الطلب فاق العرض و20 في المائة من الراغبين في العمرة لم يتمكنوا من السفر بعد رفع الإجراءات الاحترازية التي فرضتها الجائحة، وفتح أجواء السفر إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة في شهر الصيام والقرآن، سجلت السعودية أرقاما قياسية للمعتمرين هذا العام، ما جعل الكثيرين يصفون هذا الموسم بـ "الاستثنائي".. من المدينة المنورة تنقل "الصباح" أجواء عمرة رمضان لموسم 1444... يوسف الجوهري (موفد الصباح إلى الديار المقدسة)- تصوير (تطوان ميديا) "كأنه موسم الحج وليس فقط عمرة في شهر رمضان"، هكذا صرح أحد المعتمرين لـ"الصباح" وهو يتابع حشود المعتمرين وقد غصت بهم شوارع المدينة المنورة خلال شهر رمضان. وحسب المصدر ذاته، وهو معتمر اعتاد السفر إلى المملكة السعودية لأداء العمرة سواء في شهر رمضان أو خارجه، كما سبق له أداء فريضة الحج، فإن "العمرة هذا العام تبقى استثنائية، ذلك أن الآلاف من المسلمين من شتى بقاع العالم توجهوا إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة في شهر رمضان"، ذلك أن "عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ حجة"... ويرى المصدر ذاته أن "التسهيلات التي وضعتها السلطات السعودية بتزامن مع شهر رمضان جعلت أعداد المعتمرين ترتفع، لتمحو صورة سنوات عجاف أصابت مواسم الحج والعمرة بسبب انتشار الجائحة"، ليضيف المصدر ذاته أن "تراجع حالات الإصابات وضعف فتك الفيروس بضحاياه جعل المعتمرين يقبلون على أداء العمرة في رمضان، حيث تسود الأجواء الروحانية بأداء الصلوات المفروضة وصلاة القيام والتهجد في رحاب البقاع المقدسة". وشكلت أعداد المعتمرين المغاربة، خلال هذا العام، بدورها ارتفاعا جعل الكثير من وكالات الأسفار تعجز عن تلبية جميع الطلبات التي تلقتها. انضباط وتنظيم لعل ما يشد الانتباه لدى كل معتمر خلال هذا الموسم هو "الاحترافية" الكبيرة، التي يشتغل بها السائرون على خدمة "ضيوف الرحمان"، ولعلها الملاحظة التي تجعل الاطمئنان يسود نفوس المعتمرين ويساعدهم على عيش الأجواء الروحانية التي يتوخونها من عمرتهم الرمضانية... فعلى مدار الساعة تظل بيوت الرحمان فاتحة أبوابها لاستقبال المصلين لأداء الفرائض أو النوافل، أو التهجد الذي سيبدأ في العشر الأواخر، وهي الأجواء التي تتاح للمعتمرين بالمدينة المنورة في المسجد النبوي الشريف. في هذا الفضاء الروحاني تسود حركة دؤوبة تنطلق بعد أداء صلاة العصر، لتبلغ ذروتها مع اقتراب أذان المغرب، ذلك أنه قبل دقائق من رفع الأذان تكون الأكياس البلاستيكية البيضاء قد فُرشت أمام صفوف المصلين على طول مئات الأمتار.. وأمام كل مصل يتم وضع "زاد الإفطار"، وما يكاد الآذان يرتفع معلنا (الله أكبر) حتى تمتد أيدي المعتمرين إلى الأكياس التي يجدون فيها قنينة ماء وكأس ياغورت "زبادي" من الصنف الذي تنتجه الشركة السعودية الرائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى التمر الذي يعتبر زاد الصائم وطعامه الأساسي عند الإفطار، إضافة إلى خبز لمن يفضل تناول الزبادي بالخبز". في المسجد النبوي الشريف يكسر المعتمرون الصائمون صيامهم بتناول ما يحتوي عليه كيس كل مصل، وما هي إلا دقائق معدودة حتى تكون لوازم الإفطار قد جمعت بدقة متناهية، فاسحة المجال أمام المصلين لأداء صلاة المغرب، وبعدها يكون المجال مفتوحا أمام من يرغب في إتمام إفطاره بما يحمله معه من مأكل، أو التفرغ للعبادة وقراءة القرآن، في انتظار رفع أذان صلاة العشاء. تعبد على مدار الساعة لا يكاد المسجد النبوي بالمدينة المنورة يفرغ من المصلين، فرغم شساعة هذا المسجد الشريف، فإنه يضيق، أحيانا بكثرة المصلين، الذين يلجؤون إلى سطحه في حال امتلأ فناؤه وباحته، وفي السطح وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، يعمل القيميون على شؤون هذه البقعة المقدسة على توفير "رشاشات" خفيفة تنعش مياهها الباردة الأجواء لتيسر تدبر وصلاة المعتمرين في شهر رمضان. طلب فاق العرض في ظل تسجيل بعض حالات عدم التزام بعض الوكالات السياحية بالتعهدات التي قطعتها مع زبائنها من المعتمرين، ذكر مصدر مطلع ل "الصباح" أن "موسم العمرة هذا الموسم استثنائي بجميع المقاييس"، ذلك أن "وكالات تفتقد للخبرة في تنظيم رحلات العمرة عملت على استخلاص رسومات مالية من الزبائن، لتجد نفسها، بعد ارتفاع أسعار تذاكر الطائرات والفنادق عاجزة عن تحقيق مبتغى المنخرطين لديها"، ولعل هذا ما وقعت فيه وكالات بتطوان و مراكش وغيرها من المدن لترتفع أصوات المحتجين للتنديد بما وقعوا فيه من "نصب". وفي هذا السياق صرح مسير وكالة أسفار، تتوفر على فروع بكل من تطوان، وطنجة والبيضاء، أن "الإقبال على عمرة شهر رمضان لهذا الموسم كان كبيرا"، إذ "فاق الطلب جميع العروض التي تتيحها وكالات الأسفار لزبائنها"، مؤكدا أن "حوالي 20 في المائة من الراغبين في أداء عمرة رمضان الموسم الحالي لم يتمكنوا من تحقيق رغباتهم"، مشيرا إلى أن "تذاكر السفر باتت عملة نادرة يتم البحث عنها بشق الأنفس دون التمكن من الحصول عليها". كما أشار المتحدث ذاته في تصريحه ل "الصباح" إلى أن "الإقبال الكبير على أداء عمرة رمضان 1444، كان استثنائيا، ما جعل أسعار تذاكر الطائرات تحلق عاليا، كما أن أسعار الفنادق بدورها ارتفعت بشكل كبير، خاصة بالمناطق القريبة من المسجد النبوي بالمدينة، أو بالحرم المكي، وهي الفضاءات التي تؤدى بها مناسك العمرة، في ظل موسم استثنائي ارتفعت فيه طلبات السفر صوب الديار المقدسة لأداء العمرة خلال شهر كريم يكثر فيه الإقبال على التعبد وقراءة القرآن". وأشار مصدر "الصباح" إلى أن أعداد المعتمرين من شأنها أن ترتفع بالتزامن مع الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان التي توصف بأيام "العتق من النار"، ذلك أن رسول الله (ص) يصف الشهر الكريم بأنه "شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار".