تصدير المنتوجات الفلاحية يستنزف الماء وبركة يسابق الزمن للبحث عن حلول تعاني السدود جفافا حادا بسبب قلة التساقطات والتوحل، ما يهدد المدن الكبرى بالعطش، أو انقطاع الماء لفترات، خاصة في البيضاء والمحمدية، والرباط والصخيرات وسلا، وسطات، والجديدة، وآسفي، ومراكش وغيرها بحلول الصيف المقبل، إذا استمر استنزاف ماء السدود للفلاحة الموجهة إلى التصدير. وبلغت نسبة ملء السدود الرئيسية، إلى غاية الثلاثاء الماضي، 34 في المائة، مقابل 34.3 السنة الماضية، بسبب تراجع التساقطات المطرية إلى 50 في المائة بين 2021 و2022، وأقل من ذلك في 2023، بضياع ما يزيد عن 15 مليار متر مكعب مقارنة بسبعينات القرن الماضي. ودق عبد الحفيظ دباغ، الخبير في هندسة المياه والري، ناقوس الخطر بسبب تراجع المياه في السدود، وذلك خلال لقاء بثه "مركز السياسات من أجل جنوب جديد" على قناته في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تقلصت الفرشة المائية بحوالي مليار متر مكعب سنويا. وانتقد برلمانيون ما وصوفه "الاستغلال المفرط" للماء في الفلاحة، خاصة تلك التي يتم تصديرها، إذ يتم استغلال 80 في المائة من مياه السدود لهذا الغرض، ما يعني أن المغاربة يبيعون منتجات فلاحية والماء، وهم في أمس الحاجة إليه، ما يستدعي مراجعة السياسة العمومية لعملية التصدير التي تستنزف الماء وتتسبب في ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه في السوق الوطنية. من جهته، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان السلطات الحكومية إلى حصر المنتجات الزراعية المستنزفة للماء في لائحة لتقنين إنتاجها أو حظرها إذا اقتضت الضرورة، ومواجهة الإجهاد المائي الذي بلغ حوالي 51 في المائة في 2019، ما أثر على تزويد المدن الكبرى مثل البيضاء، ومراكش ووجدة، وضواحي الرباط، وغيرها من المدن، بالماء. وتوقع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرته فقدان 80 في المائة من الموارد المائية المتوفرة في غضون السنوات 25 المقبلة، وتراجع المياه إلى أقل من 500 متر مكعب لكل فرد بحلول 2030. ومن جهته، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى ضرورة استعمال المياه العادمة المعالجة في سقي المساحات الخضراء، وملاعب الكولف والمسابح، وترشيد استخدام المياه في المدن، بسبب استنزاف الفرشة المائية. واستمر كبار المسؤولين في ملء مسابحهم في ضيعاتهم الفلاحية، إذ أحصى المجلس الأعلى للحسابات أزيد من 130 ألف بئر استنزفت الفرشة المائية بدون رخصة بمختلف مناطق المغرب، ما جعل نزار بركة، وزير التجهيز والماء، يؤكد استمرار عملية "سرقة" ملايير الأمتار المكعبة من الماء بسبب انتشار الآبار غير المرخص لها بنسبة تتجاوز 91 في المائة. ويسابق بركة الزمن لأجل إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر، بدءا من البيضاء، التي تأخرت، علما أن السدود الكبرى تعاني التوحل، بما يقارب 40 سدا من أصل 140 سدا كبيرا وتتطلب ميزانية جديدة لتنظيفها، قد تساوي كلفة بناء سدود جديدة، إذ يضيع المغرب في أزيد من مليار متر مكعب سنويا بسبب التوحل، واستنزاف مليار متر مكعب إضافي من المياه الصالحة للشرب في سقي المساحات الخضراء والمسابح ، فيما تكلف عملية نقل مياه عبر قنوات من أماكن الوفرة إلى الأماكن التي تعرف شحا، 15 مليار درهم، وهو مبلغ مالي كبير يمكن استثماره لتشييد سد جديد أو تحلية مياه البحر. أحمد الأرقام