لم يعد العمل في جماعة البيضاء وأقسامها ومصالحها، وفي أغلب المقاطعات التابعة لها، يستهوي الأطر والكفاءات والموظفين الذين راكموا خبرة في العمل الإداري والميداني، إذ يفضلون الهروب بطرق مختلفة، بحثا عن آفاق جديدة، أو الاستفادة من تقاعد قبل الأوان. وتتعرض الإدارة الجماعية إلى نزيف حاد للمهندسين والأطباء والأطر التقنية والمتصرفين وذوي الشهادات والتكوينات العليا، إذ سيتقاعد 170 مهندسا في أفق 2035، بينما يجمد عدد من الأطر عملهم في عدد من المصالح والمقاطعات في انتظار الحسم في طلبات استقالات ومغادرة طوعية، أو تقاعد نسبي. ويشتكي نواب للعمدة ورؤساء مقاطعات من التراجع الحاد في عدد الأطر المكونة التي كانت تشكل، سابقا، دعامات العمل الإداري والعمل الميداني ووسط المشاريع والأوراش والمساحات الخضراء، وفي التنسيق مع الإدارات الأخرى وإعداد الوثائق ودفاتر التحملات والإشراف على طلبات العروض في الجانب التقني والمالي. ويجد المنتخبون صعوبة في تدبير عدد من الملفات والبرامج في ظل النقص الظاهر في عدد الموظفين ذوي الخبرات، إلى الحد الذي يصعب على نواب للعمدة إيجاد سكرتيرة مدربة تتقن تحرير المراسلات وتصنيفها وإعداد الملفات والاجتماعات والمواعيد. وحسب وثيقة خاصة بالموارد البشرية مرفقة بوثائق الميزانية، بدأت نبيلة ارميلي، العمدة، ورؤساء المقاطعات، عملهم في بداية 2022، بناقص 4 آلاف موظف مقارنة مع السنة التي انتخب فيها عبد العزيز عماري، العمدة السابق، أي في 2015. وبدأ منحنى عدد الموظفين في الانخفاض في السنة الموالية (2016) بـ13946 موظفا، و2017 بـ13166 موظفا، ثم وصل العدد في 2018 إلى 12867 موظفا، ووصل في 2019 إلى 12070، ثم عاد إلى الانخفاض في 2020 ليصل إلى 12394، قبل أن يستقر في 10599 في 2021، ثم تضاءل في 2022 و2023. ومن بين الموظفين الذين مازالوا يمارسون في الإدارة التابعة للجماعة الحضرية، أو الملحقين بإدارات أخرى في إطار صيغة الوضع تحت الإشارة، يمثل المساعدون التقنيون الأغلبية بـ6528 موظفا، متبوعين بالتقنيين بـ1326 والمساعدين الإداريين بـ1274 والمتصرفين بـ997. أما الفئات الأخرى، فلا تمثل إلا نسبة قليلة، إذ يصل عدد المحررين إلى 273 متبوعين بالمهندسين (146 مهندسا) والأطباء (17 طبيبا) والمهندسين المعماريين (16 مهندسا) والممرضين (15 ممرضا)، إضافة إلى أربعة أساتذة للتعليم ومساعدين صحيين ومفتش واحد. ودقت الوثيقة نفسها ناقوس الخطر، معتبرة هذا التضاؤل في عدد التقنيين والمتصرفين والمهندسين والمفتشين والمحررين والمساعدين الصحيين والإداريين، مؤشرا على قلق ينبغي إيجاد حل له في أقرب الآجال بصيغة من الصيغ، علما أن الجماعة ستفرغ نهائيا من الموظفين في أفق 2035، أو قبل ذلك في ظل الوتيرة المتصاعدة للاستقالات. يوسف الساكت