المواطنون والنقابات ينتظرون من الحكومة تحقيق مطالبهم العالقة تحولت مناسبة «فاتح» ماي، الذي يعتبر عيدا للعمال، ومناسبة يعبرون فيها على مطالبهم، وعن مواقفهم من السياسات الحكومية، إلى موعد روتيني، تحيي فيه النقابات احتفالاتها ميدانيا، دون أن يكون لها تأثير حقيقي في قرارات الحكومة، أو على تحضير القانون المالي. وكما هي عادتها، ستحيي النقابات هذه السنة فاتح ماي، على ايقاع ارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من المغاربة، في وقت ما تزال فيه الأجور مستقرة، ما يجعل المطالب الاجتماعية أكثر إلحاحا هذه السنة. وتطالب النقابات في هذه الظرفية الصعبة على بعض شرائح المجتمع، بالزيادة في الأجور، وصرف إعانات مالية مباشرة للفئات الهشة، لمواجهة لهيب الأسعار، الذي يشغل مختلف المغاربة طيلة الأشهر الماضية، فرغم أن الدولة اتخذت بعض الإجراءات، وتحركت لوضع حد للمضاربة والتلاعب بالأسعار، إلا أنها لم تنجح بصورة واضحة، إذ ما تزال الكثير من المواد الغذائية مرتفعة السعر. ويتزايد الضغط على الحكومة من قبل النقابات الأكثر تمثيلية، وبعض التنظيمات المدنية، من أجل صرف إعانات مالية، وإلى حدود الساعة لم تعلن الحكومة موقفا واضحا من هذا الأمر، والراجح أنها لن تذهب في هذا الخيار، في وقت يصعب فيه استهداف المتضررين بشكل دقيق، غير أن الظرفية تفرض عليها البحث عن بدائل. ورغم أن الحكومة ملتزمة بالحوار الاجتماعي منذ أشهرها الأولى، إلا أن النقابات والمواطنين عامة يتساءلون عن جدوى تلك الاجتماعات الدورية، وعن مخرجاتها، إذ لم يعد مجرد اللقاء مع المسؤولين الحكوميين انجازا في حد ذاته، كما لا يكفي فقط توقيع على اتفاقات مع الحكومة، لكن الأهم تنفيذ الالتزامات وتنفيذ الاتفاقات. ويرتقب أن يكون فاتح ماي هذه السنة مختلفا نوعا ما، بعد سنتين أو ثلاث من الركود الاحتجاجي، الذي فرضته ظروف الوباء، وحالت دون تشكيل جبهة قوية للدفاع عن القدرة الشرائية، ومختلف المطالب الاجتماعية للمغاربة، إذ ليس هناك ما يمنع النقابات هذه السنة، من أن تجتهد في ايصال رسائلها إلى مركز القرار، بتنظيم احتجاجات حقيقية ورفع مطالب معقولة، بعيدا عن الانحيازات السياسية، وتوحيد نظرة النقابات والاتفاق على مطالب مضبوطة، بعيدا عن الشعارات السياسية التي لم تعد تهم المواطنين في شيء. وتوجد النقابات في مرحلة فاصلة، فإما أن تعيد الثقة إلى نضالاتها، وتساهم من جانبها في تحسين ظروف عيش المواطنين، وإما ستخسر مرة أخرى مزيدا من مصداقيتها أمام المواطنين، في وقت أصبحت فيه الاحتجاجات الفئوية طاغية على المشهد، ما يزيد من تفريق الجهود وعدم توحيدها في تقديم مقترحات معقولة للحكومة، وتشكيل قوة ضاغطة. عصام الناصيري