وزير الخارجية الأوكراني قال إن التعامل مع روسيا ليس مضمونا بفعل العقوبات المفروضة عليها استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بداية الأسبوع الجاري بالرباط نظيره الأوكراني ديميترو كويلبا، الذي يقوم بأول زيارة لمسؤول أوكراني من هذا المستوى، إلى المغرب منذ 31 سنة. وهي الزيارة التي ستمنح نفسا جديدا إلى علاقة التعاون الثنائي بين الرباط وكييف. في هذا الحوار، الذي أجراه الزميل يونس سعد العلمي ونشر في يومية "ليكونوميست"، دعا كويلبا "الفاعلين المغاربة لاغتنام الفرص التي تقدمها كييف، واعدا ب"اتفاقية إطار للتعاون بين البلدين"، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والأمن السيبيراني. وأكد رئيس الدبلوماسية الأوكرانية، في الحوار نفسه، أن القطاعات الصيدلية والخدمات الرقمية والطاقة البديلة تشكل مجالات يمكنها تعزيز فرص تطوير علاقات الشراكة والأعمال بين المقاولات الأوكرانية والمغربية. في ما يلي، أهم ما جاء في الحوار: ترجمة: نورا الفواري كيف يمكن في نظركم تطوير العلاقات الاقتصادية بين المغرب وأوكرانيا؟ أعتقد أن هناك العديد من فرص وإمكانيات التعاون التي يمكن تطويرها بين البلدين. وقد اتفقت، رفقة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، على أن تعمل حكومتانا معا من أجل ترجمة هذه الفرص إلى مشاريع وبرامج حقيقية. اتفقنا أيضا على الشروع في مفاوضات ثنائية من أجل تسهيل المبادلات التجارية بيننا. وأظن أن هذه المرحلة من التواصل والتشاور مهمة جدا من أجل الإعداد لمشاريع كبرى. كيف تجري هذه المفاوضات في سياق الحرب مع روسيا التي لا زالت مستمرة؟ من المهم الاستمرار في المفاوضات والتبادلات التجارية مع مختلف الشركاء. في الواقع، ورغم الصعوبات التي يسببها العدوان الروسي على أوكرانيا، إلا أننا نساند مقاولاتنا بجميع الطرق الممكنة. وطبعا، حين تنتصر أوكرانيا في الحرب وتحرر أراضيها، لن تكون هناك أية عراقيل أو صعوبات. لكن هذا لا يعني أننا لا نتوفر على الفرصة والإمكانية في الوقت الحالي. إننا نعمل على مساعدة مقاولاتنا على دخول أسواق جديدة ونسهل عليها عمليات التبادل مع العديد من البلدان. وما زال هناك الكثير من العمل أمامنا للقيام به. ما هي القطاعات الواعدة التي توفر إمكانيات للمبادلات بين البلدين على مستوى التصدير؟ هناك الأمن الغذائي. للأسف، ما زالت روسيا تحاصر موانئنا، وهذا ما يمنعنا من تصدير الحبوب ومختلف المنتوجات الفلاحية. لكن، وبمجرد ما سيتم رفع الحصار، ستعرف صادراتنا ارتفاعا ملحوظا. هناك أيضا قطاع آخر هو الحديد والفولاذ. لقد زرت مسجد الحسن الثاني، وقيل لي إن جميع أبوابه مصنوعة من التيتانيوم الأوكراني، وهو ما يجعلنا سعداء وفخورين بأن نساهم ولو بجزء، في هذا المسجد الجميل والرائع. يظهر ذلك أيضا إمكانياتنا الكبرى في تصدير الفولاذ علما أن اقتصادكم يتطور بسرعة. يمكنني أيضا أن أتحدث عن القطاعات الصيدلانية والخدمات الرقمية والطاقة البديلة التي تشكل أيضا فرصا للأعمال وقطاعات يمكن تطويرها بين المقاولات المغربية والأوكرانية. كيف يمكنكم تحفيز الفاعلين من البلدين من أجل تعاون أكثر قوة بعد نهاية الحرب؟ إمكانيات الأسواق المغربية والأوكرانية مهمة جدا. يجب فقط اتخاذ إجراءات تهدف إلى إعلام الفاعلين الأوكرانيين بأهمية الفرص مع المغرب. وهذا بالفعل هو هدف دبلوماسيتنا التي ستقوم بمجهود تواصلي في هذا الإطار. في ما يخص الفاعلين المغاربة، يمكنهم الحصول أيضا على فرص كبرى في أوكرانيا. عليهم أن يكونوا على علم بأمرين. الأول، أنه رغم الحرب، فإن اقتصادنا وتجارتنا يتطوران، وهناك العديد من الفرص التي يجب اقتناصها. لا يجب أن ننسى أيضا، أنه بعد نهاية الحرب، ستكون أوكرانيا واحدة من بين الأوراش الكبرى للبناء، لأننا سيكون علينا أن نعيد بناء بلادنا. وهو ما يعني أن هناك سوقا تساوي العديد من المليارات يمكن الاستفادة منها، وورشا كبيرا يمكن إنجازه والاستفادة منه. لكن، من أجل أن نكون مستعدين لهذه اللحظة، يجب أن نبدأ من الآن. المقاولات عليها إذن إعداد مشاريعها ودراساتها المالية. حين ننتصر في هذه الحرب، على الفاعلين المغاربة أن يكونوا على أتم الاستعداد من أجل العمل مباشرة في الأوراش. القاعدة بسيطة مفادها أن أول من يصل تتم خدمته. وستكون أمامهم العديد من الأسواق وفرص الربح. في النهاية، وفي ما عدا العلاقات الثنائية بين البلدين، فإننا ننظر إلى المغرب أيضا كباب للدخول نحو السوق الإفريقية. وهو ما يشكل فرصة لنا ولكم. ألا تخشون من محاولات التقرب بين روسيا وبلدان إفريقية أخرى؟ على عكس أوكرانيا، أعلنت روسيا دائما عن طموحها في غزو إفريقيا. أوكرانيا ليست ضمن هذه الرؤية والتوجه. لا نرغب في إضاعة الوقت. نحن نريد أن نشتغل ونعمل مع إفريقيا ونقوي علاقاتنا الدبلوماسية والاقتصادية مع بلدان القارة. ومن هنا كانت زيارتي إلى المغرب الذي تجمعنا معه علاقات دبلوماسية منذ أكثر من 31 سنة. علي أن أعترف أن عمل روسيا كان نظاميا جدا حتى تضع أمامنا كل العراقيل نحو علاقة تعاون مع إفريقيا. رغم ذلك، تظل أوكرانيا شريكا موثوقا به، في حين أن روسيا عليها عقوبات اقتصادية دولية سيزداد ثقلها مع مرور الوقت. وهذا ما يعني أن البلدان التي تطمح إلى التعامل مع روسيا لا يمكنها أن تضمن الاستمرارية لمقاولاتها، خاصة تلك التي ستتأثر بالعقوبات. في نهاية المطاف، هناك العديد من العوامل الإيجابية التي تجعل الأفضلية للمبادلات مع أوكرانيا، بدل روسيا. أوكرانيا تؤيد الحكم الذاتي ما هو موقف بلادكم من الحل المغربي لقضية الصحراء؟ كان لدينا حوار جيد بخصوص قضية الوحدة الترابية للمغرب. بلدانا يعرفان جيدا قيمة السيادة والوحدة الترابية التي لا نقاش فيها. نحن في أوكرانيا نناضل من أجل استعادة سيادتنا على أراضينا. وللمغرب، من جهته، مخططه للحكم الذاتي الذي نؤيده لأنه قائم على الجدية والمصداقية من أجل إيجاد حل لقضية الصحراء. ندعم أيضا جهود المبعوث العام للأمم المتحدة الذي يسعى إلى إيجاد توافق سياسي واقعي يحصل على رضى الطرفين. علينا أن نعلم أيضا أن حل قضية الصحراء ضروري من أجل أمن المنطقة.