مدير "بسيج" قال إن الضربات الاستباقية حاسمة في قهر الخلايا الإرهابية قال حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، إن الخطر الإرهابي القادم من منطقة الساحل والصحراء يهدد المنطقة المغاربية وإفريقيا برمتها. وأوضح الشرقاوي، في حوار مع " الصباح" أن التنظيمات الإرهابية تتغذى من المليشيات المسلحة من قبيل البوليساريو، لأن عناصرها تدربت على الأسلحة والمتفجرات، إذ التحق أزيد من 100 عنصر منها بالتنظيمات المسلحة، وذلك بعد مقتل زعيمها عدنان أبو الوليد الصحراوي. وأكد الشرقاوي أن مخيمات تندوف تشكل تهديدا إرهابيا للمغرب، وأن رفض الجزائر التنسيق في المجال الأمني شجع التنظيمات الإرهابية على التحرك في منطقة الساحل والصحراء. أجرى الحوار: أحمد الأرقام وعبد الحليم لعريبي/ تصوير (عبد المجيد بزيوات) هل يمكن القول إن المغرب نجح من خلال كل العمليات الاستباقية في تفكيك خلايا الإرهاب ويتوجه نحو القضاء عليها؟ > فعلا نجحت المملكة المغربية في محاربة التطرف والإرهاب، إذ بعد الأحداث الإجرامية ل 16 ماي التي وقعت في 5 مواقع حساسة بالبيضاء وخلفت 45 قتيلا، بينهم مغاربة وأجانب بواسطة انتحاريين، أصبحت المملكة واعية بأنه ليس هناك أي بلد في منأى عن الظاهرة الإرهابية. وعلى هذا الأساس، اعتمدت المملكة إستراتيجية وطنية ترتكز على مقاربة أمنية شاملة متعددة الأبعاد، محورها الأساسي الاستباقية والوقاية، وذلك في احترام تام لسيادة القانون ومبادئ حقوق الإنسان. ولم تكتف هذه الإستراتيجية فقط بالمقاربة الأمنية بل شملت كذلك الإصلاح وإعادة هيكلة عدة مجالات، منها القانونية والأمنية والسوسيو- اقتصادية وهيكلة الحقل الديني، وإشراك المجتمع المدني والإعلام ، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي، وهي جميعها أسهمت في تحقيق نجاح في محاربة الإرهاب والتطرف العنيف. كيف حاربت المملكة الإرهاب على المستوى التشريعي؟ > في إطار اعتماد الإستراتيجية الوطنية للوقاية والاستباقية في محاربة الإرهاب، قامت المملكة بتعزيز ترسانتها القانونية بإصدار القانون 03-03 المؤرخ في 28 ماي 2003 والمتعلق بمكافحة الإرهاب، وهو قانون استباقي في حد ذاته لمواجهة التنظيمات الإرهابية بالقانون. وتم توسيع تعريف الجريمة الإرهابية من خلال عمل الخبراء المغاربة والمشرع المغربي على سد المنافذ على تحرك التنظيمات الإرهابية التي تلتحق ببؤر التوتر من خلال إصدار قانون 14-86 الذي يقضي بتغيير وتتميم أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. بماذا تفسر تراجع عدد الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها بين 2015 إلى غاية 2023؟ > إن سبب تراجع عدد الخلايا الإرهابية المفككة هو الدور الذي تقوم به المديرية العامة للأمن الوطني، وكل المصالح المركزية لمديرية مراقبة التراب الوطني التابعة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يقوم بدوره بمجهود كبير، إذ بعد تلقي المعلومات ثم استغلالها وتحليلها ثم التنسيق مع النيابة العامة لإلقاء القبض على أعضاء الخلايا، قبل القيام بعملياتها الإرهابية. كما تعلمون تم إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 20 مارس 2015 . وحدد مجال اشتغال المكتب بموجب المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تنص على أنه ينظر في جرائم الإرهاب، والعصابات الإجرامية، والقتل والتسميم والمخدرات، والمؤثرات العقلية، وتزوير العملة، وسندات القرض العام وكذا جرائم حماية الصحة العامة، والأسلحة والذخيرة والمتفجرات، والاختطاف واحتجاز الرهائن. وبفعل العمل الاستباقي واليقظة الأمنية والتعاون الدولي تم تفكيك 21 خلية في 2015، و19 خلية في 2016، و9 خلايا في 2017، و11 خلية في 2018، و14 خلية في 2019، و8 خلايا في 2020، و4 خلايا في 2021 ، وخليتين في كل من 2022 و2023 وهذه النتائج جاءت بفضل التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية بكل تلاوينها، على المستوى العمودي والأفقي، مع المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. بماذا تتميز الظاهرة الإرهابية الحالية بعد نجاحكم الاستباقي في تفكيك الخلايا في مهدها، وهل يمكن أن تقارنوا بين كيفية اشتغال تلك التنظيمات في الماضي والآن؟ > وقع فعلا تحول كبير في جغرافية الإرهاب يتمثل في تنوع طرق التنفيذ والاستقطاب. والذي تغير منذ 2003 إلى الآن هو أن تنظيم القاعدة الذي كان يعتمد على الطرق الكلاسيكية عبر الاشتغال بشكل سري وبطريقة غير مباشرة بجمع الأعضاء الذين تم استقطابهم للمشاركة في جلسات سرية قصد تحديد الأهداف وإنجاز العمليات الإرهابية، وقع تحول بسبب التطور التكنولوجي بعد تضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية، فلجأ إلى استغلال شبكة الأنترنيت لتشجيع الإرهاب الفردي الإلكتروني وهو ماقام قبل التنظيم الإرهابي " داعش" أيضا. خطر الإرهاب الإلكتروني فردي على ماذا يرتكز الإرهاب الإلكتروني الفردي؟ > تقوم تنظيمات إرهابية بالتجنيد والدعاية والترويج لنفسها عبر مواقع الدردشة لاستقطاب أشخاص يوجدون في أماكن متفرقة ببؤر التوتر، إذ يتصلون مثلا بمغاربة ويؤكدون لهم أنه في حالة تعذر عليهم الالتحاق بهم هناك للمشاركة في القتال يمكنهم إنجاز عمل إرهابي بوسائل أقل تكلفة وبسيطة، مثل استعمال سكين للقتل أو دهس شخص ما. والخطير في غرف الدردشة أن التنظيمات الإرهابية تخترق الناس وتستقطب المتطرفين الذين لديهم أرضية خصبة للالتحاق بهم، أو غرر بهم من كلا الجنسين ذكورا وإناثا. كيف يتم استقطاب النساء من قبل التنظيمات الإرهابية؟ > تتذكرون يوم تفكيك خلية إرهابية في أكتوبر 2016، كانت ضمن المعتقلين 10 نساء، 7 منهن قاصرات تم استدراجهن عبر مواقع الانترنيت، وبالتالي كان هناك تحد كبير في مواجهة الإرهاب الإلكتروني، لذلك فإن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بفضل يقظتها ودورها الاستباقي ترصد التطور التكنولوجي وتسغل استغلالا أمثل للمعلومات في أقرب وقت، وتحللها في أسرع وقت للتدخل والحيلولة دون وقوع عمليات إرهابية. الجزائر ترفض التعاون لمحاربة الإرهاب هل ما زالت منطقة الساحل والصحراء تشكل تهديدا للأمن القومي المغربي، رغم مقتل عدنان أبو الوليد الصحراوي الذي تدرب على حمل السلاح مع ميليشيات بوليساريو؟ > منطقة الساحل والصحراء ليست مبعث قلق، بل تهديد إرهابي حقيقي يحدق بالمملكة، وكل الدول المغاربية، ودول المنطقة والمنتظم الدولي، لأنه بعد اندحار تنظيم "داعش" في سوريا والعراق وبعد فقدانه معاقله انتقل إلى منطقة الساحل والصحراء عبر فروعه النشيطة هناك، بينها حركة التوحيد والجهاد، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتلقى دعما من تنظيمات مسلحة متفرقة. هل تصر الجزائر على رفض التعاون الدولي في محاربة الإرهاب؟ وما علاقة التنظيمات الانفصالية المسلحة بالإرهابيين؟ > طبعا الجزائر لا تتعاون في مواجهة الإرهاب ولا تتعاون على كافة المستويات، ما يشكل خطرا على المنطقة المغاربية والساحل والصحراء برمتها. وترفض الجزائر التعاون في مجال تبادل المعلومات ما يفسح المجال للتنظيمات الإرهابية بالتوسع في إفريقيا. توجد علاقة بين التنظيمات الإرهابية والتنظيمات الداعية إلى فصل أجزاء من تراب الدول، وأصدق دليل على ذلك هو نشاط عدنان أبو الوليد الصحراوي أحد قادة بوليساريو، الذي قتلته القوات الفرنسية، علما أنه التحق ما يزيد من 100 مقاتل من الجماعة الانفصالية بوليساريو بالتنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء . وأكيد أن هناك حالات أخرى أكدت وجود علاقة وثيقة بين بوليساريو والإرهابيين وهو ما تم تضمينه في توصيات المؤتمر الدولي المنعقد بمراكش لمواجهة تنظيم "داعش" في 11 ماي 2022، بمشاركة 400 شخصية ذات خبرة دولية في مجال مكافحة الإرهاب، ومشاركة 73 دولة دعت إلى تجفيف منابع الإرهاب من التمويل، وقطع الإمدادات على "داعش" بمقاتلين وعتاد عسكري، لذلك تغذي حروب الانفصال الإرهاب والعكس صحيح. هل معنى هذا أن مخيمات تندوف تشكل خطرا على الدول المغاربية في تنشيط التنظيمات الإرهابية للقيام بأعمالها الإجرامية؟ > طبعا تشكل منطقة تندوف ومخيمات بوليساريو تهديدا إرهابيا حقيقيا ضد المغرب بحكم موقعه الجيو إستراتيجي، إذ أصبحت هذه التنظيمات الإرهابية لها صلة بالإجرام المنظم، في إطار مقايضة المصالح، ولم تعد تمارس الأنشطة التخريبية في منطقة الصحراء فقط بل امتدت إلى حدود أخرى. ويستفيد الإرهابيون من الهشاشة الأمنية والتوترات الاجتماعية لضعف التنسيق الأمني بين دول كثيرة. نتبادل المعلومات مع أمريكا وإسبانيا وفرنسا هل تتعاون معكم فرنسا في محاربة الإرهاب؟ > التعاون مع فرنسا حاليا قائم، ولا يوجد أي إشكال، وننفذ أي طلب صادر عنها في إطار الاتفاق الحاصل بيننا لأن المكتب المركزي للأبحاث القضائية هو مؤسسة لإنفاذ القانون وتابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ويستفيد من توجهات المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني، ولا يوجد ما يمنع التعاون مع فرنسا، وظل هناك تعاون كبير مع هذا البلد في السنوات الماضية. وأسوق مثالا على هذا النوع من التعاون الأمني بين البلدين، من خلال ما قدمه المغرب من معلومات دقيقة حول «أباعوض» المتورط في تفجيرات 13 نونبر 2015، والذي صفته القوات الفرنسية رفقة قريبته حسناء آيت بلحسن، كما أن المصالح الأمنية المغربية قدمت معطيات حول فتاة فرنسية من أصل مغربي، كانت تحمل مشروعا تخريبيا ضد كنيسة هناك في أبريل 2021، وتم إيقافها قبل تنفيذها التفجيرات. ما هي الدول التي تجدونها في مقدمة المتعاونين معكم في مجال مكافحة الإرهاب؟ > هناك مجموعة من الدول، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تربطنا معها علاقات تاريخية، وكذا الجارة إسبانيا، ويبقى التعاون مع جميع الدول قائما باستثناء الجزائر التي ترفض التعاون، وهذا هو سبب نجاح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وترى المملكة أن أمن سلامة مواطنيها واستقرارها من أمن وسلامة استقرار مواطني باقي الشركاء، ولهذا نتعاون مع جميع الدول مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا وأمريكا وإسبانيا، وأيضا الدول العربية والإفريقية، بدون استثناء. هكذا نتعامل مع العائدين من بؤر التوتر هل من معطيات جديدة حول الملتحقين المغاربة ببؤر التوتر؟ > ما يجب أن أؤكد عليه في هذا الباب من الناحية الأمنية هو أن عودة المقاتلين تحد آخر، بحكم أن المقاتل أصبح يكتسب مهارات في صناعة المتفجرات وله خبرة راكمها من خلال وجوده هناك، وأصبح يستطيع صناعة القنابل وحمل السلاح وتفكيكه، وأيضا له دراية بظروف التخفي، وبالتالي يشكل خطرا على بلده، والتحق 1674 مقاتلا ببؤر التوتر، منهم 1060 بتنظيم الدولة الإسلامية للعراق والشام، و 100 بحركة جبهة النصرة، و50 بجبهة فتح الشام، والباقي موزع على فصائل أخرى، هذا بالنسبة للذكور. أما بالنسبة للنساء، فالتحقت 291 بالتنظيمات الإرهابية، وعادت منهن 99 امرأة، أما الأطفال فبلغ عدد الملتحقين منهم 618 طفلا، بمن فيهم الأطفال الذين ولدوا من أمهات مغربيات وآباء من أصول أجنبية. وتوجد 136 امرأة معتقلة بسوريا، يحملن الجنسية المغربية، وضمنهن 15 يحملن الجنسية المزدوجة، أما الأطفال المعتقلون فبلغ عددهم 387 طفلا معتقلا، عاد منهم 180 ، أما المقاتلون من الأطفال المعتقلين، فوصل عددهم 251 طفلا. هل هناك مشاكل على مستوى تدبير عودتهم من الناحية الاجتماعية والنفسية والصحية؟ > من الناحية الأمنية لا يوجد أي مشكل في تتبعهم، لأن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وطبقا للقانون 86-14 المؤرخ في 20 ماي 2015، يعتبر أن كل من اشتبه في انتمائه إلى التنظيمات الإرهابية خارج المغرب وفي حال عودته لأرض الوطن وكان موضوع مذكرة بحث دولية، أو أمر بإلقاء القبض عليه، أو ورد اسمه ضمن مساطر مرجعية، التي تنجز أثناء تفكيك الخلايا الإرهابية، فيتم استشارة النيابة العامة المختصة للبحث معه. وفي إطار حقوقه المكفولة بموجب المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، بما فيها التزام الصمت، وحق تعيين محام للمتهم، والاستفادة من المساعدة القضائية، يتم تقديم المعنيين بالأمر أمام القضاء للنظر فيهم. أما الإشكال المطروح حول العالقين هناك ببؤر التوتر فهو مشكل قائم، ولا يمكن للمكتب المركزي إبداء الرأي فيه مادام أنه مؤسسة لإنفاذ القانون وتابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وبالتالي فإن دوائر أخرى مختصة، هي التي تنظر في ملفات هؤلاء، إذ جرى تشكيل لجنة برلمانية من أجل تدبير كيفية مواكبة الحالة النفسية والصحية لهؤلاء، خاصة الأطفال المزدادين خارج المغرب، إذ يشكلون هاجسا أمنيا كبيرا، وإشكاليات أخرى مرتبطة بالحصول على نسخ الازدياد والجنسية لوجود اختلاط الجنسيات، وهو ملف من اختصاص دوائر أخرى، من أجل المواكبة. المصالحة مع الإرهابيين ... آخر العلاج هل من برامج لمواكبة المعتقلين في قضايا الإرهاب؟ > هناك برنامج مصالحة لإبعاد الشباب عن التطرف عبر التوعية، لأن المملكة مقتنعة أيضا أن العقوبة السالبة للحرية غير كافية لثني المتطرفين عن أفكارهم، وتعمل المندوبية العامة لإدارة السجون، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والرابطة المحمدية للعلماء على هذه المصالحة عبر مراجعة فكرية لمواجهة التطرف. هل يمكن القول إن المغرب نجح في هذه البرامج؟ > نجح فيها وسينجح فيها أكثر في المستقبل، منذ انطلاقها في 2017، إذ استفاد منها 251 معتقلا، ضمنهم نسوة تم تقديمهن ضمن الخلية الإرهابية ل2016، إذ تكون هناك مواكبة ما بعد الإفراج، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء ستدلي بنتائجها. في سطور - تولى منصب مدير مركز الأبحاث القضائية في 29 نونبر 2020 - خريج أكاديمية الشرطة - اشتغل لوقت طويل في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وكان إحدى ركائز تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية في 2015، إذ كان نائبا للراحل عبد الحق الخيام