مشاريع قوانين المسطرة المدنية والجنائية ومدونة الأسرة تثير الجدل بين الأغلبية والمعارضة فرض على الحكومة التجاوب مع التحولات الجارية في المجتمع، والاستجابة لمطالب الحركة الشبابية والنسائية، لهذا اجتهد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في إعداد مشاريع قوانين جريئة لا تمس بثوابت الأمة، والدين الإسلامي، وتتجلى في الانتصار إلى الحريات الفردية. وحقق وهبي انتصارا أوليا من خلال خوضه معارك التغيير في مشاريع القوانين الجنائية، والمسطرة المدنية وقانون العقوبات البديلة، والمسطرة الجنائية التي عجز ثلاثة وزراء سابقون عن الاقتراب منها، خوفا من لهيب الانتقادات، وهم المصطفى الرميد، القيادي السابق في العدالة والتنمية، وزير العدل والحريات، ومحمد أوجار، القيادي في التجمع الوطني للأحرار، وزير سابق للعدل ووزير أسبق لحقوق الإنسان، ومحمد بنعبد القادر، القيادي في الاتحاد الاشتراكي، وزير العدل السابق، الذين تهربوا من إعداد قوانين ستغير من حياة المواطنين، وتمنحهم حرية أكبر في التصرف وحقوق اجتماعية تعسفت عليها قوانين وضعت بمنظور المحافظين الذين رفضوا أي اجتهاد. وأقر الوزير وهبي بصعوبة تغيير القانون الجنائي، والمسطرتين المدنية والجنائية، ومدونة الأسرة التي تعد ذات طبيعة خاصة بحكم وجود إمارة المؤمنين المكفول لها التأشير على أي تغيير يخدم مصالح الأسرة المغربية. وقال وهبي إنه سيعزز حماية القضاء للحقوق والحريات الفردية، بمراجعة النصوص القانونية المؤطرة لمنظومة هذه الحقوق، سواء في المجال المدني أو الجنائي، في إشارة يستفاد منها تعديل الفصل 490 الذي يجرم العلاقات الرضائية بين رجل وامرأة راشدين، بالابتعاد عن سياسة « التجسس» على المواطنين في بيوتهم، والتدخل فقط في حال وقوع عنف ضد المرأة، أو إحداث الضجيج في العمارة، أو تحويل مقر السكنى إلى وكر للدعارة. وقرر الوزير إحالة القوانين على المجلس الحكومي، الذي طلب مهلة لمراجعة بعض الفصول، قصد المصادقة عليها وإحالتها على البرلمان، بينها فصل اعتماد تحليل الحمض النووي، لضمان عدم إفلات الرجال من تحمل مسؤولية حمل النساء وولادة أطفال لتفادي رميهم في الشارع وفي مراكز حماية الطفولة، إذ قال الوزير وهبي كلمته» قصارة ليلة تعني أداء مصاريف تربية الطفل لمدة 21 سنة»، لذلك حذر الرجال من العلاقات الغرامية خارج إطار الزواج، وأكد على ضرورة حماية الطفولة من التشرد عبر إعمال تقنية تحليل الحمض النووي، ومنع تزويج الطفلات، وبيعهن في سوق النخاسة، والمتاجرة بهن دوليا، بزواج غير قانوني، ومحاربة العنف ضد النساء، وحماية حقوق الأطفال بعد الطلاق، وعدم حصره في النفقة فقط. واستغرب الوزير حرمان الطفل من التسجيل في الحالة المدنية، وتلاعب أزواج بملف أخذ الإذن بالزواج، إذ يهرب آلاف أرباب الأسر من تحمل المسؤولية بعد تطليق الزوجة بأطفالها ورفض أداء النفقة، والانتقال إلى مدينة أخرى للزواج مرة ثانية، ما رفع من حجم معاناة الأطفال والزوجات اللواتي يجدن أنفسهن، لا هن متزوجات ولا هن مطلقات، وبأطفال بدون نفقة ولا مساعدة. وقال إن المرأة أضحت تساهم في بناء بيت الزوجية من الناحية الاقتصادية، لأنها تؤدي نفقات الدراسة، والأكل واللباس، والتطبيب لبناتها والأثاث المنزلي، ومصاريف السفر، والزوج أدى دفعات شراء المنزل وبعد وفاته يأتي شخص بعيد عن محيط الأسرة، ليفرض على الأرملة وبناتها إفراغ المنزل وبيعه في المزاد العلني، ومنحهن جزءا من المال ويذهب إلى حال سبيله تاركا قنبلة اجتماعية موقوتة تتمثل في أسرة بدون مأوى، متسائلا ألا يمكن والحال هذه الاجتهاد في مجال التعصيب في الإرث؟، مضيفا أن النقاش الهادئ سيفرز حلولا ناجعة. واشتكى المسؤول الحكومي من هيمنة المحافظين بوزارته، ومن قيادات حزبية، تسعى إلى الخلط بين قوانين تحمي حقوق النساء والأطفال، وأمور تمس بالدين الإسلامي، إذ شدد الوزير أنه سيطبق ما قاله جلالة الملك محمد السادس بأنه لن يحلل حراما ولن يحرم حلالا، وبذلك لن يمس بالآيات القرآنية القطعية. وأكد أنه من العار اعتماد نصوص قانونية متقادمة لحل مشاكل الأسرة والزواج والطلاق، واكتظاظ السجون بسبب الاعتقال الاحتياطي وغياب العقوبات البديلة، إذ كيف يعقل أن يسجن شخص لأنه لم يستطع أداء النفقة،؟ وكيف يتزوج شخص من امرأة أخرى وهو لم يؤد نفقة المرأة الأولى المطلقة؟. كما أعلن عن إصدار قوانين سيتم بموجبها إحداث البنك الوطني للبصمات الجينية، والمرصد الوطني للإجرام، وتفعيل المرسوم المحدث للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، على اعتبار أن وزارة العدل، هي التي تتولى رئاسة اللجنة وكتابتها الدائمة. وقرر الدفاع عن العقوبات البديلة، لتفادي الاعتقال الاحتياطي، وتعويضه بأداء غرامات مالية لفائدة خزينة الدولة، أو تقديم خدمات اجتماعية لفائدة المجتمع والدولة، وهي أمور تربي المرتكب للجريمة تعلم حرفة وأداء خدمة، وفهم أن الجريمة لا تفيد بتاتا. وستكون مهمة الأغلبية البرلمانية الدفاع عن قوانينها وستجد المساندة من أحزاب المعارضة، باستثناء العدالة والتنمية، الذي سيعارض بعض الفصول الأخرى، ويتحفظ على البعض منها. أحمد الأرقام