الباحث في علم الأديان قال إنه يجب عقد مجالس ترشيدية للزوجين أكد حمزة النهيري، باحث أكاديمي في علم العقائد والأديان والفكر الإسلامي، أن نظام الإرث مضبوط بنص قرآني لا يمكن الاجتهاد فيه، خاصة في المسائل الكلية، واعتبر في فطور مناقشة رفقة عائشة كلاع المحامية بهيأة البيضاء، أنه يجب منح المرونة للقضاة في السلطة التقديرية للبت في هذه القضايا، مع وجود لجان لدراسة ملفات زواج القاصرات. أجرى الحوارين : كريمة مصلي والمصطفى صفر/ تصوير (عبد اللطيف مفيق) ربط العلماء مسألة الحديث في النصوص الإرث بمقولة الملك محمد السادس لن أحل ما حرم الله وأحرم ما حلله، إلى أي حد يمكن اعتبار أن الإرث من الأشياء المسلم بها؟ > أولا، المسلمون في تاريخهم والمغاربة في ما هم عليه، وعلى رأسهم أمير المؤمنين، الذي قال لا يحل حراما أويحرم حلالا، أخذوا من الشريعة الإسلامية التي فيها كليات وثوابت ما لا ينبغي المساس بها، بالمقابل هناك جزئيات ومتغيرات يمكن الاجتهاد فيها، ومن تم فالشريعة الإسلامية هي التي فتحت الباب على الاجتهاد على مصراعيه ولكن جعلت له ضوابط وحدودا حمراء، وهي الكليات والقطعيات التي لا يمكن الاجتهاد فيها، لأنها من ثوابت الأمة. ومن هذه الكليات مسألة الإرث وما تعلق بها التي ذكر الله فيها " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين..."، هذه الآية قطعية ولكن لا تطبق في جميع الحالات، إذ أنه يمكن أن تورث الأنثى في بعض الحالات أكثر من الرجل، وهذا لا نجده في أي شريعة أخرى من غير الشريعة الإسلامية، ففي بعض الشرائع في الديانة اليهودية المرأة لا تورث إذا كان معها ذكور، والرومان لم يكونوا يورثون نساءهم، ولحد الآن هناك إشكالات كثيرة عند الغرب في قضية التوريث. من هذا المنطق فإن باب الاجتهاد غير متاح في الإرث؟ > بالنسبة إلى المسلمين فنظام الإرث في الكليات مضبوط بنص قرآني لا يمكن الاجتهاد فيه، على خلاف الجزئيات التي نجد بعض المذاهب الحنفية والحنبلية والشافعية اجتهدت فيها، ولذلك فالمسائل الأصولية التي بها نص قرآني قطعي لا يمكن الاجتهاد فيها مثل الوصية والكلالة والأنصبة. الإسلام جاء تنويريا، وأعطى المرأة الكثير من الحقوق، فقبله، كانت توهب وليست لها قيمة، فأضحت بعده ذات مكانة وتقبل منها الشهادة التي كانت محرومة منها في السابق، وأضحت شريكة للرجل ولها حقوق، ومعلمة الرجال كما هو الشأن بالنسبة إلى السيدة عائشة رضي الله عنها، وتعين في الحروب. لكن لب الموضوع في نظري أن الذين يريدون تغيير الكليات التي جاءت في القرآن بالنسبة إلى نظام الإرث، لم يطلعوا على نظام الإرث في الإسلام، وأنهم لو اطلعوا عليه سيعلمون أن نظام الإرث عند المسلمين ينبغي أن يسوق عند العالم. للأسف الشديد هناك جهل فاضح عند الكثير الذين يدعون إلى تغيير الإرث ولا يعرفون في الموضوع إلا ظاهره. القضاء هو الفيصل زواج الأم الحاضنة وسقوط الحضانة من النقاط التي أثارت الكثير من الجدل، كيف تفسرون ذلك؟ > في ما يتعلق بالحضانة فبمقتضى الشرع والعرف، منح المشرع الحق للأم لتحضن طفلها وأبناءها، لأن هناك تعلقا فطريا طبيعيا بين الابن، ذكرا أو أنثى، بوالدته ويرتبط في بدايات تكوينه ارتباطا شديدا بوالدته وإن كان وجود الأب ضروريا ومؤكدا. وهناك من الآباء من لا يلتقي بأبناءه بسبب ارتباطاته العملية وظروف السفر لستة أشهر، حيث تبقى الأم هي الحاضنة والمكلفة بتدبير شؤونه. لا يختلف اثنان على أن الأم هي مركز مهم جدا في حضانة الأطفال، لكن حينما تتزوج المرأة المطلقة يطرأ إشكال يتعلق بحق الزوج الجديد. ومعروف أن الزوج الجديد حينما يتزوج المرأة المطلقة يعتبر أنه ليس هناك أي إشكال في إلحاق ابنها ببيته ليشرف على تربيته واحدا من أبنائه، إلا أن المشكل الذي يطرأ هو حينما ينتهي شهر العسل وتبدأ الأم في التركيز على الاهتمام بفلذة كبدها على حساب زوجها الذي تبدأ نار الغيرة في السيطرة على أفكاره وسلوكاته، أو حينما يصير العكس فيصبح ذلك الطفل حزينا يشعر بالظلم والحيف إثر إهماله لفائدة زوج أمه. والمشرع المغربي انطلاقا من الشريعة الإسلامية ومما يتعلق بحقوق الطفل يجب أن يراعي حقوق هذا الطفل، فإذا اعتبر الأب احتضان ابنه بعد زواج طليقته حفاظا على مصلحة ابنه فله الحق في ذلك. وهناك من الحالات الكثيرة التي يحفل بها واقعنا المعاش، أننا نجد المرأة هي التي تتخلى عن حضانة أطفالها، إذ بمجرد انفصالها عن الزوج ترخص له باحتضان أبنائهما بالقول "صافي غير خود ولادك أنا مابغيتش نشدهم"، وهذا واقع ليس مرتبطا بحالة معزولة وإنما بحالات عديدة لا يمكن حصرها. وفي ما يخص حالة احتفاظ الأب بالحضانة رغم زواجه مرة أخرى، وما إن كان حيفا بالنسبة إلى المرأة التي يتم حرمانها من أبنائها في حال زواجها، أعتقد أن القضاء هو الفيصل، حيث يتدخل لحسم القضية إذا كان هناك حيف طال الطفل، إذ يمكن للقاضي الاجتهاد. حسب المصلحة الفضلى للطفل. الرجال قوامون على النساء وجهت انتقادات للمدونة لوضع المرأة والسفيه في رتبة واحدة، ما قولك؟ > في ما يتعلق بمصطلح السفيه، وهو مصطلح قرآني، لا يقصد به المعنى الرائج في اللهجة الدارجة أي المعتوه وغيره، بل معناه الحقيقي هو الشخص غير كامل الأهلية في التصرف، مثل اليتامى ومن لم يبلغوا سن الرشد. أما في ما يتعلق بالمرأة، وهل لها أهلية التصرف، نعم فهي لها الأهلية، وأن يكون لها الحق الإشراف على أبنائها وتربيتهم، إلا أن الإشكال المطروح، هو أن الأحكام القضائية، تبنى على الوقائع، ففي المجتمع هناك ظلم تتورط فيه المرأة بحكم العاطفة، عبر منعها طليقها (الأب) من رؤية أبنائه بسبب خلافاتها معه، وهذا طبعا حيف، مع أن الله جعل الشراكة في تربية الأبناء، حتى بعد انحلال ميثاق الزوجية، من خلال التكافل والتضامن بين المرأة والرجل، رغم أن الأخير يتحمل القسط الكبير من المسؤولية، فهو الملزم بالنفقة على نقيض المرأة، فحتى ولو كانت موظفة غير ملزمة بها، كما أن الرجل يحمل تبعات تربية الأبناء ويتحمل مصروفهم وتمويلهم، لهذا فالمشرع المغربي عندما ينظر إلى هذه القضايا ينظر إليها في إطار الأهلية، والتي قال فيها القرآن "الرجال قوامون على النساء" ، من حيث إنفاق المال. قال جلالة الملك في خطابه أن مدونة الأسرة تقوم على التوازن، أي تمنح حقا للمرأة والرجل، وتراعي مصلحة الأطفال، في حين نجد العكس على أرض الواقع ، فلو أرادت الأم القيام بإجراء إداري لابنها تواجه بضرورة الحصول على إذن الطليق، كيف ترى هذا الأمر؟ > الجواب هو أن من مصلحة الطفل أيضا، أن لا يحرم من والده، ولهذا كنت ممن نادوا أنه في حدوث الطلاق، يجب عقد مجالس ترشيدية للزوجين، للتعريف بحقوقهم وواجباتهم ما بعد هذه المرحلة، لكن هذه المسألة الخلافية دفعت المشرع المغربي لاتخاذ مجموعة من القرارات، على اعتبار أن الزوج هو من يتحمل مسؤولية الإنفاق وتوفير كل المتطلبات المادية لأبنائه. الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ مصالح المكلفين منع القانون تزويج القاصرات ووضع شروطا محددة في الاستثناء، غير أن الملاحظ أن الواقع يؤكد غير ذلك؟ > هناك قاعدة في الشريعة الإسلامية تنص على أن الضرر يزال وأنها جاءت لحفظ مصالح المكلفين البالغين الصغارمن الإناث والذكور...، في ما يتعلق بزواج القاصرات أو الفتاة التي ليست لها أهلية فالنصوص التشريعية والقانونية واضحة في هذا الشأن، وبالمقابل هناك النصوص التراثية مثل زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بالسيدة عائشة في تسع سنوات ودخل بها في 11 سنة، العديد من الناس لا يفقهون أن عقد زواج القاصر في التاريخ الإسلامي لا يكون فيه الدخول إلى حين اكتمال البلوغ الجسدي، ومن ثم ليس له الحق في التعسف وإلا تعرض للمساءلة. مسألة أخرى يجب الوقوف عليها هو منح المرونة للقضاة في السلطة التقديرية للبت في هذه القضايا، مع وجود لجان لدراسة ملفات زواج القاصرات، على اعتبار أن البنيات الجسدية للقاصرات تختلف حسب المناخ، فالقاصر في المدينة ليست كتلك التي توجد في البادية.