجالات، ويلزمك الكثير من الإمكانيات. في سطور < مواليد مراكش في 1972 < من أب مغربي وأم جزائرية < تعرف عليه الجمهور المغربي من خلال برنامج "استوديو 5" للراحل عزيز شهال < متزوج وأب لطفلين < من أشهر أغانيه "زينك يا بودلال" و"ماميا" و"داك الزمان" و"جابني مجيبة"...