عاصمة التكنولوجيا والإنتاج الرقمي تجلب أزيد من 900 عارض من 95 بلدا تحولت مراكش إلى عاصمة للتكنولوجيا والإنتاج الرقمي، على مدى ثلاثة أيام، لمناسبة الدورة الأولى لمعرض "جيتكس إفريقيا المغرب"، التي عرفت مشاركة أزيد من 900 عارض وشركة ناشئة، ضمن وفود من 95 بلدا. وجمعت قمة "جيتكس إفريقيا الرقمية" أكثر من 250 من قادة القطاعين العام والخاص وأصحاب القرار السياسي، ومستثمرين وأكاديميين، للدفع في اتجاه تحول إفريقيا إلى سوق رقمية موحدة. إنجاز: عادل بلقاضي/ تصوير: عبد الرحمان المختاري (مراكش) شهدت الطرق المؤدية إلى ساحة باب الجديد، حيث أقيم المعرض، ازدحاما كبيرا، إذ طلب من الوافدين ترك سياراتهم بعيدا عن موقع المعرض، لتبدو الطريق التي تمر أمام المعرض، كشارع بالقرب من جامعة أو معهد، بسبب كثرة الوافدين على المعرض وأغلبهم من الشباب. استقطاب وتنوع جرى نصب منصات كبيرة للعرض داخل المعرض، إذ خصص جناح للذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية وأنترنيت الأشياء، وآخر للاتصالات والبنية التحتية للشبكات، وجناح للشركات الناشئة "نوري ستار"، وآخر للأمن السيبراني والخدمات، وخصص جناح لتكنولوجيا المستهلك. وعرف المعرض رواجا كبيرا، ظهر من خلال الاكتظاظ الذي عرفته الممرات بين الأروقة، فيما انخرط ممثلو الشركات والمقاولات في استقبال الزوار، داخل أروقتهم، ليقدموا لهم الشروحات التي تهم منتجات شركاتهم، وأغلبها من آخر صيحات التكنولوجيا في مجال الانتاج الرقمي والذكاء الاصطناعي. ولم يخل تنظيم المعرض من بعض النواقص، إذ عبر بعض العارضين، والمسؤولين بشركات كبرى، عن امتعاضهم من عدم تمكنهم من ركن سياراتهم بمرأب موجود بالقرب من موقع المعرض، بدعوى أنه مخصص للمسؤولين، كما امتعض العديد من الزوار من وضع المراحيض المتنقلة، في مكان تحت أشعة الشمس، فيما شكل عدم تهيئة جنبات منصات العرض الكبيرة، بشكل تام، عائقا أمام الزوار. "نيو موتورز" تخطف الأنظار حظيت سيارة "نيو موتورز" المغربية الصنع، التي جرى الكشف عنها، أخيرا، أمام الملك، باهتمام كبير من الزوار الذين حرصوا على مشاهدتها عن قرب، والاطلاع على كل المعلومات المتعلقة بها، سيما أنها عرضت في موقع مقابل لمدخل المعرض، في ساحة بين منصات العرض الكبيرة. واعتبر نسيم بلخياط، الرئيس المؤسس للشركة، في تصريح لـ"الصباح" ، أن حضور السيارة الجديدة في المعرض، ومشاهدتها عن قرب، تأكيد على أنها موجودة وليست مجرد فكرة، وأن الشركة تعمل فعلا على إنتاجها. وأضاف بلخياط " بعد سبع سنوات من الدراسة والتحضير، ننكب الآن على عملية الإنتاج التي تزداد وتيرتها كل أسبوع، والمعرض مناسبة لعرض السيارة أمام 25 ألف مشارك، في ثلاثة أيام، وهي فرصة مهمة للتعريف بها وبالمنتوج المغربي أمام العالم". أخنوش: إفريقيا أرض الفرص قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في كلمة بمناسبة افتتاح معرض "جيتكس أفريقيا"، إنه يضع القارة الافريقية في الواجهة، ترسيخا للرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية لإرساء شراكة إستراتيجية من أجل قارة مزدهرة. وأضاف أخنوش "المملكة المغربية فخورة باحتضان هذا المعرض الإفريقي المرموق، لما يكتسيه هذا الحدث من دلالات عميقة، ما يعد مناسبة لتسليط الضوء على الإمكانات الواعدة التي تزخر بها القارة الافريقية، وجهودها المتسارعة في تطوير المواهب والمهارات في مجالات التكنولوجيا والابتكار". وأضاف أخنوش "المملكة المغربية منخرطة في الدينامية الرقمية التي تفرضها العولمة، كما أنها عازمة على تعزيز مكانتها كقطب للرقمنة من أجل تسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، وتعزيز الروابط الاقتصادية ببقية دول العالم. وتابع أخنوش "إننا نطمح إلى توفير خدمات عمومية رقمية للمواطنين وللشركات والمقاولات، كما أننا نسعى إلى خلق نظام بيئي ملائم للشركات الناشئة والمقاولات الصغرى والمتوسطة المبتكرة، وإيجاد أرضية لاحتضان المواهب الرقمية وإنتاجها، لذا فتنظيم هذه الدورة الأولى من جيتكس أفريقيا بالمغرب، يعد محفزا أساسيا لتحقيق تطلعاتنا المنشودة". وأشار رئيس الحكومة إلى أنه "على غرار معرض "جيتكس كلوبال" الذي يقام في دبي منذ أكثر من 40 سنة، فإن معرض جيتكس إفريقيا، يشكل منصة دولية للتكنولوجيا المتقدمة بالنسبة لجميع الفاعلين في إفريقيا، من القطاعين الخاص والعام، حيث تضم هذه التظاهرة أزيد من 900 شركة، وأكثر من 250 متحدثا، وكذا أزيد من 100 جهة حكومية. وأوضح أخنوش أن "المجتمعات والاقتصادات الإفريقية تشهد تحولا رقميا ملحوظا، حيث تضاعفت الاستثمارات في الشركات الناشئة بـ 4.5 مرات بين سنتي 2018 و2022، موضحا أن هذا التصاعد الملحوظ في وتيرة الرقمنة يُعزى إلى جائحة كوفيد-19 وتداعياتها، حيث كان من اللازم التأقلم مع متطلبات هذه الفترة في ما يخص أنماط الاستهلاك والإنتاج والتواصل والاشتغال". وأكد رئيس الحكومة أن "جيتكس أفريقيا" يشكل "منصة مميزة لمناقشة الإمكانات والمهارات الرئيسية التي من شأنها أن تجعل من القارة الإفريقية قارة مستهلكة ومنتجة للرقمنة في آن واحد"، مبرزا أن "القارة الإفريقية هي أرض الفرص، حيث إن تمويل الشركات الناشئة في القارة يتزايد بشكل أسرع مقارنة مع باقي بلدان العالم. وحفاظا على هذه الجاذبية، في مشهد دائم التغير والتحول، لابد من تشجيع الابتكار والاستثمار في الشركات الناشئة من أجل انبثاق مقاولات صاعدة أحادية القرن، ومقاولات ناشئة ومقاولات صغرى ومتوسطة مبتكرة. كما يتوجب دعم تسريع الابتكارات التكنولوجية في القطاعات الواعدة مثل الذكاء الاصطناعي أو الحَوْسَبَة السحابية أو الأمن الإلكتروني وحماية المعطيات الشخصية". وخلص أخنوش إلى إنه في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على المهارات الرقمية، متجاوزا بذلك الموارد المتاحة، وفي سياق يتحدث فيه الجميع عن ‘حرب من أجل المواهب’، لابد من التأكيد على أن القارة الأفريقية تزخر بالمؤهلات البشرية ذات الإمكانات العالية. فأكثر من 60 بالمائة من السكان لا يتجاوز عمرهم 25 سنة، وهي ثروة ستساهم لا محالة في بناء المسار الرقمي للقارة، إذا نحن نجحنا في تدريبهم وتكوينهم ودعمهم وتشجيعهم لهذه الغاية، يضيف أخنوش. بورتري عبيدة... الريادة في التخزين الرقمي شكلت مشاركة شركة "ليكسار"، العلامة التجارية الرائدة في حلول الذاكرة والتخزين الرقمي، مناسبة بالنسبة للمغربي فيصل عبيدة للعودة إلى بلاده والتعريف بكفاءته وعرض ما وصل إليه رفقة الشركة، بصفته المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وشبه القارة الهندية. ويتذكر عبيدة لحظة مغادرته المغرب قبل 23 سنة، باحثا عن آفاق جديدة، في الصين الشعبية، ليبدأ مساره المهني من خلال الإشراف على برنامج توأمة بين جامعة صينية وأخرى فرنسية، قبل أن يلتحق بشركة صينية متخصصة في البرامج المعلوماتية للأبناك، وهي ثاني شركة في هذا المجال في العالم، إذ أنيطت به مهمة مدير التسويق الدولي، وساهم في أن تنفتح الشركة على سوق الشرق الأوسط وإفريقيا، قبل أن ينتقل إلى العمل رفقة شركة فرنسية للوجستيك، مديرا لمنطقة آسيا، لتوصيل منتجات الشركات الصينية إلى أوروبا، بتكلفة أقل. وبعد ثلاث تجارب ناجحة، رفقة شركات كبرى، خاض عبيدة تجربة تأسيس شركة خاصة، في مجال الدراسات والاستشارات الاستثمارية، إذ نجح في تقديم خدمات للشركات الصينية التي تريد دخول الأسواق في افريقيا والشرق الأوسط. وذاع صيت عبيدة بالصين، ليتلقى اتصالات من المسؤولين الكبار لشركة "ليكسار"، وهي شركة أمريكية تأسست سنة 1996، قبل أن تضمها شركة صينية كبيرة في 2018، بميزانية تصل إلى 25 مليار دولار. وأعلن عن تعيين الشاب المغربي، مديرا عاما للشركة بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، في الجريدة الرسمية بالصين، بعد مفاوضات دامت أكثر من ستة شهور، ختمها عبيدة، بتقديم تصور وبرنامج العمل لتطوير مبيعات الشركة بالشرق الأوسط وافريقيا والهند، أمام المدير العام والمسؤولين الكبار للشركة الصينية العملاقة. ولم ينتظر عبيدة طويلا للبرهنة على كفاءته، إذ تضاعفت مبيعات الشركة، خلال سنتين، وجرى فتح أسواق كثيرة، في السعودية ومصر ونيجريا وكينيا وتنزانيا، كما أصبح للشركة ثلاثة بائعين معتمدين بالمغرب. لا يمل عبيدة ولا يكل من الحديث عن الاستثمار ومتطلباته، وسبل النجاح فيه، إذ يعتبر أن الوصول إلى كل هذه النجاحات، تطلب العمل بشكل متواصل وتطوير الذات، كاشفا أن العمل يأخذ حصة كبيرة من وقته، فيما يحاول تقسيم الوقت المتبقي بين أسرته الصغيرة المتكونة من زوجته الصينية وابنتيه التوأم، وعائلته بالمغرب، سيما والدته الأستاذة المتقاعدة، ووالده الضابط المتقاعد أيضا. ومن تجليات عشقه لعمله أنه طلب من والدته الحضور إلى مراكش، قادمة من مكناس، مسقط رأسه، كي يراها وتبقى بجانبه، دون أن يترك مقر معرض "جيتكس إفريقيا" الذي يعتبره فرصة مهمة للتعريف بنفسه ببلده، وكذا لتوسيع دائرة اشتغال الشركة التي يمثلها. ويتحدث عبيدة عن بلده الأم بحماس وافتخار، إذ يعتبر أن المغرب يعرف تطورا في السنوات الأخيرة، عكس ما كان عليه الحال قبل 20 سنة، مؤكدا أن مؤشر التطور يمكن أن يصل أو يفوق الدول الآسيوية، شريطة تحقيق شرطين أساسيين، هما وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والعمل بفعالية، فكما يقول الانجليز، لا يمكن أن تعمل الشيء نفسه، وتحصل على نتيجة مختلفة في كل مرة، يضيف عبيدة. وتمنى الشاب المغربي، بتأثر، أن تعمل الحكومة على الانفتاح على مغاربة الخارج، مستعرضا تجربة كوريا الجنوبية التي سبق أن أرسلت شبابها إلى الخارج من أجل الدراسة وأخذوا التجربة والخبرة، وبعد عودتهم في أعقاب فترة حرب، ساهموا في نهضة بلادهم، فالشباب المغاربة، يقول عبيدة، يبرهنون على كفاءتهم في بلدان أخرى، لذا يجب منحهم فرصة المساهمة في نهضة بلدهم، ويعتقد أن الأطر القادمة من عالم المال والأعمال، يمكنها المساهمة في تطوير اقتصاد المغرب، عوض الاستمرار في الاعتماد على القادمين من الوظيفة العمومية.