ارتفاع "الكريساج" والنشل والتهديد بالسلاح الأبيض خلال الشهر الكريم في الوقت الذي ينتظر فيه العديد من الأشخاص رمضان على أحر من الجمر لإعلان التوبة، والانخراط إما بشكل جدي أو مؤقت في أجواء الخشوع، من صلاة بالمساجد وأداء التراويح والصيام، إيمانا واحتسابا، والتصدق على الفقراء وإفطار الصائمين من عابري السبيل أو العمال والمستخدمين وحراس السيارات، فإن آخرين يعتبرون هذا الشهر فرصة العمر لتحقيق أرباح مالية غير مشروعة. ولأن الطمع في جمع المال بطرق سهلة أعمى بصيرة عدد من أفراد المجتمع، قرر نسوة ورجال تعطيل ضمائرهم واحتراف السرقة، إما بواسطة النشل أو التهديد باستعمال السلاح الأبيض، مستغلين الإقبال الكثيف على التبضع المرتبط بارتفاع منسوب الاستهلاك المفرط. ورغم أن أفراد المجتمع ينخرطون في عدد من المبادرات الدينية والاجتماعية والإنسانية ويحرصون على تبني سلوكات التسامح، إلا أن العديد من الأشخاص لا ينفكون عن التشكي من ارتفاع معدلات جرائم السرقة في رمضان، نتيجة لما بات يعرف ب"الترمضينة" التي تدفع الجانحين والمنحرفين إلى البحث عن المال بانتهاج طرق إجرامية، بهدف تدبر مصاريف اقتناء المخدرات التي يدمنون عليها وتفادي "القطعة" التي تتهددهم في حال بقائهم مكتوفي الأيدي، مستسلمين للبطالة ووضعهم المادي المزري، خاصة في زمن غلاء الأسعار الذي يتطلب مصاريف باهظة لتجهيز مائدة الإفطار بما لذ وطاب وتوفير ملابس العيد وغيرها من الحاجيات. وتعرف العديد من المدن والأقاليم انتشار ظاهرة السرقة من قبل لصوص الدراجات النارية، حيث تتم استهداف عاملات المصانع اللواتي يتوجهن إلى مقرات العمل في ساعات مبكرة وكذا استهداف تلاميذ وتلميذات المؤسسات التعليمية ومستعملي الهواتف المحمولة في الشارع، وكذا ركاب حافلات النقل الحضري التي تتميز بالازدحام الشديد. ويكفي المرء القيام بجولة سريعة بمجموعة من الأسواق، خاصة الشعبية منها، حتى يكتشف أنها أصبحت مكانا مألوفا للسرقة عن طريق النشل، إذ يتم استغلال الازدحام الشديد لاقتناء المواد الغذائية والخضر والفواكه أو لشراء الملابس، استعدادا لعيد الفطر، للقيام بالترصد للضحية المستهدف وسلبه محفظة نقوده بطرق احترافية، إما عن طريق تمزيق الجيب أو خطف حقيبة النساء، أو باستعمال أساليب الشعوذة وما يسمى بالسيطرة على العقول بـ"السماوي". ويلجأ بعض اللصوص إلى أساليب السرقة تحت التهديد بالأسلحة البيضاء، واستعمال العنف ضد الضحايا الذين يبدون مقاومة، أو بانتهاج طريقة "البراكاج"، مستغلين خلو مسرح الجريمة من المارة أو تحت جنح الظلام، بهدف إخافة الضحية، سواء كان رجلا أو امرأة، وسلبهم هواتفهم، وأموالهم ومجوهراتهم ، قبل الاختفاء إلى وجهة مجهولة على متن الدراجات النارية السريعة، خاصة من فئة "سي 90"، أو تلك الفاخرة التي يتم فيها التمويه على المصالح الأمنية والضحية على أن صاحبها ليس جانحا وإنما من فئة الميسورين، قبل أن يجد الشخص نفسه ضمن نادي "ضحايا لص محترف". والمثير في ظاهرة السرقة في رمضان تورط فئة القاصرين والنساء في "الكريساج" بالخطف باستعمال الدراجات النارية، أو التهديد بالسلاح الأبيض أوالنشل بتعقب النساء اللواتي يعتقدن أن المرأة التي تزاحمهن من الجنس اللطيف، دون أن يدركن أنها لصة استغلت صفتها الأنثوية لاستهدافهن دون إثارة الانتباه. وبخلاف ما كان معروفا حول تداول أفراد المجتمع للنقط السوداء التي تشهد جرائم السرقة، فإنه لم يعد هناك فرق بين حي شعبي وآخر راق، فمعظم الفضاءات أصبحت تعاني شبح السرقة التي ترتكب على مدار الساعة، وتشتد في الساعات الأولى في الصباح وأوقات الذروة والاستعداد لاستقبال العيد. محمد بها